الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لم تتوقف منذ نهاية السبعينات بل اعتاد اللبنانيون على سماع أزيز الطائرات الحربية الإسرائيلية وهي تحلق في سماء لبنان على مسمع ومرأى من جميع دول العالم وفي خرق واضح لكل الاعراف والمواثيق الدولية ورغم الاعتداءات المتكررة والمتواصلة من اسرائيل على الاراضي اللبنانية وما كبدته شعب واقتصاد لبنان من خسائر على مر تلك السنين ولا تزال الا ان اللبنانيين ومن خلفهم العرب وكل محب للسلام لن ينسوا أبدا مجزرة قانا تلك المجزرة التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية في اطار عملياتها الحربية التي اسمتها (عناقيد الغضب) التي بدأتها يوم 11 نيسان/ ابريل عام 1996م. تلك المجزرة التي قضت على اكثر من مائة لبناني وجندي من افراد القوات الدولية كانوا جميعا يحتمون تحت مظلة الاممالمتحدة في بلدة قانا اللبنانية. العدوان الاسرائيلي او ما اسمته عمليات (عناقيد الغضب) بدأ فجر يوم الخميس 11/4/1996م بغارة شنها العدو على مدينة بعلبك ومن ثم اتسع العدوان ليشمل اقليم التفاح ليمتد الى الضاحية الجنوبية من العاصمة بيروت ووادي كفر حتى ليلحق الطيران الحربي الاسرائيلي في أجواء وسط بيروت ليتواصل بعد ذلك تحليق المقاتلات الاسرائيلية فوق العديد من مدن وقرى وبلدات لبنان في ذلك اليوم. ولم يشهد التاريخ الانساني مثيلا لهذه المذبحة في بشاعتها ووحشيتها وفي خرقها لكل القوانين واستباحتها لكل الاعراف منذ اقدم العصور البشرية وحتى الآن. ولم تتوقف المجزرة عند حد القتل بل دمر العدوان الاسرائيلي 57 خطا للمياه و72 شبكة كهرباء و102 شبكة هاتف,, كما اصاب العدوان 124 طريقا كليا وجزئيا. وحسبما ذكر تقرير للأمم المتحدة حينئذ فقد تم تدمير 99 مؤسسة صناعية وحرفية الى جانب اصابة 1420 محلا ومستودعا باضرار والحاق خسائر باثنتين وخمسين مزرعة و277 سيارة. واصابت العمليات الاسرائيلية في الجنوباللبناني طبقا لهذا التقرير 51 بلدة بأضرار متوسطة و17 بلدة باضرار كبيرة و17 اخرى باضرار فادحة وذلك من بين 159 بلدة تضمها المنطقة. واشار التقرير ايضا الى تدمير 7201 وحدة سكنية من بينها 5718 وحدة اصيبت بتدمير جزئي و1052 وحدة بتدمير متوسط و420 وحدة دمرت تدميرا كاملا. لقد مارست اسرائيل في مذبحة قانا ارهاب الدولة ضد المدنيين العزل في لبنان بل ان المقبرة الجماعية في البلدة الواقعة بجنوبلبنان تعتبر رمزا وشاهدا على همجية اسرائيل,, تلك المقبرة التي قررت الهيئات السياسية والاجتماعية في جنوبلبنان في تلك الفترة اقامتها لدفن مائة ضحية سقطت دفعة واحدة بسبب العدوان الاسرائيلي والقصف المدفعي الهمجي. والحقيقة الواقعة تتمثل في ان هناك فرقا شاسعا بين الحق المشروع للمدنيين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وبين ما يوصف بعمليات الارهاب,, فممارسة المقاومة في رأي المراقبين حق مشروع في كفاحها المسلح ضد اسرائيل بل واجب يكفله القانون الدولي ويحميه ولكن ما تقوم به اسرائيل ضد الشعب اللبناني هو الارهاب بعينه وانتهاك بل خرج على ابسط مبادئ القانون الدولي ومبادئ الانسانية. وتواصل العدوان الاسرائيلي في الايام التالية وسط صمت دولي مرعب وفي ظل استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان شد اللبنانيون الرحال من المدن والقرى والبلدات التي كانت هدفا للمقاتلات الاسرائيلية بحثا عن مأوى لهم يقيهم شر العدوان الصهيوني ويحفظ لهم ارواحهم بإذن الله تعالى,, من هؤلاء لجأ الى القوات الدولية التي ترابط في لبنان اعتقادا منهم ان مظلة الاممالمتحدة هي آمن مكان يقيمون فيه حتى تنقشع الغمة وينتهي العدوان,,, ولكن ماذا حدث لهم وماذا خبأ لهم القدر. (مجزرة قانا التي أذهلت العالم وحركت الضمير لوقف العدوان). في اليوم الثامن لبدء