فقدت الرياض أحد رجالاتها ووجهائها المخلصين الأوفياء لدينهم ووطنهم الشيخ محمد بن عبدالله الجميح- رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفسيح من جنانه- ويعتبر الفقيد عميد أسرة آل جميح المعروفين بالخير والأيادي البيضاء للفقراء والمعوزين والجمعيات الخيرية، فلقد كان الشيخ الفقيد سباقا باسمه وعائلته إلى كل دعوة للمساهمة والمشاركة بأعمال البر والدعوة لصناديق تعرفه، إفطار الصائمين ببلدته شقراء جعل الصائمين يدعون له. لقد كان عميد أسرة الجميح من أوائل رجال الأعمال، كافح ونجح ،كانت تدعمه خبرته ونزاهته وحسن نيته، خدم دينه ووطنه، وحصل على أوسمة من الداخل والخارج، مثَّل بلده خير تمثيل، أسس مع رجال الأعمال من جيله الكثير من الشركات الكبيرة والناجحة حتى يومنا هذا. شارك بشكل مباشر باقتصاد بلدنا الغالي، ارتبط وعائلتي مع أبناء الفقيد حمد وإخوانه بقرابة نسب قائم، فوالدتي ووالدة الأخ حمد من عائلة البسام بعنيزة، ويرتبط مع والدي رحمه الله بصداقة قديمة، فجميعهم من أوائل من اغترب إلى الرياض للبحث عن العمل والرزق وله معه رحمهم الله جميعا الكثير من الذكريات والمواقف، كافح-رحمه الله- مع أخيه الأكبر عبدالعزيز وأبناء أخيه الأكابر حتى فتح الله لهما أبواب الرزق، ولم تبهرهم المادة والثراء بل زادتهم تواضعاً وعفة ونزاهة، كانت تجارتهم بعيداً عن المشاحنات والضوضاء والتنافس المحموم، وكان لصفاء النية وصلاح الذرية الأثر البالغ في علو مكانة عائلة الجميح، كانوا في الطليعة في الواجبات والمناسبات وزيارات المرضى والأفراح والأتراح، لا يفوتني أن أعبر عن تقصيري مع الفقيد، لكنه-رحمه الله- من سماته لا يحاسب بل يرحب دون عتاب، كانت لي زيارة أخيرة للفقيد بوجود الأخ الكريم حمد بن عبدالعزيز الجميح، وفي مجلسه وكرسيه المعتاد سأل عن الغائب والحاضر وعن والدتي شفاها الله وعن أقارب والدي وكان حديث ذكريات لا يمل، تضمن أسماء ومواقف ومواقع يستفيد منها الباحث وطالب العلم، كان مجلسه مع المشايخ أبناء أخيه عبدالعزيز الأكابر وأخص الأخ الوفي حمد بن عبدالعزيز له طعم ونكهة خاصة، ليس للغيبة مكان ولا للنمام منصت، تحفه الألفة والمحبة في الله. لقد سرني رغم حزني لفقده كثرة الدعاء له مع كثرة المواسين والمعزين، وهم شهود الله في أرضه، وأنقل التعازي والدعاء للفقيد ولعموم أسرة الجميح وأقاربهم، والمصاب جلل ولا نقول إلا قول الصابرين : {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.