قرأت ما كتبه الأستاذ عبدالعزيز العبدالله التويجري (كاتب صحفي ورئيس تحرير سابق) في العدد (11554) بعنوان (مشاريع التنمية والاستثمارات في القصيم). وقد وضع النقاط على الحروف حول تطوير مداخل مدينة بريدة، وخاصة مدخلها الجنوبي، ودعا مجلس المنطقة ورجال الأعمال إلى تطور المدخل بوضع مشاريع سياحية وفنادق على هذا المدخل لكي تظهر هذه المدينة رائعة جذابة وسط صحراء في وسط منطقة القصيم. إن منطقة القصيم.. هي قلب المملكة النابض.. وهي سلة غذائها .. هي التي تغذي بنسبة كبيرة فاقت جميع المناطق.. مدن المملكة بالمحاصيل الزراعية المختلفة، ومن أشدها التمور والخضراوات واللحوم والألبان والمياه.. هذه المنطقة الذهبية الخضراء تنمو مدنها ومحافظاتها بين الحقول الغناء والبساتين الخضراء، وبين الكثبان والرمال الذهبية.. منطقة تضرب في أغوار التاريخ قدما، وفي جذوره أصالة، منطقة كانت في شعابها ووهادها مسارح العرب القديمة، وأماكن لهوهم وفلواتهم وخلواتهم.. نظراً لطيب مرعاها وعذوبة مياهها.. ونقاوة أجوائها.. فخلالها يخترق وادي الرمسة (نهر الجزيرة الخالد) مكونا أخصب الأراضي للزراعة، وفي مرابع هذه المنطقة يمر أشهر طرق الحج من البصرة ماراً بالنباح (الأسياح) فالقريتين (عنيزة) فرامة.. التي هي من أشهر المعالم في نجد، وفي تاريخ الشعر العربي والواقعة جنوب البدائع ثم يمر الطريق بوادي العاقلي.. ثم شمال جبل (خزاز) الذي هو من أشهر الجبال في التاريخ، فعلى صخوره وبين شعابه كتبت أيام العرب وملامحهم.. وفي ضرية يمر الطريق. في هذه المدينة التي كانت أشد حمى للمرعى في جزيرة العرب لا تزال هذه المدينة التاريخية تحتفظ بهذا الاسم العريق منذ غابر الأزمان.. وفي التاريخ الحديث، فإن لمنطقة القصيم دوراً رئيساً في حروب الملك عبدالعزيز لتوحيد جزيرة العرب، فعلى ثراها دارت معارك روضة مهنا، الشنانة، البكيرية، الخبراء، وغيرها. وقد حظيت هذه المنطقة بقسط وافر من مشاريع التنمية والبنية التحتية، ولكن مدن منطقة القصيمومحافظاتها وقراها لا تزال تتطلع إلى إكمال مشاريع البنية التحتية بها وتطوير ما هو قائم منها.. ومن ذلك: 1 - إيصال مياه البحر المحلاة إلى جميع محافظات ومدن وقرى المنطقة وخاصة ما يقع في غرب المنطقة حيث إن هذه المحافظات والمدن وخاصة الرس والنبهانية، وعقلة الصقور ووخنة تقع على الدرع العربي، ولا مورد لها من المياه إلا من مياه الأمطار التي تهطل على هذه المناطق وتتجمع قرب سطح الأرض، فيتم نقلها بالصهاريج لاستخدامها كمياه للشرب في هذه المدن والمدن الأخرى من القصيم.. حيث إنه حتى مياه الآبار الجوفية التي تغذي مدن المنطقة لا تصلح للاستهلاك، وخاصة محطة تنقية مياه (الرس - البدائع) التي تزداد ملوحتها وبشكل كبير حتى إنها لا تصلح، ولا حتى لغسيل الملابس..!! لا شك أن هذه المياه قد وصلت إلى مدينة بريدة حاضرة القصيم وتمد من المياه لمئات الكيلومترات عبر أنابيب ضخمة كلفت مئات الملايين من الريالات.. وقد أتمت 999 خطوة من الألف خطوة، وبنيت خزانات المياه جنوب مدينة بريدة، ووصلت إلى شبكة المياه بالمدينة .. فمشروع عملاق كهذا المشروع سيصبح كالثمرة المعلقة في السماء بسبب عدم الاستفادة منه.. وينطبق على المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة المثل الشعبي المشهور مثل رضّاح العبس) وهو مثل لا يحتاج إلى شرح، إن تكلفة مد الأنابيب إلى محطات التنقية بالمحافظات المتبقية بالتأكيد ستقل عن تكاليف سحب المياه من الآبار وتنقيتها وصيانة وتشغيل هذه المحطات التي تكلف مئات الملايين من الريالات، وقد تقول المؤسسة: إن ما يصل لمدينة بريدة لا يكفي لتوزيعه على بقية المحافظات فنقول، ولماذا لا يتم زيادة الطاقة الاستيعابية لمحطة التحلية.. بدلا من تكاليف تنقية المياه الجوفية وسحبها.. خاصة وأن معالي وزير المياه السابق الدكتور غازي القصيبي قد صرح بأن تحلية مياه البحر هي الخيار الأقل تكلفة فلماذا نلجأ إلى الخيارات الأكثر تكلفة!! 