عمليات (عناقيد الغضب) الاسرائيلية كان العالم على موعد لحدث مأساوي يكشف المزيد عن الوجه الحقيقي للاسرائيليين حيث تحول العدوان البري والبحري والجوي على نصف الاراضي اللبنانية الى غضب عارم في الرأي العام العالمي بسبب المجزرة التي ارتكبتها القوات المعتدية حينما قصفت المقاتلات الاسرائيلية مجمعا للقوات الدولية في قانا كان يقيم فيه لاجئون لبنانيون هربوا من جحيم ونار الغارات الاسرائيلية لكن لم يدر بخلدهم ان الجحيم الاسرائيلي يطاردهم في كل موقع ليسقط نتيجة ذلك أكثر من مائة قتيل ما بين لبناني وجنود تابعين للأمم المتحدة,, مجزرة قانا التي هزت اركان العالم باكمله وقف بأسره مذهولا لحصول تلك المذبحة لم تحرك في شيمون بيريز وجنرالاته ذرة من الانسانية بل راحوا يصعدون من عدوانهم على لبنان ضاربين عرض الحائط التنديدات والاستنكارات العالمية قبل العربية,, الكل حركت فيه الجثث المتناثرة للأطفال والنساء قبل الشيوخ والمسنين مشاعر الحزن والاسى (بيريز واعوانه الصناديد الذين برروا المجزرة بكل صلافة واستخفاف بأنها جاءت ردا على اطلاق صواريخ الكاتيوشا على شمال اسرائيل من جنوبلبنان,, وهذا تبرير اقل ما يقال عنه انه تبرير الجبناء القابعين خلف النساء والاطفال,, والا ما ذنب اولئك اللاجئين الذين فروا من جحيم المقاتلات والبارجات الاسرائيلية الى مكان آمن يستظلون فيه من حرارة ولهيب الغارات الاسرائيلية؟ لقد اذهلت المجزرة العالم بأسره الذي وقف مشدوها امام شاشات التلفزيون ليرى الاشلاء ممتزجة بعضها ببعض متسائلا عن حقوق الانسان التي اقرتها المواثيق الدولية ويتشدق بها الغرب عبر منظماته التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الانسان. ان عملية الغضب وبالتحديد بعد مجزرة قانا جندت الدبلوماسية العالمية لوقف العدوان الاسرائيلي. فقد قاد الرئيس الفرنسي جاك شيراك تحركا دبلوماسيا واسعا تمثل في الاتصالات التي اجراها مع رؤساء الدول الكبرى واوفد وزير خارجيته في جولة مكوكية في الشرق الاوسط لوقف العدوان,, كما دخلت روسيا وايطاليا وطرحت المبادرات الواحدة تلو الاخرى الا انها كانت تصطدم بموقف الولاياتالمتحدة التي كانت ترفض اي ادانة علنية وصريحة لاسرائيل,, هذا الموقف الامريكي أكد وقوف واشنطن وتأييدها للعدوان الاسرائيلي بل واعطاءها الضوء الاخضر لاسرائيل لتنفيذ عملياتها الحربية في لبنان. ودخلت الولاياتالمتحدة على خط الجهود الدولية لوقف العدوان الوحشي الاسرائيلي على لبنان عبر الجولات المكوكية التي قام بها وزير الخارجية الامريكي آنذاك وارن كريستوفر, وفسر المراقبون التحرك الامريكي بانه وضع في نصب عينيه الانتخابات الاسرائيلية والانتخابات الامريكية التي باتت على الأبواب في ذلك الوقت,, حيث كان هم كريستوفر اظهار شيمون بيريز بمظهر القائد المنتصر الذي حقق اهداف حملته العسكرية في لبنان,, واظهار كلينتون بانه الحليف الاقوى المخلص الى أبعد الحدود لاسرائيل في محاولة لكسب اصوات اليهود المؤثرين في الانتخابات الامريكية. لذا جاءت تحركات كريستوفر مغلفة ومطبوعة بطابع اسرائيلي محصن فكان كل هدفه هو تحقيق اهداف اسرائيل المبطنة من عملية عناقيد الغضب التي كان هدفها الاسرائيلي المعلن هو انهاء حزب الله ولكن اسرائيل بعملياها الحربية التي تجاوزت الجنوب لتطال كل ارجاء لبنان كشفت عن اهدافها الحقيقية التي سنعرض لها في هذا التقرير. (لبنان يطلب اجتماعاً استثنائياً للأمم المتحدة) رغم تطاول اسرائيل باعتداءاتها السافرة على سيادة لبنان الا ان اللبنانيين حكومة وشعبا ظلوا متماسكين ومتشبثين بوحدتهم وبمواقفهم الرافضة للاستسلام والرضوخ للشروط والاهداف الاسرائيلية من عمليات عدوانها وبما ان لبنان البلد الضعيف عسكريا الذي لا يستطع ان يجاري القوى العسكرية الاسرائيلية التي سخرتها