قد يشعر البعض لآلام وتنميل في أحد القدمين أو كلاهما، وعند ذهابه لعيادة الأعصاب يطلب منه الطبيب إجراء تخطيط للعضلات والأعصاب، بعدها يخبره بأنه يعاني من سقوط مشط القدم، لكن كيف يسقط مشط القدم وعلاقة ذلك بتخطيط الأعصاب والعضلات؟! د. وحيد لبيب استشاري تخطيط الأعصاب والعضلات بمستشفى الحمادي بالرياض يوضح هذه العلاقة، فيقول: يعتبر السبب الرئيسي في سقوط مشط القدم ضعف بعضلات الساق الأمامية، وتتعدد أسباب هذا الضعف عبر مسار الأعصاب المغذية لعضلات الساق الأمامية بدءاً من المخ، مروراً بالحبل الشوكي ثم عبر مسار الأعصاب الطرفية بدءاً من الجذور العصبية عند العمود الفقري والتي عادة يكون سبب اعتلالها وجود غضروف يضغط على الجذر العصبي أو ضيق بالقناة الشوكية، وبعد خروج هذه الجذور العصبية من العمود الفقري تحصل بينها عملية اتحاد وانقسام لتكوين الضفيرة العصبية القطنية العجزية والتي توجد في الحوض، وتغذي هذه الضفيرة العصبية عضلات الإلية وعضلات الفخذ الأمامية والخلفية وكافة عضلات الساق الأمامية والخلفية ويخرج من هذه الضفيرة العصبية عدة أعصاب أكبرها العصب الوركي الذي يخرج من خلف الحوض في منطقة الإلية إلى خلف الفخذ ويغذي هذا العصب عضلات الفخذ الخلفية وكافة عضلات الساق، وينقسم هذا العصب فوق الركبة إلى عصبين أحدهما العصب الشظوي العام الذي يغذي العضلات الأمامية والجانبية للساق، ثم ينقسم هذا العصب أسفل الركبة بقليل إلى عصبين، أحدهما العصب الشظوي العميق والذي يغذي العضلات الأمامية للساق وهي العضلات التي يتسبب ضعفها في سقوط مشط القدم، وعند حدوث إصابة في أحد هذه الأماكن عبر مسار الأعصاب المغذية لعضلات الساق الأمامية يحدث سقوط في مشط القدم بصورة رئيسية، ويكون مصاحباً ببعض الأعراض الأخرى والتي تختلف تبعاً لمكان الإصابة. ويضيف د. لبيب: وللفحص الإكلينيكي أهمية كبرى في تحديد سبب سقوط مشط القدم إلا أنه في بعض حالات الإصابة الجزئية يمكن أن يكون التشخيص النهائي بحاجة لإجراء تخطيط أعصاب وعضلات لتحديد مكان الإصابة بدقة مما يساعد في تحديد العلاج المناسب لكل حالة. فمثلاً إصابات المخ تؤثر عادة على كافة عضلات الطرف السفلي والعلوي ولكن إذا كانت الإصابة محدودة يمكن في هذه الحالة أن تكون المشكلة الرئيسية هي سقوط مشط القدم. وعادة يكون ذلك مصحوباً بعلامات إكلينيكية أخرى تدل على أن مكان الإصابة هو المخ، ولكن هذه العلامات تحتاج لبعض الوقت حتى يمكن تتبعها إكلينيكيا. وفي المرحلة الأولى للمرض- وتسمى مرحلة الصدمة- لا توجد هذه العلامات مما يوجد احتمالاً أن يكون التشخيص المبدئي هو اعتلال بأحد الأعصاب الطرفية، وفي هذه الحالة يثبت تخطيط الأعصاب والعضلات سلامة الأعصاب الطرفية، مما يشير إلى احتمال وجود سبب آخر يجب استقصاؤه بعمل الأشعات المناسبة. وعادة يكون سقوط مشط القدم مصحوباً بأعراض حسية مثل آلام أو تنميل بالطرف السفلي، ولكن في بعض الحالات لا توجد أي أعراض حسية. وفي هذه الحالة يكون السبب إما اعتلال في الخلايا الحركية في الحبل الشوكي أو في العصب الشظوي العميق، لأنه عصب حركي بدرجة كبيرة ولا توجد به سوى ألياف حسية جلدية قليلة تغذي الجلد فقط ما بين إصبع القدم الأول والثاني. وفي مثل هذه الحالة يجب إجراء تخطيط الأعصاب والعضلات لأن علاج إحدى هاتين الحالتين يختلف تماماً عن علاج الأخرى، وعن طريق وجود نمط معين في تخطيط الأعصاب والعضلات يمكن تشخيص الحالة بدقة. وعلى الناحية الأخرى فإن وجود أعراض حسية مثل آلام أو حرقان أو تنميل في الطرف السفلي يشير إلى عدة احتمالات: فإما أن تكون إصابات محدودة في الحبل الشوكي، أو في الجذور العصبية القطنية عند العمود الفقري أو الضفيرة العصبية القطنية العجزية في الحوض أو في العصب الوركي عبر مساره من الإلية حتى أعلى الركبة خلف الفخذ أو في العصب الشظوي العام عند الركبة أو التهاب بالأعصاب نتيجة لمرض السكر. ويشير استشاري تخطيط الأعصاب والعضلات بمستشفى الحمادي بالرياض إلى أن كل هذه الإصابات يمكن في بعض الحالات أن تتسبب فقط في وجود آلام أو تنميل بالطرف السفلي دون حدوث سقوط في مشط القدم. وإذا زادت شدة الإصابة يمكن أن تسبب ضعفاً في عضلات الطرف السفلي، وعن طريق تخطيط الأعصاب والعضلات يكون هناك نمطاً محدداً لكل واحد من هذه الإصابات مما يساهم في التشخيص الدقيق، وأحياناً لابد من عمل أشعة للعمود الفقري إذا كان هناك احتمال لوجود غضروف بأسفل الظهر أو ضيق بالقناة الشوكية. ولا يقتصر دور تخطيط الأعصاب والعضلات فقط على تحديد مكان الإصابة عبر المسار العصبي، بل يضاف لذلك أيضاً تحديد نوع اعتلال الأعصاب ومدى اعتلالها، فبالنسبة لتحديد نوع اعتلال الأعصاب يتحدد إن كان الاعتلال في الألياف العصبية أو في الغشاء الخارجي لها أو في كليهما وذلك ذو أهمية كبرى في تحديد نوع العلاج جراحياً أو دوائياً أو باستخدام العلاج الطبيعي، وبالنسبة لمدى اعتلال الأعصاب فيمكن حساب النسبة المئوية لذلك الاعتلال مما يساهم أيضاً في تحديد نوع العلاج وأيضاً الفترة التقريبية المتوقعة لحدوث تحسن في حالة المريض. فمثلاً العصب الشظوي العام إذا كانت هناك إصابة تسببت في اعتلال الألياف العصبية بدرجة كبيرة فيجب إجراء عملية تسليك عصب وتتحسن هذه الحالة عادة في بضعة أشهر، أما إذا كان الاعتلال بدرجة كبيرة ولكنه في الغشاء الخارجي للألياف العصبية فتتحسن هذه الحالة فقط في عدة أسابيع وفي كلتا الحالتين السابقتين يتم عمل العلاج الطبيعي اللازم بعد العملية. أما في حالات اعتلال الأعصاب بدرجة بسيطة فعادة يكون العلاج باستخدام الأدوية والعلاج الطبيعي دون الحاجة لأي تدخل جراحي.