2 - منطقة القصيم منطقة داخلية بعيدة عن الموانىء البحرية على الخليج العربي والبحر الأحمر، فهي تبعد ما يزيد عن 1000كم عن كل من هذين الساحلين وهي بعيدة أيضا عن المطارات الدولية الضخمة التي يعتمد عليها في التنمية ومنطقة القصيم ذات حركة اقتصادية وتجارية كبيرة في أقصى وسط المملكة شمالاً، فهي ذات موقع استراتيجي ليكون فيها مطار كبير يستوعب حركة الطيران الاقتصادية والتجارية والركاب في هذه المنطقة بالمطار ذو أثر كبير في التنمية في المناطق المحيطة به، إضافة إلى استيعاب حركة السياحة. إن مطار القصيم الحالي ذو موقع صغير ومساحة بحاجة إلى زيادة مدرجاتها للإقلاع والهبوط وزيادة مساحة صالة الركاب التي هي ذات مساحة صغيرة وبناء قديم، وكذلك مواقف المطار التي هي بحاجة إلى بنائها، وزيادة مساحتها وتظليها بدلا من الوضع الحالي (في الشمس الحارقة). 3 - هذه المنطقة ذات موقع استثماري متميز في المشاريع التجارية والعقارية نظراً لزيادة كثافتها السكانية التي تزيد عن نصف مليون نسمة، وسكان هذه المنطقة يعتمدون في تجارتهم على محلات الرياض التجارية الضخمة، إنني أقترح أن يتم إنشاء شركة عقارية مساهمة في القصيم، تكون من رجال الأعمال ويفتح جزء من أسهمها للاكتتاب من قبل المواطنين، وهذه الشركة تقوم بتطوير مراكز المدن التجارية كمركز مدينة بريدة المحيط بجامع خادم الحرمين الشريفين حيث يحتوي محلات تجارية قديمة (من الشينكو)، ومن المفترض أن تقوم هذه الشركة بالاتفاق مع أصحاب هذه المحلات على إزالتها وإعادة بنائها لتعميم حديث (من عدة أدوار) مع ضرورة استيعاب مواقف السيارات، إنني أتمنى أن يقوم مجلس المنطقة بدراسة هذه الفكرة واستقطاب المستثمرين ورجال الأعمال، ويسهل مهمتهم وإعطاءهم حوافز للقيام بهذا المشروع الذي سيبرز منطقة القصيم معمارياً. 4 - منطقة القصيم منطقة زراعية، واقتصادها يعتمد على الزراعة.. وكثير من أهلها نشاطهم الرئيس هو الزراعة، وخاصة التمور والخضراوات، وهؤلاء المزارعون الصغار يواجهون مشكلة في تسويق منتوجاتهم الزراعية .. حيث إن كثيراً من التمور تبقى على أشجارها بدون جني نظرا لأن تكلفة جنيها وتسويقها لا توازي العائد منها، لو قام المزارع ببيعها.. ولا شك أن مثل هذا هو خسارة اقتصادية كبيرة للمنطقة وللمزارعين، وعلى هذا فإنني أتمنى أن يقوم مجلس المنطقة بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار ووزارة الزراعة بإنشاء شركة تسويق زراعي ليساهم فيها جميع المزارعين بالمنطقة.. وبهذا نكسب شيئين يتم تسويق هذه المنتوجات الزراعية، ويتم تطوير حركة الزراعة المثمرة بالمنطقة، لأن هذه الأرباح توزع على المزارعين مما يجعلهم يطورون مزارعهم وأساليب زراعتهم. 