للاعتداء على العرب فقد توجه اللبنانيون الى الامم المحدة متجاوزين بذلك مجلس الامن الدولي الذي رأوا انهم لن يخرجوا منه بقرار لصالحهم بسبب حق النقض (الفيتو) الذي يعترض اي قرار لا يلبي مطالب الدول او الدولة ذات العضوية الدائمة,, وجاء الطلب اللبناني بعقد اجتماع استثنائي للجمعية العامة للامم المتحدة. ويرى المراقبون ان تبني الحكم اللبناني لاقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة الجمعية العامة للامم المتحدة للانعقاد في دورة استثنائية للبحث في العدوان الاسرائيلي كان من الاهمية بمكان كونه يمثل سلاحا متقدما لمواجهة الفيتو الذي تصطدم به قضايا الشعوب,. صحيح ان اي قرار قد تتوصل اليه الجمعية العامة للامم المتحدة لن يكون لديه الثقل فيما لو صدر من مجلس الامن ولكن مع هذا يبقى عقد الجمعية استثنائيا مهما لاسباب عديدة لعل ابرزها: 1 التعبير عن عدم قدرة مجلس الامن الدولي على معالجة القضايا الدولية وتحول المجلس الى هيئة تديرها الولاياتالمتحدة. 2 تمسك لبنان بالوسائل السلمية لحل مشكلاته باعتبار ان افلاسه من المراهنة على موقف رادع من مجلس الامن لم يمنعه من استمرار المراهنة على دور ما للأمم المتحدة. 3 بعض المراقبين اعتبروا القرار اللبناني بالاحتكام الى الجمعية العامة اللامم المتحدة بمثابة دبلوماسية يشنها لبنان على الاستئثار الامريكي بمجلس الامن الدولي. 4 ان مجرد التئام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورة استثنائية يعني ان دول العالم في جانب القضية المطروحة على جدول الاعمال وفي هذا كسب دولي مهم للبنان. 5 ان انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة استثنائيا هو بحد ذاته امر في غاية الاهمية نظرا لندرة اللجوء الى مثل هذا الاجراء في تاريخ المنظمة ولم يقتصر الدور اللبناني على هذا النحو بل كان لدبلوماسييه تحركات لم تهدأ واتصالات لم تنقطع طوال فترة العدوان حيث جاب رئيس الوزراء آنذاك رفيق الحريري العالم طولا وعرضا ولا سيما الدول ذات الوزن والثقل الدولي والمحبة للسلام بغية دخولها دبلوماسيا في خط المواجهة لوقف العدوان. ووضحا جليا ان واشنطن ولندن كانتا في قلب العملية العسكرية الاسرائيلية التي حملت عنوان عناقيد الغضب وتعددت اسبابها واهدافها حيث كانت وراء تأمين الغطاء السياسي والدولي لهذا العدوان وقد تجلى ذلك من خلال الفيتو الذي مورس من قبلها في مجلس الامن الدولي للحؤول دون اصدار موقف يدين العمل العدواني الذي جاء تحت ذريعة ضرب (حزب الله) وتقويض بنيته العسكرية ومؤسساته كرد على الاستمرار في اطلاق الكاتيوشا. ان استهداف حزب الله لم يكن في محله نظرا لعدم حصول مواجهات على غرار تلك التي حصلت في تموز (يوليو) 1993م اذ اكتفت اسرائيل بشن اجتياح ناري من الجو والبحر والبر ادى الى احراق وتدمير العدد الاكبر من المنازل في عدد من القرى وألحق الضرر في البنية التحتية لقطاع الخدمات في الحقل العام وبالاخص في قطاع الكهرباء الذي مني باضرار فادحة,, مما اعاد اللبنانيين الى الاعتقاد وكأنهم ما زالوا يعيشون تحت وطأة الحرب الاهلية التي انتهت منذ سنوات عدة. ان لجوء تل أبيب في معرض تبرير عدوانها الى رفع لافتة حزب الله كقوة عسكرية وسياسية وحيدة يستهدفها العدوان الذي بلغ من شراسته ما لم يبلغه أي عدوان آخر على امتداد السنوات المنصرمة منذ الاجتياح للبنان في حزيران (يونيو) 1983م بهدف كسب تأييد الرأي العام العالمي وبالتحديد الغربي منه لم يؤخذ في مقابل استهداف القرى في كل الجنوب من تدمير الى تشريد الى تقطيع اوصالها وتهجير السكان على نحو ينذر بتحويله الى منطقة للعمليات العسكرية محمية بغطاء ناري كبديل عن توسيع رقعة الشريط الحدودي. الأهداف الحقيقية للعدوان الإسرائيلي على لبنان اتفاق تموز 1993م الذي تم