تعتبر الفكرة صُلب العمل الدرامي، والكاتب الجيد هو الذي يختار فكرة تهم المشاهدين، وتلامس واقع حياتهم اليومية، وتكون مبنية على الطرح الصادق والموضوعي. وهذا ما جعل الملايين في أرض مملكتنا الغالية يتفاعلون وبحماس منقطع النظير مع حلقة (ستبقى الحياة) لطاش 12 لأن فكرتها لم تكن جيدة فحسب بل جسدت واقعاً أليماً عانت منه بلادنا وأبناؤها المخلصون عانوا من ذوي الأفكار المنحرفة الذين أقلقوا هذا الشعب الأمين وأزهقوا الأرواح البريئة.. وحب الوطن كما يعرف الجميع لا يتجزأ.. كالثقة إما أن تثق أولا.. وإما أن تحب وطنك أم لا الافتتاحية شاهدنا في المشهد الافتتاحي الفنانة أمينة القفاص مع زوجها وهما يودّعان أبناءهما إلى المدرسة في الصباح الباكر في مشهد يُوحي بالتفاؤل والأمل والإقبال على الحياة، ثم يظهر لنا ابنهما الكبير وعلى وجهه ارتسمت علامات الحيرة والقلق بالرغم من أن والده يبشره بوظيفة جديدة له، مما حفّز خيال المشاهد لمعرفة شخصية هذا الابن؟! ثم نُفاجأ بفِعل درامي ذي قيمة يُعطي المزيد من التشويق والإثارة للأحداث وذلك في المشهد الذي يحفر فيه مجموعة من الشباب تحت الأرض ويجدون صندوقاً حديدياً كبيراً. الأحداث تصاعدت أحداث هذه الحلقة بشكل متوازن وبحبكة درامية سَليمة بحيث تصاعد انجذاب المتلقي وحماسه تدريجياً مع المشاهد، وقد سَاعد المخرج في زيادة عنصري التشويق والإثارة وذلك بالمؤثرات الصوتية التي أضافها لبعض المشاهد وكذلك وضعه للساعة في أسفل الشاشة مما جَعل المتلقي يحاول أن يستنتج ويُخمن الأحداث المقبلة. كما أبدع (عبدالخالق الغانم) في رسم الأفعال الدرامية التي دفعت عجلة الصراع الدرامي إلى الأمام مما أثمر عن دراما تراجيدية حقيقية. التراجيديا برزت في هذه الحلقة الرائعة العديد من المشاهد التي خاطبت عقول وعواطف المشاهد بدون انتقال أو مبالغة. فجميعنا تعاطفنا مع الابنة البريئة (أمل) التي حملت معها أحلام العصافير.. ولكن هذه الأحلام لم تدم طويلاً -فقد اغتيلت على يد الإرهابيين. وقد كان تجسيد مشهد التفجير بطريقة مثُيرة استخدم فيها المخرج أسلحته في الإبصار التقني في التصوير، وغلفها بأفكار مؤثرة منها لقاء الابن وهو يقود السيارة التي وُضعت فيها المتفجرات بوالده الذي قَدم لإدارة المرور من أجل المراجعة. وكذلك المشهد الذي توفيت فيه زوجته وابنه (ناصر القصبي) ومعهما الحمامة البيضاء رمز السلام والمحبة. وأيضاً المشهد الذي استشهد فيه أحد أفراد الأمن البواسل دفاعاً عن وطنه.. بينما كان ينتظر بفارغ الصبر يوم زفافه!. كل هذه المشاهد المؤثرة تفاعل معها الملايين من أبناء الوطن المخلصين وذرفوا معها دموع الحزن والقهر.. لما أحَدثه ذوو الفكر المنحرف بوطنهم وأبنائه - وممتلكاته-. الختام ذروة العمل الدرامي هي أعلى نقطة توتر ممكن أن يصل إليها وبعدها تكون النهاية واختار لنا المخرج في المقبرة التي دُفنت فيها الابنة البريئة (أمل) ولاحظنا كيف بقيت صورتها في خيال والدها وهي تقوم بأداء النشيد الوطني لبلدنا الغالي.. وهُنا اتضحت لنا رسالة مرتبطة ارتبطاً وثيقاً مع عنوان الحلقة (ستبقى الحياة) مُفادها أن صوت الوطن سيبقى... لدى كل فرد من أفراده نشأ وترعرع بين أحضانه الدافئة... التي أعطتنا الأمن والأمان والاستقرار وقادتنا بطبيعة الحال إلى الشعور براحة البال والطمأنينة ثم تُختم الحلقة بعبارة رائعة هي: لماذا كُل هذا الدمار وديننا دين المحبة والسلام. رسالة الدراما تلعب الدراما دورا مهما وكبيرا في التأثير على العقول البشرية.. والرسالة التي كانت في حلقة (ستبقى الحياة) هي من أجل تحصين شبابنا وأطفالنا من مُدعي الإسلام والجهاد وذلك لكَسب أجيال واعدة تحمل بُعد نظر ولا تنجرف وراء ما يُقال باسم الجهاد والأفكار القطعية التي لا تعرف إلا التكفير وسفك الدماء.