الأحداثُ التي ابتُلِي بِها العالمُ العربي، هزَّت وجدان الشعراء، بل هزت وجدان كل إنسانٍ يشعر بإنسانيته نحو أخيه الإنسان. فيغار عليه ويتساءل.. ما العلَّةُ؟ وما السببُ؟ وما العلاج؟ أعْمَلتُ فِكرَ العالِمِ المُتَيَقِّنِ وشلغتُ قَلباً نابِهاً لَمْ يُفتَنِ يتساءلان السرَّ في البَلْوَى التي دأَبتْ على الظُّلْمِ الخَفِيِّ المُعلَنِ هذي العروبةُ أصبحت مذعورةً مقهورةً مطعونَةً في مَطْعَنِ ظُلِمَتْ وأثقلَها الأذَى وبها أسىً مِنْ رَاعِيَ الأبقارِ وَالمُستَصْهِنِ(1) وَمِنَ الذين تكالَبتْ أحقادُهمْ منذ القرون لِصَدِّ دينٍ بَيِّنِ وعَدُوا الدَّخيلَ وأدْخلوهُ لأرضِها حَتَّى يُبَرَّرَ حقُّ غَصْبِ المَوْطِنِ مُتآمرانِ على العروبة دَبِّرا أمراً بِحِقْدٍ لَمْ يّزلْ لَمْ يُدفَنٍ لهما مطامعُ حاقِداتٌ أينعتْ فكلاهما لِلقَطفِ هَبَّ لِيَجتَنِي فَأتَى من الآفاقِ كُلُّ مُشَرَّدٍ مُسْتَصْهنٍ يَفتَنُّ في الإفكِ الدَّانِي وإذا هُمُ في المسجد الأقصى أُولو أمرٍ ونَهيٍ في صَفاقَةِ أرْعَنِ ومن الذين سَطَوْا على ثَرَواتِها نَهْباً بِرُغمِ المَظهرِ المُتمَدِّنِ هَبُّوا لَها من كلِّ صُقْعِ شاسِعٍ وَالكُلٌّ فيهم ناهِشٌ ذُو بُرْثُنِ جشعون إن عاثوا بثروة أمةٍ مُسْتَقتِلونَ بفَكِّ ضَبعٍ مُعفِنِ وَمِن الذين تَقاصَرَتْ عَزَماتُهمْ عَن ساحَةِ العلْمِ الحديثِ المُتقَنِ وَمِن الذين تَحَجَّرَتْ أفكارُهمْ ما جددوا شيئاً مِنَ الدين السَّنِي وَمِن الذين تَفاخَرُوا في بَطْشِهِمْ وعَلَوْا بِطُغيانٍ وَرأيٍ مُنْتِنِ وَمِن الذين استَغرَبوا فتراطَنُوا وتفَنَّنُوا في الرَّقْصِ أيَّ تَفَنُّنِ عادوا وفيهمْ من تَجاذَبَهُ الهوى وبَدا بِنِقمَةِ ناقِمٍ مُتَلَوِّنِ وَأتَوْا وَفيهمْ من سَما بعُلومِهِ وعلا بفكرٍ بالمُفيدِ مُزيَّنِ وَمِن الذين استثقلُوا عَربيَّةً فُصحى وجاؤوا بِالهُراءِ المُلْحِنِ وَمِن الذين أتوا على أركانِها هَدْماً لها حتَّى وَإن لَمْ يُعْلَنِ ما اعتز ناطُقُهم بِعِزَّتِها التي شَمَخت إلى الجَوزاء بالأدب الغَنِي فالعربُ سادوا من سنا آدابِها وعلومِها وبِِشعرِها المُتمَكِّنِ وَمِن الذين استكثروا أن ينفقوا للصَّنْعِ كَيْ نَجتازَ طَرْقَ المَعْدَنِ وَهُمُ الذين تناهزوا خيراتِها وتنافَسوا فيها فكلٌّ يَقْتَنِي ما كان مِنْ همٍ يروادهم سوى كَنْزٍ لِمالٍ في خِباءِ المَخْزَنِ فأولاءِ كُلُّهُمو لَهم في ظُلمِها سهمٌ يُمِيتُ ورَميةٌ مِن مَكْمَنِ فبِأيِّما رَدْعٍ صحيحٍ ناجِحٍ نَمضي لِدفعِ الظلمِ دفعاً لا يَنِي؟ فَلَخيرُ أهلِ الأرضِ هُمْ أهلُ التُّقَى أُمَمٌ تُعِدُّ لِكَيْ تدومَ بِمأمَنِ أُمَمٌ تُعِدُّ من البناءِ حضارةً وحَصانةً لِحِمايَةِ المُتَحْصِّنِ أممٌ تُعِدُّ من الباءِ صِناعَةً تتقَدَّمُ الدُّنيا بِصَنْعِ الأحْسَنِ أممٌ تُعِدُّ معَ البناء رِيادَةً تتقَدَّمُ الدنيا بِشعبٍ مُوقِنِ وَالرائدُ المَسؤولُ فيها مُؤمِنٌ لا يَهْتَدي إلاّ بِهَدْي المُؤمِنِ وَلِذا الزمانِ شهيدُهُ ونصيرُهُ كُلاً نُمِدُّ لَهُ بِغيرِ تَمَنُّنِ يا قلبُ هل أنبيكَ ما أحْصَى الوَرَى ممَّا نُقاسي، فابتَهِجْ! لا تَحْزنِ! فمَع البلاءِ، وإن تَمادَى، قدْ نرى فرجاً قريباً في المَدَى المُتَحَيِّن 1-المستصهن:الصِّهْيَوَنِيُّ أو المتَصَهْين أو من يتشبه بهم من غيرهم.