بمساع امريكية وحمل ايضا اسم (اتفاق كريستوفر) وزير خارجية الولاياتالمتحدة نص كما هو معروف على ان تتجنب اسرائيل قصف المدنيين اللبنانية واستهدافهم في الجنوب والبقاع الغربي، في مقابل ان تتجنب المقاومة استهداف المدنيين الاسرائيليين في شمال فلسطين وتم احترام هذا الاتفاق من الطرفين طول هذه المدة باستثناء بعض الخروقات المتفرقة. وفي هذه الاثناء وقع حدثان كبيران داخل اسرائيل زعزعا الموازين القائمة: الاول هو اغتيال اسحق رابين رئيس وزراء اسرائيل، على يد ارهابي اسرائيلي متطرف، يعامل في سجنه وكأنه يقيم في فندق من خمس نجوم، ويحضر جلسات محاكمته باسما ومسترخيا، ويجيد المزاح الكافي لتبادل النكات مع حراسه وحتى مع هيئة المحكمة . والحدث الثاني هو قيام المقاومة الفلسطينية بسلسلة من العمليات الفدائية التي اوقعت عددا كبيرا من القتلى والجرحى الاسرائيليين واحدثت تصدعا وشرخا عميقا في الواقع السياسي والنفسي داخل اسرائيل وهذه العمليات حملت مخاوف عميقة لحزب العمل الحاكم ولرئيس الحكومة شمعون بيريس وللادارة الديمقراطية في الولاياتالمتحدة وللرئيس كلينتون. وسبب هذه المخاوف لدى بيريس وحزبه هو ان العطف الشعبي الذي انصب على حزب العمل بعد اغتيال رابين ظاهرة احتجاج على ارهاب المتطرفين الاسرائيليين اخذ ينحسر بعد العمليات الانتحارية الفلسطينية، وحصل نوع من التحول في المزاد الشعبي الاسرائيلي العام وفق مقولة لا يفل الحديد الا الحديد، ولا يقاوم العنف الفلسطيني الا العنف الاسرائيلي. اما سبب المخاوف لدى الادارة الامريكية فهو ان فشل حزب العمل في انتخابات الكنيست (البرلمان) سيعرض العملية السلمية الجارية مع العرب الى الفشل, في حين ان ادارة كلينتون تراهن على التوصل الى سلام، او اتفاق اولي للسلام مع سورياولبنان من جهة واسرائيل من جهت ثانية قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة خلال شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل من هذه السنة لتوظيف هذا الانجاز في حملة التجديد للرئيس كلينتون. ومع اتجاه شعبية بيريس الى الانخفاض في اوساط الناخبين الاسرائيلية كما اشارت الى ذلك استطلاعات الرأي سارعت الادارة الامريكية الى الدعوة لانعقاد قمة شرم الشيخ، وكان الاعتقاد السائد للوهلة الاولى ان هذه القمة ما هي الا مهرجان انتخابي دولي هدفه اعادة خط الاستطلاعات الى الصعود لمصلحة بيريس اولا، وكلينتون لاحقا. ويبدو ان اهداف قمة شرم الشيخ كانت ابعد مما تصوره بعض المشاركين فيه، خصوصا من العرب واتضح ان المؤتمر الذي كان القصد الظاهري منه ان يكون مؤتمرا لصانعي السلام لم يحد عن هدفه الاصلي المضمر وهو توجيه كل الاسلحة في اتجاه ما يسمى بالارهاب وفي القامومس الامريكي الاسرائيلي، للارهاب اسم واحد في الخارج هو حزب الله واسم واحد في الداخل هو (حماس) واذا كانت القوات الاسرائيلية بالتوافق مع شرطة ياسر عرفات قد تكللت بتدمير البنية التحتية لحماس بحملات يومية في فلسطينالمحتلة فكيف السبيل الى تصفية حزب الله . وكان الحل في نظر امريكا واسرائيل هو تكرار الاسلوب الذي اتبع في الضغط على بيروتولبنان ككل في اجتياح العام 1982م لاخراج عرفات وقواته الفلسطينية من البلد وقذفهم في الشتات ، غير ان الهدف يختلف هذه المرة وان يكون الاسلوب هو نفسه واسرائيل تعرف وكذلك امريكا انها عاجزة عن تدمير البنية التحتية لحزب الله فضلا عن انها لا تستطيع المطالبة باخراج حزب الله من البلد ليس فقط لأنه (ابن البلد) بل لأنه اصبح (هو البلد) ايضا من زاوية تمثيله لارادة مقارعة الاحتلال والعمل على اجلائه من الارض المحتلة. وهكذا حددت اسرائيل هدفا اكثر تواضعا هو ضمان سكوت الكاتيوشا عن الجليل في مقابل وقف العدوان على بيروتوالجنوب والبقاع الغربي! والعدوان الاسرائيلي الجديد ينطوي