الحياة مجموعة فصول، وكل ما فيها قابل للتغير والتغير، وتبقى اللحظات السعيدة هي التي نبحث عنها إذن لنصنع لحظاتنا ولنجعلها أكثر إشراقا بالحب، ان لحظة التقاء القلوب وتمازج الأرواح لحظة تعادل العمر، فعندما نحب تخضر الصحارى وتحيا القلوب، ونولد من جديد بقلوب نابضة تكتسح كل الأجواء، ان بامكاننا أن نطفئ لواهب الصيف بأمطار المحبة، تأمل الكون تشرق الشمس وتنشر خيوطها الذهبية فيقهر ضوءها غياهب الظلام، إنها تعلن بداية يوم جديد وأمل جديد، وانظر إلى الأشجار تتساقط أوراقها وتورق وتعود من جديد أكثر نظارة، وتبدو أكثر زهوا في ربيعها، ان بامكانك أن تحيل البرد القارص إلى دفء بكلمة جميلة أو بابتسامة عذبة، وخريف الحياة باستطاعتك أن تحيله إلى ربيع دائم داخل نفسك وينعكس على من حولك، فقط ما عليك سوى أن تستعين بخالقك وتخلع نظارتك السواء وترتدي وشاح الأمل لترى جمال الحياة، أرح عقلك وقلبك بذكر الله، واقهر الحزن بابتسامة، ابتسم ولا تقلق من المستقبل، فالابتسامة ربيع العمر، وطريق السعادة، ومفتاح الأمل، إنها الثقة والتطلع، فخطواتك الأولى تبدأ بابتسامة تستشف من خلالها المستقبل المشرق، إذن عانق لحظات الفرح، تمسك بها وتفاعل معها، وأشرع لها كل الأبواب، وهيأ لها كل الظروف لتقودك إلى عوالم السعادة، ها هي الشجرة تقاوم الفصول، والإنسان كائن يملك ما لا تملكه الشجرة، ولكنه يستسلم، وبرغم أنه يملك كل شيء إلا أنه يحسد الطير على جناحيه، الإنسان في هذه الحياة شبيه بالمحارب، فإن أعلن الاستسلام أو الانهزام من داخله لن تجدي معه أسلحة الدنيا، ان الحزن خطوات ننسجها نحن بضعفنا، ولكن من ينتشلنا من هذا الضعف؟ إننا بحاجة إلى إيمان بخالقنا، وإرادة تنبع من دواخلنا، وحب يملأ قلوبنا، وبحاجة لمن يقاسمنا لحظاتنا، وبحاجة لرؤية مشاهد الحياة من حولنا، إنك حين تدرك حقيقة الحياة تعيش سعادة حقيقية، إيمانا بخالقك، وصبرا على مصابك، فهل تساوي الدنيا شيئا مقابل جنة عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؟ إن طريقها تقوى الله فاستعن بالله {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} وتسلح بالإيمان والصبر، واعلم أن ذلك من عزم الأمور، وعاقبة الصبر إلى خير، ومن صبر لا بد أن يسعد بانفراج الحزن أو حصول الأجر أو كليهما معا، وبشر الصابرين، فهل يبقى بعد ذلك مجال للحزن؟ ولماذا نجعل الحزن سيد الموقف؟ ولماذا نجعل خيوط الظلام تكتمل في آفاقنا؟ ولماذا نتباكى على لحظات الفرح التي مضت ونحن نملكها؟ ولماذا نشرع كل الأبواب أمام الحزن وفي لحظات الحزن نقفل كل الأبواب أمام كل فرحة ونبقي أنفسنا داخل سياج الحزن وحده؟ لماذا؟؟ ولماذا نعلن الاستسلام ونسلم الراية للحزن دون قتال؟ ولماذا الإصرار على اكتمال مسرحية الحزن؟ وللأسف انك وحدك أيها المتشائم مَن كتب فصولها، ولست البطل بل الضحية الذي كتب نهايته بيديه، إن تفاعلك مع لحظات الحزن وحدها واستسلامك لها وانهزامك أمامها هي التي قادتك إلى عوالم الحزن، فعش يومك، وتوكل على خالقك، وتفاعل مع لحظات الفرح لتكون منطلقا لعوالم السعادة.