كانت حروفاً نسجت لم تر عيني مثلها.. هي الرسالة، ولكنها ليست ككل الرسائل! وصلتني من سيدة الذوق والفراشات الملونة بألوان قوس قزح، التي حملت في شعرها مأساة الإنسان؛ فسكبت جل حبرها وهي تبحث عن وطن يضمد جراحها.! أبهجت قلبي بحروفها النيرة، التي صاغتها، إنها الشاعرة الحساسة الراقية (سوزان عليوان) التي وصلني خطابها الذي هفا فوق غمام من السحب أو ربما فوق صفاء مشاعرها المنسابة في رقة وعذوبة! تلك الشاعرة الحساسة الرائعة، في تصوير عذوبة كلماتها، الطفلة في رسمها والقامة في عطائها وتصوير معاناة الآخرين، سوزان تبحر في نص القصيدة وتعطي للمعاني قيمتها من حسها المرهف تقول في رسالتها: صديقة روحي وفراشتي وأزهاري بالله عليك، ماذا أكتب إليك؟ رسالتك الرائعة منحتني ألف جناح وألف سماء وكلماتي.. أمامك، تشعر بالعجز المبتسم والخجل المتورد يا لصفائك الشاسع عاجزة عن شكر قلبك الناصع وأدعو الله أن أكون دائماً عند حسن ظنك بي وبحروفي وألواني لك، محبتي والبياض كله أختك: سوزان هذا نص الرسالة التي اختالت حروفها بين أناملها وبروعة إحساسها رسمت محبتها التي لا تندثر أو تتلاشى، وانطلقت من فضائها محلقة بألف جناح وألف سماء كي تصلني مغلفة بخجلها الباذخ!. سوزان الساكنة في إشراقة غيمة، سمفونية عذبة تنساب حروفها، وكأنها موسيقى موزارت أو باخ؛ روح تظل مشرقة من خلال ما تكتب، وهي سيدة الحلم واليقظة، مشرقة بوعيها وثقافتها. ترسم بكلماتها المكان الذي تحلم به، تلون الدمع بلون قوس قزح، حتى تصبح فراشة زهرة أو نجمة؛ هي عصفور مهاجر ولا يجد له مأوى. تصنع من كلماتها وألوانها مصابيح صغيرة، ملونة لأطفال العالم الخائفين من الظلام، سواء في فلسطين أو العراق، أو أي بقعة من العالم، ابتلع السواد نجومه، لتضيء ليلهم بنجومها المتلألئة، وتلون الدمعة بقوس قزح، لتصبح زهرة أو فراشة، تصنع الحلوى من مزاج روحها المشعة للأطفال الجائعين، ليبقى نبض قلب سوزان مرفرفاً بإيقاع يحلق مع العصافير. ومن أجوائها تحلق فوق غيمة وسنا برق: ثمة مدن يسكنها الناس وثمة مدن تسكن الناس هناك بلاد نعبرها غيوما تظللنا سماؤها كعراء نقيم على أرضها غرباء، ونشرب من مياهها ولا نرتوي وكأننا حبات رمل وسط غبارها وهناك بلاد تأخذنا كالأطفال، في أحضانها سماؤها سقف واسع ترابها من لحمنا ودمنا قطرة ماء من عينيها الطاهرتين دمعة فرح على خد الأرض! وهاهو التعبير في تعريف سوزان، يعلن: الغربة: دموع الناس، أينما وجد الحزن على هذه الأرض. الوطن: ضحكات الأطفال، ضحكات النجوم. أما الوطن: حيث تمتد الشوارع إلى عروق البشر جذوراً.. حيث تضيء البيوت نوافذ تطمئن الغرباء.. حيث تصبح قلوب الناس أمكنة المكان. ترسم أشياء بسيطة وبريئة كي تبقى طفلة، لئلا تترك البياض وحيداً رسوماتي ليست سوى دموع فرح وحزن، أذرفها في مناديل الألوان، أنا شاعرة ترسم طفلة تحلم وتتخذ أحلامها، هيئة الخطوط والأشكال والألوان (هكذا عبرت عن ذاتها). مرفأ: سوزان عصفور (المقهى) تبحث عن وطن ضائع يجمع أحلامها وآمالها؛ ويبدد الظلام من وهج روحها إنها.. تنسج من الخرافة وطناً، ليكون حلمها أكبر من العالم.!