ايضا على هدف ابعد هو محاولة ارهاب الموقف السوري اللبناني والعمل على تطويعه وتليينه لتقديم تنازلات لمصلحة اسرائيل لاحقا عند استئناف المفاوضات بعد انتهاء الانتخابات الاسرائيلية، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة (المنتصر الاكبر) المفترض شمعون بيريس. والدليل على ذلك ان السلوك الاسرائيلي تغير بعد قمة شرم الشيخ مباشرة، وظهر هذا التغيير في زرع عبوات ناسفة اسرائيلية على طرقات جنوبية لا يسلكها الا المدنيون, هكذا حدث في ياطر فضاء بنت جبيل عندما ادى انفجار عبوة اسرائيلية الى مقتل فتى واصابة اثنين اخرين,, وكانت هذه الحادثة تحديدا هي بداية التصعيد الذي نشهد فصوله اليوم، فردت المقاومة بقصف مستعمرات الجليل الاعلى، واتخذت اسرائيل من رد فعل المقاومة هذا، ذريعة للقيام بحملتها العدوانية الراهنة تحت الشعار القديم الذي كان يرفعه بيغن وشارون والليكود، وتحول الآن الى شعار يرفعه بيريس وباراك وحزب العمل وهو ان امن الجليل من أمن بيروت !! الرهان الغربي على ضرورة عودة بيريز على رأس السلطة في نهاية الانتخابات الاسرائيلية لم يتراجع، وان الادارة الامريكية حاولت ان ترمي بكل ثقلها من خلال الاستنفار الدولي والغربي الذي رعاه شخصيا الرئيس الامريكي بيل كلينتون لتعويم رئيس وزراء اسرائيل ، وانه كان لفرنسا وعدد من الدول العربية دور في ضبط الانجراف الاسرائيلي في قمة شرم الشيخ مما حال دون قيام تل ابيب بهجوم كانت تعد له منذ اسابيع. لقد تأجل االهجوم الاسرائيلي بفضل التدخل الفرنسشي والمصري لدى الرئيس كلينتون حتى لا يفسر من قبل سورية بأن هناك خطة لاضعاف موقفها تظهر نتائجها تدريجيا مع استئناف محادثات السلام لا سيما ان الخطة تحدثت صراحة عن اضعاف التيارات الاصولية في فلسطينالمحتلة وتولاها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالتنسيق مع اسرائيل، كما تحدثت عن نزع سلاح (حزب الله) ووقف عمليات المقاومة. الا ان الوضع سرعان ما تدهور في جنوبلبنان من دون سابق انذار لتبدأ حرب جديدة قد تكون اقسى من الحروب السابقة التي خاضتها اسرائيل في ظل الدعم العلني الذي وفرته وتوفره واشنطن للعدوان الاسرائيلي، ذلك ان تل ابيب وبلسان بيريز ربطت امن الجليل بأمن بيروت واصرت على وقف العمليات العسكرية من جانب حزب الله. العدوان الاسرائيلي اوحى بأن حزب الله هو المستهدف الوحيد,, وقد تبين في الساعات الاولى من بدء الحرب ومن خلال تفريغ الجنوب وضرب البنى التحتية التي اصابت محطات الكهرباء في محلتي الجمور وبصاليم، ان تل ابيب ستحاول الضغط في كل الاتجاهات ليس لوقف عمليات المقاومة فحسب وانما لنزع سلاح حزب الله من دون ان يغيب عن بالها توجيه رسالة عسكرية الى سورية من جراء التعرض لموقع سوري يقع على مقربة من مطار بيروت الدولي. الا ان المواجهة طاولت كل شيء ما عدا (حزب الله) مما يعني ان العدوان ابعد من تعويم بيريز وهو يحاول العودة بالبلد الى اجواء الحرب وضرب كل امكانات المنافسة التي يعد لها لبنان ليكون له دور في حال اخذ السلام الشامل والمتوازن طريقه الى التطبيق ان ما حصل على طول خط (التوتر العالي) الممتد من الجنوب الى البقاع مرورا بالضاحية واجوء العاصمة يكشف النقاب عن ان الهدف الاسرائيلي هو ابعد من ضرب الحزب وتقويض ماكينته العسكرية يستهدف تدمير المقومات الاساسية للبنان، مما اضطر وحسب معلوماتنا، الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي كان قد استقبل الرئيس الحريري الى التدخل والطلب مباشرة من تل ابيب بواسطة وزير الخارجية الفرنسي وقف ضرب البنى التحتية. تل ابيب ارادت ان تقوض الحلم اللبناني في خوض عملية النهوض ليكون البلد على اهبة لاستعداد لمواجهة تحديات السلام في حال رأى النور او لضمان الوقوف على قدميه ليؤمن حالة دائمة من