نحتار حين نختار أصدقاءنا.. هل نختارهم لأنهم الأقرب إلى نفوسنا.. أو لأنهم الأحفظ لأسرارنا.. أو لأنهم الأكثر حرصاً علينا.. أو لأنهم الأوفى لنا.. أو الأقرب إلى تفكيرنا.. أو الأكثر إسعاداً لنا.. نحتار لأن لكل منا طريقته في الحياة ومن الصعب إن يجد الإنسان إنساناً آخر يكمله ويحقق ما يريد ويتفق معه في كل شيء ويخاف عليه كما يخاف على نفسه ومصالحه.. كما نحتار لأننا قد نصادف كثيرا من الناس تختلف مواصفاتهم وطبائعهم وأشكالهم اختلافاً شديداً ولكنهم قد يتفقون في شيء واحد.. أنانيتهم وحبهم لأنفسهم، وإذا وجد إنسان مختلف عن هذا الوضع، إنسان يؤثر غيره على نفسه ويقدم مصلحة صاحبه على مصلحته وحقوقه على حقوقه هو، فإن هذا اللإإنسان إما إن يكون مجنوناً أو ضعيف الشخصية في نظر الناس.. هذه هي الفكرة المسيطرة على الأذهان ولذلك فإنه لا معنى للحيرة في اختيار الصديق لأننا لن نجد من نريد وفقاً لمواصفاتنا وفهمنا للصداقة على أنها علاقة متكافئة لا يجب أن يسود فيها منطق القوة والضعف وإلا فإنها تصبح كأي عملية تجارية تقوم على المقايضة بدلاً من أن تعتمد على الصدق وعلى الإحساس وعلى إسقاط الأنانية والاحترام التام والحب الحقيقي.. وأي علاقة تربطنا بالآخرين تفتقد إلى هذه الشروط فإنها لا يمكن أن تطول أو ان تستمر أو تتعمق.. وهذا هو السبب وراء تدهور العلاقات بين البشر ببعضهم البعض هذه الأيام لأنها علاقات هشة تبدأ بالخطأ والصدفة وتنتهي بنفس الطريقة والأسلوب وأخيراً (من يقوم على خطأ.. لا تكتب له الحياة).