يبدو أن عملية توسيع الاتحاد الأوروبي لا تسير بالسرعة الكافية لإرضاء الولاياتالمتحدة. فالآن بعد أن انضمت بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا لعضوية حلف شمال الأطلسي، تتجه الانظار إلى حدث آخر في غاية الأهمية بالنسبة لأوروبا وهو توسيع الاتحاد الأوروبي شرقاً في الأول من أيار - مايو القادم. وستكون خمس من الدول السبع التي انضمت لحلف الأطلسي هذا الأسبوع - وهي دول البلطيق الثلاث وسلوفاكيا وسلوفينيا- ضمن الدول العشر التي ستنضم للاتحاد الأوروبي. والدول الخمس الأخرى هي بولندا والمجر وجمهورية التشيك وقبرص ومالطة. وانضمام المجر وبولندا وجمهورية التشيك ودول البلطيق الثلاث يزيد حجم مجموعة الدول المتحالفة بقوة مع الولاياتالمتحدة داخل الاتحاد الأوروبي مثل بريطانيا وهولندا. وتترقب الدوائر السياسية في واشنطن بلهفة الكيفية التي قد تؤثِّر بها هذه الدول الموالية للولايات المتحدة على الدول الأخرى التي نأت بنفسها عن أمريكا بسبب الحرب في العراق وغيرها من الأسباب. وقال نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية تشارلز رايس إن من الخطأ أن يتصوَّر بعض الزعماء أن الأعضاء الجدد سيكونون بمثابة (حصان طروادة) الذي سيرعى مصالح واشنطن. لكن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أطلق قبل ما يزيد على عام بقليل عبارة (أوروبا القديمة) التي أثارت الجدل ليصف بها الحلفاء الأوروبيين الذين عارضوا الحرب في العراق. وسيحظى توسيع الاتحاد الأوروبي في الأول من أيار- مايو بترحيب واشنطن دون قيد أو شرط، كما أن الولاياتالمتحدة تتحدث بالفعل عن إمكانية ضم تركيا إلى الاتحاد. ويواصل وزير الخارجية كولن باول الضغط من أجل تحقيق هذا الهدف. وأعرب هلموت سونينفيلت مدير المركز الأمريكي الأطلسي عن خشيته من أن يكسب الإسلاميون نفوذا في تركيا في حالة عدم انضمامها للاتحاد الأوروبي. وأكد أنه (سيكون من الحكمة البالغة ألا يعزل الأوروبيون تركيا). وتقول الولاياتالمتحدة إن تركيا يجب أن تكون بمثابة ما تسميه بالنموذج الديمقراطي في العالم الإسلامي وحصناً غربياً واقياً في مفترق الطرق بين أوروبا والدول غير المستقرة في الشرق الأوسط ومستقبلها السياسي الذي لا يمكن التنبؤ به. وتعتبر واشنطن وكذلك أنقرة منح عضوية الاتحاد الأوروبي للأخيرة عنصر ربط مهماً. ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية تؤيِّد الولاياتالمتحدة بقوة توحيد الدول الأوروبية الحرة. وقال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر قبل 30 عاماً في إشارة إلى مشكلات التكامل التي كانت تواجهها أوروبا آنذاك (ما هو رقم هاتف أوروبا؟). وقال الرئيس جورج بوش إن الولاياتالمتحدة تعتبر توحيد أوروبا (خطوة شجاعة وتاريخية.. يتعيَّن أن تتوفَّر لجميع الديمقراطيات الأوروبية نفس الفرصة بالنسبة للأمن والسلام ونفس الفرص لكي تصبح جزءاً من المؤسسات الأوروبية). وترى واشنطن أن ثمة صلة وثيقة بين تكامل أوروبا وتوسع حلف الأطلسي. وبغض النظر عن المسائل الشائكة أو غير الواضحة المتعلِّقة بالتجارة والضرائب، فإن الاعتبارات الجغرافية- الإستراتيجية لها الأولوية عندما يتعلَّق الأمر بتفكير واشنطن بالنسبة لتوسيع الاتحاد الأوروبي. إن انضمام بولندا وجمهورية التشيك والمجر وسلوفينيا وسلوفاكيا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا يعنى تزايد عدد دول المعسكر السوفيتي السابق التي انضمت إلى مؤسسات غربية. كما يعني انتهاء حقبة عدم استقرار بالنسبة للولايات المتحدة تم جرها خلالها مرتين إلى الحرب وأعقب ذلك حرب باردة استمرت عقودا. ويقول سونينفيلت إن السنوات الخمسين الأخيرة من التاريخ الأوروبي كانت فريدة من نوعها بعد قرون من الحرب والانقسامات. وأضاف سونينفيلت الذي عمل مستشاراً لعدد من الرؤساء الأمريكيين (العالم أفضل كثيراً في وجود أوروبا موحَّدة). وهناك أصوات محافظة معدودة في واشنطن تحذِّر من أن وحدة أوروبا يمكن أن تسفر عن ظهور منافس خطير للولايات المتحدة عالمياً.