الصمود في وجه الضغوط التي ستنصب عليه من اجل تطويع موقفه واجباره على القبول بالشروط الاسرائيلية للسلام الذي تريده,واعتبر المرجع اللبناني ان اركان الدولة ادركوا منذ الوهلة الاولى ان للعدوان اهدافا ابعد من ضرب حزب الله وربما ستسعى تل ابيب الى جر لبنان لاتفاق سلام منفرد على قاعدة الضغط عليه لدفعه الى فك ارتباطه بالمسار السوري، وبالتالي للموافقة على ترتيبات امنية تؤدي الى تكريس الاحتلال كأمر واقع من جهة والى حرق ورقة المقاومة ومنع لبنان من توظيفها في المفاوضات. وبكلام آخر، فإن المرجع اللبناني رأى ان استهداف لبنان يعني استهداف سورية واضعاف موقفها وهذا ما برز بشكل واضح من خلال الرغبة الظاهرة للعلن التي ابدتها واشنطن وتل ابيب على السواء, لجهة الغاء الدور الوسيط لسورية الذي برز في تموز (يوليو) عام 1993م حيث كان لها دور في التوصل الى التفاهم الذي اوقف الحرب الاسرائيلية. اسرائيل ارادت ان تستدرج سورية من خلال ضرب الموقع العسكري السوري على طريق الأوزاعي المطار، لتوحي بانها الطرف الاول في الحرب، وربما لم تقدم على ذلك الا بالتنسيق مع واشنطن ومن اجل التعاطي معها على انها معنية مباشرة بالحرب. اسرائيل رفعت من سقف المطالب للعدوان، وهذا ما دفع حزب الله، وبدعم سوري وايراني الى استخدام الكاتيوشا باعداد لافتة للنظر وذلك لشعور دمشق بأن تل ابيب تريد تحقيق مكاسب سياسية تفوق الهدف المرسوم بحصر العدوان بإنهاء الحزب. ان العدوان لم يكن سوى (حرب اقليمية) تداخلت فيها اطراف متعددة حاولت عبرها واشنطن الضغط على لبنان من خلال الرسائل التي حملها سفيرها في بيروت وريتشارد جون الى المسؤولين اللبنانيين وانطوت على لهجة تصعيدية غابت عنها التعابير الدبلوماسية او الدعوات لضبط النفس والتهدئة على غرار الرسائل التي كانت تبعث بها في السابق ازاء تصاعد حدة المواجهة في الجنوب. واشنطن بعثت برسائل تحذيرية للبنان وحاولت ان تتوجه للحكومة في منأى عن دمشق لتحميلها مسؤولية التدهور وهذا ما حض رئيس الحكومة على القيام بجولة عربية اوروبية شملت فرنسا ومصر والمغرب وبريطانيا والمملكة العربية السعودية اضافة الى سورية رغبة منه في استخدام كل اشكال الدعم لتأمين توازن يدفع بواشنطن الى معاودة لنظر في موقفها الداعم بلا شروط لتل ابيب وهو الذي عبرت عنه بوضوح عبر تصريحات كبار المسؤولين الامريكيين. وترافق العدوان الامريكي مع انقطاع للاتصالات الامريكية السورية التي لم تسترد حرارتها الا بعد انقضاء ثلاثة ايام من بدء العدوان في وقت كان يجول الرئيس الحريري على عدد من العواصم الغربية والعربية. وبالفعل فإن الرئيس الحريري نجح عبر جولته التي تزامنت مع تحرك مدروس للوزير بويز في استقدام تحرك فرنسي عربي كان وراء استدراج واشنطن للاعلان عن نيتها اطلاق مبادرة لوقف اطلاق النار. وهناك من يؤكد ان واشنطن كانت تفضل الاكتفاء بمراقبة الوضع على الارض وقامت بأكثر من محاولة لجس نبض الحكومة اللبنانية لمعرفة مدى استعدادها للتسليم بالشروط الامريكية الاسرائيلية المشتركة ولم تقرر التحرك الا بعدما اعلمها الرئيس شيراك بوجود رغبة لديه في ايفاد وزير الخارجية الى المنطقة. حتى ان احد الرؤساء قال في حديثه امام زواره بأن التحرك الفرنسي استدرج واشنطن لتسريب معلومات حول ما سمي الورقة الامريكية وان كنا لم نسقط من حسابنا بأن الادارة الامريكية ربما اطلقت مبادرتها لنقوم برفضها من اجل تبرير مواصلة العدوان، وهذا ما دفعنا الى التعاطي معها بانفتاح بالرغم من الافخاخ التي زرعت في اكثر من بند من البنود التي تسلمها لبنان. واكد احد الرؤساء ان الرد الاولي اللبناني على المبادرة الامريكية تضمن اشارة صريحة الى عدم قبول الورقة المؤلفة من 7 نقاط كما وردت الى الحكومة، وقد اشترط الغاء بعضها وتعديل البعض الآخر