1 «مدرسة الخطأ» هي مدرسة إنسانية لا نتعلم فيها أخطاءنا، بل نتعلم أخطاءنا منها! هناك ما يسميه الناس «أخطاء قاتلة»، لكننا نتناسى أن هناك «أخطاء تنقذ من القتل»! علاقة الإنسان بالخطأ أقوى وأوثق من علاقته مع الصواب، فالإنسان قد يواجه الخطأ تسع مرات في سبيل أن يصل إلى الصواب في المحاولة العاشرة، ومن هنا تكمن العلاقة الوثيقة / المتكررة بين الإنسان والخطأ، لكنه للأسف: حب من طرف واحد! ولو أننا أدركنا أننا لن نصل إلى الصواب الذي ننشده، من دون أن نمر بالخطأ الذي ينشدنا، لقدّرنا قيمة الخطأ وفضله في إيصالنا إلى بغيتنا / الصواب. ولقائل أن يسأل: أين فضل الخطأ علينا وهو الذي يقف دوماً في طريقنا إلى الصواب؟ لكن السؤال الحقيقي الذي يغيّب هنا: هل سمعتم أن إنساناً ارتكب صواباً قبل أن يرتكب خطأ قبله؟ هل رأيتم أحداً وصل إلى الصواب من دون أن يمر بالخطأ قبله؟! إذاً .. فالخطأ هو الطريق إلى الصواب. 2 الذي يخاف من ارتكاب الخطأ، من الأفضل له أن يتوقف عن السعي نحو الصواب، لأن أفضل وسيلة لتجنب ارتكاب الأخطاء هو التوقف عن العمل. أيها الخوّافون من الوقوع في الخطأ، توقفكم عن العمل هو الضمانة الوحيدة لكم للتطهر من الأخطاء .. ومن الصواب أيضاً! حتمية المرور البشري بالخطأ لا تبرر بالطبع بلادة تكرار الوقوع في الخطأ نفسه، لكنها تبرر مبدأ الخطأ. لطالما ردد الحكماء: (نحن نتعلم من أخطائنا)، في حين أن (الصواب) قد يورث الغرور، والغرور يورث الثقة المفرطة، وهذه تؤدي إلى التوقف عن التعلم، وهو ما يعني إصابتنا بالجهل. إذاً فالخطأ يعلّمنا .. والصواب (قد) يجهّلنا! 3 إذا كنا لن نقبل من أصدقائنا أن يرتكبوا في حقنا خطأ .. فمن الأفضل لنا أن نصادق الملائكة! لكن للأسف، أن الملائكة أيضاً لن تقبل صداقتنا لأننا نخطئ، وعندها سيكون الخيار الوحيد لنا: أن نكون بلا أصدقاء. إذاً لنتفهم ونتقبل ونتغاضَ عن أخطاء الآخرين، إن لم يكن لأجلهم بذاتهم، فعلى الأقل لأجلنا عندما نرتكب نحن الخطأ في اليوم التالي. الصديق الذي لا يخطئ بحقك ليس صديقاً بما فيه الكفاية، لأنه يستخدم «عقله» كثيراً في صداقته معك، والصداقة الحقيقية الصادقة هي فعل عاطفي أكثر مما هو عقلي. الصداقة العقلية هي صداقة المصالح والحسابات، أما الصداقة العاطفية فهي الصداقة البريئة التي تكثر فيها الأخطاء العفوية، لكن تكثر فيها أيضاً المشاعر العفوية. وعيُنا بحتمية الخطأ وضرورته للحياة يجعلنا أكثر استرخاء وقدرة على العيش في بيت البشر. 4 في مدرسة الخطأ، يجب أن ندرك أننا لن نتخرج يوماً، لكن أيضاً أن لا نعيد الدرس نفسه أكثر من مرة ومرة! وفي مدرسة الخطأ .. «الغش مسموح» من الآخرين! وفي مدرسة الخطأ .. نحن معلمون ونحن طلاب في آن واحد. وفي مدرسة الخطأ .. من الأفضل أن نأخذ «دروس تقوية» على التسامح مع الآخرين. كاتب سعودي [email protected]