خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وفضله على سائر المخلوقات فهذب سلوكه. فالحياة المثالية الإنسانية في ظل هذا التكريم هي التي تحفظ له حقوقه وواجباته. فلا تحقق هذه المثالية إلا بتحقيق التوازن في كل شيء، وخاصة حين يكون هذا التوازن بين الرجل والمرأة دون أن يخل أحد الطرفين بحقوقه وواجباته، فكلاهما سخره الله تعالى لأداء أعظم رسالة تقع على كاهلهما. هذه الرسالة العظيمة التي تحمل أجمل المعاني السامية تجاه الأبناء. وإذا أردنا أن نرقى مسئولية الآباء بالمستوى الصحيح تجاه أبنائهم يجب أن يدرك كلا الطرفين ما له من حقوق وما عليه من واجبات دون إلقاء العبء على طرف دون الآخر وهذا سينسج لنا أسرة مسلمة تعي المعنى الحقيقي للحياة على المستوى العام والخاص فينشأ جيل يعي المسئولية ويقدرها ويحترم ما عليه من واجبات بفضل ثقافة الأبوين. ولو تحقق هذا التوازن حسب الفطرة وشريعة الله تعالى لاحترم هذا الجيل المسئولية وحجمها.. وبذلك نستطيع أن نبني حصوناً وقلاعاً تحمينا وتحمي أولادنا من الضياع. ولكن في المقابل ربما يحدث العكس ويحدث الخلل بين الطرفين فيظهر لنا جيلاً بصورة مهينة مشينة فهنا يحدث الشرخ الذي يحدث المشكلة فيقع الأبناء ضحية هذا الشرخ. أطفال اليوم وشباب الغد ورجال المستقبل حينها يفقد التوازن والاعتدال فينشأ جيل ميت قبل أن يولد.. انهدمت فيه روح المسئولية ليصبح عبئاً على مجتمعه وعالة على أسرته وأهله. حينها نقف مذهولين عاجزين أمام ما نراه من مآسي تقع في مجتمعنا ويصيبنا ما أصاب المجتمعات الأخرى من ضياع وانهيار في العلاقات الأسرية فيقتحم التفكك الأسري كل الطبقات ويحدث انطماس للمسئولية إذا انعدمت سبل الوفاق بين الوالدين وترك كل منهما المسؤولية للآخر.