حتى لا تنتهي الى (ترتيبات امنية) تؤدي الى تشريع الاحتلال وتضييع القرار 425، على خلاف المبادرة الفرنسية التي ايدتها دمشقوبيروت وطهران التي دخلت على خط التطورات المتسارعة واعلنت رفضها ورفض الحزب للورقة الامريكية, واوضح احد الرؤساء ان دخول فرنسا على خط التحرك بدعم عربي تجلى في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية الذي اعقبه لقاء خماسي في القاهرة ضم وزراء خارجية مصر وسورية ولبنان والسعودية الى جانب نظيرهم الفرنسي كل ذلك بهدف اقامة توازن بين المبادرة الفرنسية والورقة الامريكية على امل التوصل الى ورقة مشتركة تتولى باريس وواشنطن التعهد بمراقبة تطبيقها. واضاف: ان التحرك الفرنسي الذي جاء بالتفاهم مع واشنطن ازعج الادارة الامريكية وتل ابيب لدخول باريس بثقل سياسي ومعنوي تلازم مع بدء وصول المساعدات الفرنسية الى لبنان، وهي لم تكن عادية بل ركزت على اعادة تأهيل محطات الكهرباء التي اصيبت باضرار كبيرة. (عناقيد الغضب تنتهي بتفاهم نيسان/ أبريل) ونتيجة للتحركات الامريكية من جهة والفرنسية من جهة اخرى توصلت جميع الاطراف الى صيغة توفيقية تنهي العدوان الاسرائيلي على لبنان عرف باسم (تفاهم نيسان/ ابريل) الذي اعلن بالتزامن من بيروت وتل ابيب حيث تبنت الولاياتالمتحدة اعلان الاتفاق من تل ابيب من خلال وزير الخارجية آنذاك وارين كريستوفر فيما تولت فرنسا اعلانه من بيروت عبر وزير خارجيتها. وعلى الرغم من اتفاق تفاهم ابريل الا ان قوات الاحتلال الاسرائيلي تواصل بين الحين والآخر قصف قرى الجنوباللبناني وسكانها العزل, وقد استهدف هذا الاتفاق بالدرجة الاولى حماية المدنيين على جانبي الحدود وعدم تعريض المناطق الآهلة للقصف,, وهو يسمح لاسرائيل وقوات حزب الله في لبنان بشن عمليات ضد اهداف عسكرية,غير ان الاتفاق يحظر توجيه أية هجمات ضد الاهداف المدنية في شمال اسرائيل ولبنان عموما. ويشير المراقبون الى ان القوات الاسرائيلية تتذرع لتبرير خروقاتها للاتفاق بملاحقة رجال المقاومة وقصف مراكزهم غير ان المقاومة اللبنانية تؤكد دائما حقها المشروع الذي كفله تفاهم ابريل على ان تكون عملياتها داخل الشريط الحدودي المحتل وهو ما تلتزم به بالفعل. وامام عجز قوات الاحتلال عن وقف أعمال المقاومة في مناطق احتلالها فقد عمدت الى اسلوبها الانتقامي بقصف المناطق الواقعة خارج الشريط المحتل والمحاذية له كما انها لا تتورع في سبيل الارهاب عن استهداف المناطق المدنية والاهلية بل تعلن بين الحين والآخر عن مواعيد للانسحاب من الجنوباللبناني وآخرها هو يوليو القادم فهل تصدق اسرائيل هذه المرة رغم أكاذيبها المستمرة,,؟ اذا كانت قيمة الاضرار التي لحقت بمحطتي كهرباء الجمهور وبصاليم من جراء القصف الاسرائيلي، قدرها وزير الموارد المائية والكهربائية ايلي حبيقة بحوالي 60 مليون دولار فإن هذه الخسائر هي جزء ضئيل من الخسائر الفادحة التي لحقت بالاقتصاد اللبناني نتيجة الاعتداء الاسرائيلي الاخير وغاراته المتكررة سواء كان ذلك من الاضرار المباشرة وغير المباشرة التي تقدر بمئات ملايين الدولارات وتقوم حاليا لجنة مشتركة من وزارة المال ومجلس الانماء والاعمار باتصالات مع المؤسسات والادارات العامة لاحصاء هذه الاضرار ووضع تقرير مفصل بها. اضافة الى الاضرار التي اصابت البنية التحتية من محطتي تمويل الكهرباء، وبعض المنشآت العامة من طرقات وجسور ومبان، هناك خسائر كبيرة لحقت الاقتصاد الوطني نتيجة الشلل الكبير الذي اصاب مختلف القطاعات، ويمكن تقدير هذه الخسائر من خلال عملية حسابية للناتج الوطني البالغ تسعة مليارات دولار سنويا، وعلى اساس 300 يوم عمل في السنة فتكون النتيجة نحو 30 مليون دولار يوميا، او اكثر من مئاتي مليون دولار اسبوعيا. ويمكن تحديد اهم الاضرار على الشكل الآتي: اضرار تجارية