لقد تشرفت بتلقي دعوة كريمة من الإخوة القائمين على مهرجان الرس الترويحي لصيف 1425ه من أجل إلقاء محاضرة طبية للمصطافين وضيوف المهرجان عن بعض (الأسس الصحية للحياة الكريمة) وقد أعجبني الإخوة القائمون على هذا المهرجان على دقة التنظيم والمتابعة والاهتمام بالزوار، ورغم أن الفعاليات المقامة كانت جيدة ورائعة وقد تتشابه إلى حد ما مع بعض الفعاليات التي يقيمها الآخرون في مدن وطننا الحبيب إلا أن ما أثار اهتمامي أيضاً بما يقوم به الإخوة الأفاضل في مدينة الرس من اهتمام ببعض ذوي الاحتياجات الخاصة (مثل المعاقين والأيتام والسجناء... والمرضى) ليستفيدوا من تلك البرامج الترويحية الرائعة. حيث كان هناك لجنة خاصة تهتم بهم وتعينهم على الاستفادة من تلك البرامج الثقافية والترفيهية حسب ظروفهم وإمكاناتهم وقد تم دمج اصحاب الحاجات الخاصة ببعض البرامج وإشراكهم في برامج الترويح وإفادتهم من بعض الفعاليات القائمة. ومن ضمن اهتمام المشرفين على المهرجان بهذه الفئة فقد فاجأني الإخوة بمفاجأة سارة جداً (لمن يريد خدمة مجتمعه) وهي أنهم طلبوا مني القدوم مبكراً في نفس يوم المحاضرة لكي أقوم (قبل محاضرتي الرئيسية) بزيارة إخوة لنا حبسهم السجن عن المشاركة وقعدوا خلف القضبان لأسباب متباينة (كان للشيطان والجهل النصيب الأكبر من تلك الأسباب) فلم يتردد إخوتهم القائمون على المهرجان بإشراكهم في تلك الفعاليات والمحاضرات والألعاب والمسابقات والهدايا والجوائز.. حيث تم توصيلها لهم وهم في سجنهم, ولقد تفاعلت كثيراً معهم ووافقت وزرت السجناء وألقيت محاضرة عن آثار التدخين والمخدرات والمسكرات والفاحشة على حياة الإنسان طبياً واجتماعياً وكانت المحاضرة مصحوبة ببعض الصور والفظائع المرضية المزرية التي يتعرض لها مرتكب هذه المعاصي وكان لها تأثير ملحوظ وسرني تفاعلهم وأسئلتهم التي دلت على جهل الكثير منهم بهذه الأضرار قبل دخوله السجن وقد سررت وأنا أرى السجناء وهم يستفيدون من تلك الفعاليات وينهمون من الفوائد ويتعلمون ما يصلح شؤونهم ويدفعهم نحو الصلاح والاستقامة والبعد عن تلك المهلكات وقد أعجبني تفاعلهم وشددت على أيدي الإخوة المشرفين على برامج المهرجان وإتاحة الفرصة لهؤلاء الإخوة السجناء وهم يستفيدون من الفعاليات الثقافية ما يزيدهم علماً وثقافة لمسح الجهل الذي أدخل بعضهم السجن، وبعضهم يتواصل مع المجتمع بصفحات جديدة ومشاركات تفاعلية وكان بعضهم يشارك في حل أسئلة المسابقة وأحدهم يشارك في لعبة من الألعاب والثالث يسأل عن مشكلة اعتراضية... الخ وفي نهاية اللقاء وقبل أن نودعهم لاستكمال البرنامج العام كان الجميع يلتفون حولنا فرحين مستبشرين ويطلبون منا تكرار الزيارة وأن نتواصل معهم وينقلون شكرهم وأحاسيسهم لولاة الأمر ليشكروهم على هذه اللفتات الاجتماعية وأن يستمر ذلك التواصل المفيد لتعديل السلوكيات إلى ما بعد المهرجان وكان بعضهم يقول إنه تعلم وازداد معرفة بأضرار تلك المخدرات والمسكرات وأنه لن يعود إليها قط ليس فقط بسبب الجلد والحبس ولكن فقط بعد هذه المحاضرات وبعد أن علم عن تلك الأضرار الصحية المخيفة بالصور والحقائق العلمية الطبية، فهم في حاجة ماسة للتوعية بالأضرار والمكاشفة والصراحة أكثر من حاجتهم للعقاب والحبس. وإنني إذ أشكر الإخوة القائمين على هذا المهرجان وأخص منهم محافظ مدينة الرس والمسؤولين في محافظة الرس ولا أنسى جهود الشيخ إبراهيم المزيني الذي كان أحرص من أن يوصف، وكذلك سعادة مدير سجن الرس وأشكر قبل ذلك كله ولاة الأمر على هذه الفعاليات وتسهيل هذه الفعاليات التنشيطية الهامة، وأتمنى من القائمين على هذه المهرجانات الصيفية أن يحذوا حذو إخوتهم في مدينة الرس ويقدموا بعض البرامج المناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة من سجناء ومعاقين وغيرهم لإدخال السرور على نفوسهم ولكي يستفيدوا من تلك البرامج ما يعينهم على دنياهم ودينهم، وأكرر شكري للقائمين على برامج الترويحي الصيفي بالرس على جهودهم ونشاطهم وحسن استقبالهم وروعة التنظيم ودقة التوقيت وضبط البرامج.