تجددت الاشتباكات الليلة قبل الماضية وحتى صباح أمس الخميس بين القوات الأمريكية ومقاتلي ميليشيا (جيش المهدي) التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر في مدينة النجف جنوبي العراق. وصرح مدير قسم الطوارئ في مستشفى الحكيم العام بالنجف الدكتور علي الحسيني بأن المعارك أسفرت عن مقتل سبعة من أنصار الصدر وجرح 12 آخرين، مشيراً إلى أن هذه حصيلة أولية. وقال الحسيني إن مستشفيات النجف أرسلت الكثير من الجرحى إلى المحافظات القريبة خلال الفترة الأخيرة لعدم تمكنها من استيعاب المئات من الجرحى الذين سقطوا في المعارك خلال الأسابيع الماضية والذين قدِّر عددهم بالمئات. وأفاد شهود في النجف بأن عدداً من الدبابات وناقلات الجنود المدرعة المحملة بجنود مسلحين بالأسلحة الثقيلة والخفيفة دخلت النجف واندلعت اشتباكات عنيفة بينها وبين مقاتلي جيش المهدي. وأشار الشهود إلى أن القوات الأمريكية دخلت المدينة تحت غطاء جو من المروحيات القتالية ووصلت حتى منطقة (ثورة العشرين) على بعد 600 متر تقريباً من ضريح الإمام علي. وقامت القوات بتمشيط المدينة التي تعرض وسطها لقصف عنيف فيما يحاول الأمريكان فرض طوق محكم حول مكاتب الصدر فيها وشوهدت سحب الدخان تغطي مركز النجف. ورد مقاتلو جيش المهدي بإطلاق قذائف الأر.بي.جي 7 والهاون على الجنود الأمريكيين المتمركزين في المدينة. في غضون ذلك أنذرت القوات الأمريكية عبر مكبرات الصوت سكان النجف بإخلائها فيما ألقت طائراتها منشورات تحث السكان على اختيار (عراق ديمقراطي ينعم بالسلام). وقالت المنشورات المكتوبة باللغة العربية إن الهدف من العمليات العسكرية الأخيرة هو فرض المزيد من (العزلة) على مقتدى الصدر. وجاء فيها أنه (يمكن للعراقيين اختيار السبيل الذي يؤدي إلى إقامة عراق ديمقراطي ينعم بالحرية). من ناحية أخرى تعرض مبنى محافظة النجف فجر أمس لهجوم بقذائف الهاون وشوهدت سحب الدخان تتصاعد من المبنى الذي احتلته القوات الأمريكية يوم الجمعة الماضي. كما داهم مقاتلون موالون لمقتدى الصدر داهموا مركز الشرطة الرئيسي في النجف واحتجزوا قائد الشرطة وأخلوا مخزنا للأسلحة من محتوياته. وقال رجال شرطة في المركز إن المقاتلين انسحبوا بعد وصول عشر دبابات أمريكية ولكن بعد أن أخذوا معهم عشرات من بنادق الكلاشنيكوف والمسدسات من مخزن الأسلحة وكل الذخيرة المخزنة. وأضافوا أن أكثر من 40 مقاتلاً من جيش المهدي التابع للصدر هاجموا مركز الشرطة وأوثقوا يدي قائد الشرطة القادم حديثاً من بغداد وهددوا بقتله إذا ما حاولت الشرطة صد الهجوم. وتركوا قائد الشرطة ولكنهم فروا بثلاث عربات تابعة للشرطة عند وصول الدبابات الأمريكية إلى المركز الواقع على بعد نحو 1.5 كيلومتر من أضرحة النجف. ويقول قادة عسكريون أمريكيون إنهم لا يعتزمون انتهاك أضرحة النجف وهي أكثر المناطق قدسية بالنسبة للشيعة ولكن العملية التي تمت في الليلة الماضية كانت الأكثر توغلاً فيما يبدو بعد أن زحفوا قادمين من قواعد على مشارف المدينة كانوا قد احتلوها في وقت سابق هذا الشهر. وذكر ضباط أمريكيون أن محاولة صد الهجوم عن مركز الشرطة كانت واحدة من بين عدة عمليات أمريكية في وقت متأخر أمس الأول الأربعاء بعد أن ترددت أصداء نيران كثيفة في كل أنحاء البلدة. وقال الكابتن براندون أندرسون إن مقاتلي جيش المهدي نصبوا عدة أكمنة للقوات الأمريكية على طرف البلدة وإن القوات الأمريكية (قامت بعمليات مكثفة) ضدهم. وأضاف أن الشرطة العراقية ساعدت في استعادة مقرها. وأردف قائلاً (كانت العملية التي قام بها المقاتلون فاشلة لأن الشرطة العراقية صدت الهجوم وحضرت القوات الأمريكية). وقال أندرسون إنه لا توجد خسائر بشرية عراقية ولم يتسن على الفور معرفة ما إذا كان هناك قتلى أو جرحى بين المقاتلين. وذكر مسؤولون في المستشفى الرئيسي في المدينة أن جثتين وستة جرحى نقلوا إلى المستشفى. من جهة أخرى ذكر شهود عيان أن هدوءاً يشوبه الحذر خيَّم أمس الخميس على مدينة كربلاء، حيث لا يزال أنصار مقتدى الصدر يسيطرون على ضريحي الإمام العباس والحسين والمباني المحيطة بهما في وسط المدينة بعد أن شنت قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة عملية عسكرية كبيرة ليل الثلاثاء الأربعاء. وسمع دوي إطلاق نار من أسلحة خفيفة صباح أمس وطوال ليل الأربعاء الخميس. وقال أحد الشهود ويدعي علي حسين (30 عاماً) إن (أنصار الصدر ما زالوا يسيطرون على مركز المدينة، حيث ضريحي الإمامين العباس والحسين والمباني والفنادق الكبيرة المحيطة بها، حيث شوهدت عناصرهم من فوق وأعلى هذه المباني). وبدت واجهات خمسة فنادق كبيرة محترقة بسبب المواجهات التي حصلت الأربعاء بينما كانت الشوارع شبه مقفرة وخالية حتى من دوريات الشرطة أو عناصر الدفاع المدني. وأقفلت المحال التجارية التي كانت تكتظ بالزوار والمتسوقين، كما أغلقت المدارس وحرص الأهالي على عدم الخروج من منازلهم خوفاً من إطلاق النار العشوائي الذي يسمع بين الحين والآخر. وبين الحين والآخر تسمع صفارات سيارات الإسعاف التي تنقل جرحى ومصابين بين مستشفيات المدينة. وقال شاهد آخر إن (أنصار الصدر أطلقوا عدداً من القذائف المضادة للدبابات (آر بي جي) مساء الأربعاء على مبنى المحافظة لكنها أخطأت هدفها وأصابت مباني متاخمة). وأفاد مراسل وكالة فرانس برس أن قوات التحالف تتمركز في ضواحي مدينة كربلاء وتتجنب الاقتراب من وسط المدينة. ويتحدث أهل المدينة عن وصول تعزيزات من أنصار (جيش المهدي) الميليشيا الموالية للصدر مساء الأربعاء من الكوفة عن طريق الأراضي الزراعية.