نتاتجة عن الحظر الذي فرضته اسرائيل على المرافئ اللبنانية وتأخير ادخال البواخر، الامر الذي ادى الى شل حركة مرفأ بيروت وتقليص عدد البواخر من 12 باخرة الى ثلاث بواخر يوميا، ونتج عن ذلك اضرار لحقت بخزينة الدولة بسبب خفض الواردات والرسوم في المرفأ بنحو مليوني دولار يوميا، فضلا عن الاساءة الى سمعة المرفأ الخارجية وتحول السفن الى المرافئ المجاورة مع العلم ان مرفأ بيروت استطاع خلال السنوات الاخيرة استعادة نشاطه السابق ليكون بين المرافىء المنافسة في منطقة البحر المتوسط. اضرار ناتجة عن توقف الانتاج في عدد كبير من المصانع والمؤسسات الانتاجية من زراعة ومصارف وبناء وسياحة وغيرها. اضرار ناتجة عن توقف العمل في تنفيذ الاعمار، خصوصا ما يعود منها الى البنية التحتية،و من هذه المشاريع مشروع المدينة الرياضية الذي توقف العمل فيه بقرار من الشركة البريطانية الملتزمةو حتى اشعار آخر. اضرار نتاجة عن شل الحركة في مطار بيروت الدولي، والخسائر التي اصابت شركة طيران الشرق الاوسط من جراء الغاء الحجوزات الامر الذي من شأنه ان يؤثر على حركة السياحة في لبنان . وتشاء الصدف ان يعلن وزير السياحة اللبناني نقولا فتوش في اليوم ذاته الذي حصل فيه الاعتداء الاسرائيلي، ان دخل لبنان من السياحة بلغ 700 مليون دولار عام 1995م، وان الموسم سيكون موسما سياحيا عربيا في عام 1996م, وهكذا لم يعد مستغربا على الاطلاق التوقيت الذي تعتمده اسرائيل لضرب بعض المناطق والمرافق والذي يصادف غالبا في بداية الموسم السياحي وبداية تحريك العجلة التي تؤكد صدقية لبنان الذي استطاع تحقيق قدر مهم من الاستقرار الامني والسياسي وهو ما يسعى الى تحصيله من سمعة خارجية, لقد قسمت كل الدراسات الاقتصادية والمالية والمصرفية، وحتى الاجتماعية، سنوات الحرب اللبنانية الى مرحلتين، الاولى بين عام 1975 1982م، وكانت مرحلة مقبولة اقتصاديا واجتماعيا، على رغم الخراب والدمار والخسائر التي نتجت عن العمليات العسكرية وقد صمد خلالها الاقتصاد اللبناني. الثانية ، بين عامي 1982م و1990م وشهدت الاجتياح الاسرائيلي لحوالي نصف الاراضي اللبنانية ونتائج افرازاته في مختلف المناطق واهمها قطع التواصل بين اللبنانيين وتجزئتهم، وانعكاس ذلك على اوضاعهم المعيشية ومسيرة حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن تدمير معظم المرتكزات الاساسية للاقتصاد اللبناني حتى اصبح الامن الاقتصادي والاجتماعي مهددا بكارثة خطيرة, ويبدو ان ذلك كان هدفا رئيسيا من اهداف العدو الاسرائيلي. وهكذا استمرت الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة والتي اصبحت يومية تقريبا بأهدافها الواسعة والمتنوعة، خصوصا من حيث اغراضها الاجتماعية والاقتصادية. ويأتي الاعتداء الاسرائيلي في اطار السعي لتحقيق تلك الاهداف ويبدو ان له بعدين اساسيين، اولهما سياسي ويلخصه المحللون السياسيون بأنه محاولة اسرائيلية تكتيكية لافراغ قضية الصراع بين البنان واسرائيل من محتواها، خصوصا في ظل الاهتمام الامريكي لدفع مفاوضات السلام الى الامام، وذلك بهدف تحويل هذه القضية الى مشكلات امنية عدة ويأتي في هذا السياق الاعلان الاسرائيلي ان الهدف من عمليته العسكرية هو الضغط على لبنان لمنع عمليات المقاومة ، اما البعد الثاني فهو اقتصادي ومعيشي لجهة الضغط على اللبنانيين في مختلف المناطق والحاق الاضرار الفادحة بأرواحهم وممتلكاتهم ومصالحهم، خصوصا ان الاعتداءات شملت للمرة الاولى الضاحية الجنوبية في بيروت مع العلم ان لهذه الاعتداءات انعكاسات سلبية على الاقتصاد اللبناني تجاوزت القيمة المباشرة للاضرار، الى زعزعة الثقة الدولية والعربية بالوضع اللبناني وما يستتبع ذلك من تأثير على تدفق الرساميل الخارجية للاستثمار والتي لا تقل عن 300 مليون دولار شهريا.