5 - إن كثيرا من محافظات المنطقة وقراها لا تربطها طرق مزدوجة ومريحة مع أن هذه الطرق هي طرق قصيرة، وتكاليفها قليلة كطريق البدائع - الخبراء وطريق بريدة - الأسياح، وطريق البدائع، الخرماء، وطريق البدائع - المطار وكثير من الطرق الزراعية التي هي بحاجة إلى السفلتة كالطرق الزراعية في الشيحية التي هي بحاجة ماسة للسفلتة فمنطقة الشيحية تعتبر أكبر رقعة زراعية في المنطقة، وكذلك هو الحال في البدائع والمذنب ورياض الخبراء والرس وغيرها من مدن ومحافظات المنطقة، وأتمنى أن يقوم مجلس المنطقة بوضع برنامج عادل لسفلتة جميع الطرق الزراعية بالتعاون مع إدارة الطرق والنقل، وكذلك فإن القصيم بحاجة ماسة لطريق يربطها مع مكةالمكرمة حيث إن الطريق المباشر البادىء من الرس مروراً الضرية وانتهاء بميقات ذات عرق سيختصر أكثر من 300كم من الطريق الحالي. 6 -القصيم بحاجة إلى فرع لمعهد الإدارة العامة.. حيث إن كثيرا من موظفي الدوائر الحكومية في المنطقة يواصلون تدريبهم في المعهد المركزي بالرياض وهي نسبة كبيرة منهم، أما في حالة وجود فرع للمعهد في القصيم، فسيكون في هذا تخفيف للضغط على مركز المعهد بالرياض، وإتاحة لموظفي القصيم بالتدريب على رأس العمل. 7 - وادي الرمة واد من أكبر الأودية في الجزيرة، وحاليا، فإن هذا الوادي قد تم تدمير مجراه في كثير من الأجزاء حيث تم وضع عقوم ضخمة لحجز المياه لبعض المناطق.. وجرفت كثير من أجزائه لنقل الطين إلى المناطق الرملية.. وتم إلقاء المخلفات فيه، وفي استراتيجية وزارة المياه إسالة مياه الصرف الصحي فيه مما دمر هذ الوادي الضخم، وأعاق جريانه حيث توقف جريانه منذ عام 1402ه بسبب تدمير المجرى وإغلاقه وزراعته في بعض المناطق وعلى هذا فإنني أرى أن يتم إنشاء (هيئة لاستصلاح وادي الرمة في منطقة القصيم) تقوم بدراسة تطوير هذا الوادي زراعياً واستثماره.. ومنع التعديات على مجراه، ومسح جميع التعديات عليه، كما يمكن أن يكون هذا الوادي نهراً جارياً إما بتنقية مياه الصرف الصحي (معالجة ثلاثية) أو إسالته من بعض المناطق التي تتوفر بها مياه جوفية، ولكن لا تصلح للزراعة، وهذا لا شك سيزيد منسوب المياه الجوفية في منطقة الوادي الخصبة والصالحة للزراعة ويمكن زراعة مسطحات خضراء وأشجار ظليلة على جنباته وجعله منتزها سياحيا للمنطقة. 8 - في منطقة القصيم تم تمديد شبكات الكهرباء هوائياً بواسطة كيابل هوائية تعتمد في ارتكازها على أعمدة مصفحة، وتحمل في بعض أجزائها خزانات هذه الأعمدة أصبحت مجزرة من المجازر في الطرق الرابطة بين مدن المنطقة، كما هي في طريق البدائع - الرس والبدائع - عنيزة، البكيرية - المطار وغيرها من الطرق. وفي داخل المدن فهي عقبة كبرى أمام التنمية العمرانية، وهي قد استحوذت على جزء لا يقل عن 20% من الشوارع المسفلتة، فأعاقت حركة المرور..كما أنها أصبحت خطراً يهدد الساكنين في المدن، فلماذا لا يتم تحويلها إلى كيابل أرضية حتى لو زادت التكلفة نظرا لما تسببه هذه الأعمدة من حوادث مهلكة وحوادث التماسات وطرائق، وهذا سبب للاستنزاف الاقتصادي. 9 - أقترح أن يقوم مجلس المنطقة بدراسة احتياج المحافظات من المرافق التعليمية كالكليات بناء على دراسة مهجية تعتمد على الكثافة السكانية، وكذلك الخدمات الصحية ومختلف المرافق كالأحوال المدنية والجوازات وغيرها.. ووضع برنامج أولويات لافتتاح هذه المرافق بدلاً من العشوائية الحالية في افتتاحها التي لا تعتمد على الكثافة السكانية. إنني أثق أن مجلس منطقة القصيم برئاسة سمو الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير المنطقة وسمو نائبه الأمير عبدالعزيز بن ماجد وأعضاء المجلس الذين هم من خيار أبناء المنطقة لن يألوا جهدا في الدراسة والاستقصاء. م. عبدالعزيز محمد السحيباني