كلنا يبحث عن الراتب وزيادة الأموال والأرباح، وكلنا يعمل لكسب رزقه ورزق أفراد أسرته، وفي هذا العصر أصبحت المرأة تعمل في شتى المجالات فهي طبيبة ومهندسة ومعلمة وسيدة أعمال وموظفة وسكرتيرة وكل مجالات العمل التي تليق بها كامرأة بعيداً عن الاختلاط بالرجال. ولكن يا ترى راتب الزوجة الموظفة أين يذهب؟ هذا ما سنعرفه ونلقي الضوء عليه من خلال لقاءاتنا مع العديد من الزوجات العاملات من خلال عدد من المحاور: نصيب الأبناء من راتب الأم؟ السيدة أم عبدالعزيز مساعدة في إحدى المدارس وأم لخمسة أولاد ثلاثة أولاد وبنتان تقول: نصيب أبنائي وبناتي من راتبي كبير جداً فقبل أن يكبروا كنت أعطيهم مصروفهم الشهري واشتري لهم مستلزماتهم من الملابس والحاجيات، والآن أصبح بعضهم يدرس في الجامعة وفي المراحل الدراسية الأخيرة فإنني أتكلف على مصاريف الدراسة لابني الذي يدرس في أمريكا وأدفع له مصاريف التذاكر والسكن وكل ما تتطلبه الغربة من أعباء مادية. كذلك ابنتي فقد قمت بتعليمها في معهد كميبوتر حتى تخرجت وابنتي الجامعية أقوم بالصرف عليها أيضاً. فحوالي ثلاثة أرباع راتبي يذهب لأبنائي وبناتي وباقي الراتب لمصاريف البيت و1% فقط أصرفه على نفسي. والذي أتمناه ألا يجحد الأبناء ما تقوم به الأم اتجاههم وخاصة إذا كان هناك مشاكل بينها وبين والدهم. السيدة أم محمد تقول: يا حسرة على الراتب فأنا استلم حوالي 4000 ريال ولكن لا يأتي نصف الشهر إلا وقد انتهى ثلاثة أرباعه، أغلبها مصاريف للمنزل أما أولادي فأدفع لهم أجرة الطرق لذهابهم للمدرسة كذلك الكسوة عدا مصروفهم الشهري حيث يأخذ كل واحد منهم (400) ريال عدا ما تتطلبه الحياة من ألعاب وسندويتشات ومتطلبات أخرى وغيرها. وبصراحة مصروفهم الشهري لا يكفيهم فاضطر لاعطائهم بالخمسة والعشرة الريالات، ماذا أعمل فأنا أم ولا أستطيع أن أرى أبنائي غير سعداء أو أن أمنع عنهم ما رزقني الله به. السيدة أم خالد تقول: أعطي أولادي مصروفهم الشهري بمعدل 3 ريالات يومياً، لكل واحد منهم، واشتري لهم مستلزماتهم من ملابس واكسسوارات وألعاب وهدايا وحلويات وذلك كل شهر ولا أعطيهم غير ذلك لأعوِّدهم على الحفاظ على الأموال وعدم الإسراف. وإذا طلبوا المزيد منعت عنهم ذلك، ليس بخلاً ولكن درساً للحياة القادمة عدا عن أنني أضع لهم حصة كل باسمه وكل شهر أضع لكل منهم (50) ريالاً فيها دون أن يعلموا وذلك لعلها تفيدهم في مستقبلهم وهم ثلاثة أولاد وبنت وكلهم في المراحل الدراسية المتوسطة والثانوية. أما السيدة نهى عبد القادر فتقول: لابد أن يكون نصيب للأبناء من راتب الأم، فالأم حنونة بطبعها وهي مدرسة كاملة فكيف تستلم راتباً لم تحسب لأطفالها جزءاً منه، وإذا أعطينا أولادها امتنعوا عن الأخذ من الآخرين، وأبعدناهم عن العادات السيئة والانحراف والسرقة، فالعطاء هبة حسنة ولكن في حدود لئلا يتعودوا الإسراف وعليهم أن يعلموا أن راتبي ليس ملكاً لي وحدي وليس ملكاً لهم وحدهم فعلي حقوق تجاه والدي وواجبات تجاه بيتي أيضاً ونفسي. لذلك أصرف لكل منهم (150) ريالاً شهرياً ولا أزيد إلا إذا تبين لي سبب مقنع في ذلك. أما مشترياتهم وأغراضهم المدرسية والملابس وغيرها فلا دخل لهم فيها نهائياً فمصروفهم الشهري لهم لشراء الحلويات والساندويتشات وغير ذلك. نماذج لمشاركات في مصروف الأسرة الأستاذة مها عبد الحي تقول: أساهم في مصروف الأسرة بجزء من راتبي فأنا استلم (2500) ريال أضع منه (1500) مصروفاً للأسرة والباقي أدخره ولا أصرف منه نهائياً مهما حصل، وكنت في السابق أضع فقط (1000) ريال ولكن بعد مناقشات مع زوجي ولأن مشاكل جعلت بيننا ولقسمه أن أجلس بالمنزل إذا لم أساهم معه في المصروف فضلت المشاركة على الجلوس لأن في العمل متعة كبيرة ومنافع جمة، وبذلك نعيش في مستوى معيشي جيد خير من أن نستدين من هنا وهناك. الأستاذة فايزة خالد العلي تقول: بعد جدال عقيم بدأت أساهم في مصروف الأسرة رغم أن راتب زوجي كبير جداً ولكنه يرى ضرورة المساهمة طالما أنني أعمل. وأكثر مشاركاتي تصب في ديكور المنزل واحتياجاته كدفع الفواتير وشراء بعض حاجيات المنزل الأساسية وكذلك راتب الشغالة والسائق وبذلك ابتعدت عن المشاكل واشترك بنفسي بصرف جزء من راتبي في المنزل. السيدة فاطمة الحربي تقول: اشترط زوجي منذ البداية المساهمة في المصروف طالما أنني أعمل، ثم تركها لي للظروف ولم يشدد على ذلك، ونظراً لظروف الحياة ومتطلباتها والتقدم التكنولوجي والعلمي الذي يعود على الأسرة بالفائدة أحياناً وبالخسارة أحياناً أخرى قررت أن اقتطع جزءاً من راتبي لمصاريف المنزل والمساهمة في دفع عجلة الحياة فأدفع أقساط أولادي (2) في المدرسة ثم راتب الشغالة، وإذا لزم الأمر أساهم في بعض حاجيات المنزل واعتبر أن المساهمة في مصاريف المنزل إذا كان الزوجان متفاهمان ناحية صحية وجيدة أما إذا كان الزوج طماعاً وبخيلاً ويحدد مصروفاً معيناً رغم أن راتبه جيد فهذا إجحاف في حق المرأة ولا يجوز إطلاقا. وتقول السيدة مشاعل عبدالرحمن: أعمل مدرسة واستلم مرتباً شهرياً جيداً ولكن تصوري أن إيجار المنزل أدفعه أنا وكذلك راتب السائق والخادمة وزوجي قاسٍ جداً ومرتبه أفضل بكثير من مرتبي ولكنه بخيل جداً. ولكنني لا أجد سوى البقاء في هذه الوظيفة من أجل أبنائي فقط لأنني لا أريد العودة الى منزل والدي الذي يسيطر عليه زوجته. أما السيدة عائشة العقيل فتقول: أعمل طبيبة في أحد المستوصفات ومرتبي ممتاز ولله الحمد ولكن ما يحز في نفسي أن زوجي انتهازي ومادي جداً، فإنني أقوم بدفع قسط للسيارة التي يمتلكها وأساهم في مصروف المنزل وأدفع قسط الجمعية مع زميلاتي. تخيلي عندما استلم الجمعية يأخذها ويسافر بها الى الخارج وأبقى وحيدة مع أولادي أبكي الليل والنهار. ولا يصرف من مرتبه سوى قيمة فواتير الهاتف والكهرباء والماء. ومصاريف الطعام. جميل أن تساهم المرأة في مصروف البيت ولكن على الزوج أن يكون ممنوناً وشاكراً وليس جاحداً وناكراً للجميل. ندى محمود محمد تقول: زوجي لا يعرف واجبه اطلاقاً بدأت بالمساعدة في مصروف البيت وبدأ هو يتنصل شيئاً فشيئاً حتى أصبح كل شيء عليَّ أنا.. أين الرحمة والعدل في ذلك، فنحن الاثنين نعمل ولكنه يعمل ويخبئ راتبه، وبعد سنتين من عملي وصرفي على المنزل كافأني بالزواج من أخرى فماذا أقول للأزواج ... نماذج لغير المشاركات المعلمة فوزية الخالدي تقول: استلم (5000) كراتب ولكنني لا أساهم في مصروف المنزل ولا يقبل زوجي ذلك فيقول لي راتبك لك فأنت التي تتعبين وأنا الرجل عليَّ أن أتحمل المسؤولية كاملة وهو ميسور الحال ولله الحمد.. ولكنني أفاجئه دائماً بأشياء صغيرة ولكنها ثمينة لمنزلنا المملوء محبة واحتراماً فيسعد بها ثم يقول: خلي فلوسك لك ربما تحتاجينها يوماً ما. سيدة أعمال ن.ق.ع تقول: أعمالي كثيرة ولله الحمد ودخلي ممتاز ومع ذلك يرفض زوجي رجل الأعمال أن أساهم في مصروف البيت رفضاً كاملاً، ويقول لي تركتك تعملين لتثبتين وجودك وتساهمين في نهضة المجتمع وليس لتصرفين عليَّ وعلى المنزل فدخلك ضاعفيه وتوسعي في أعمالك وليوفقك الله. ورغم رفضه القاطع إلا أنني انتهز بعض الفرص لأحمل معي ما لذ وطاب في عودتي للمنزل وشراء الهدايا له وللأولاد. أما السيدة أم خالد البرقوني فتقول: ضربني أكثر من مرة لأساهم في مصروف المنزل ومع ذلك أرفض ذلك تماماً ولو أدى ذلك الى منعه لي من العمل لأنني أعرف ان تلك المصاريف هو مسؤول عنها أولاً وأخيراً، وطالما أنني لم أقصر في واجباته ومنزله فلماذا لا أعمل فأنا أساهم أحياناً في مساعدة والدته وأخته المطلقة وكذلك أساعد أمي وأخي الصغير وغير ذلك فلا وألف لا. فمن حقي أن أعمل واساهم في تنمية الوطن الذي أعطاني الكثير ولكن ليس من حقي أن أصرف على بيت الزوجية أما إذا مرت بنا ضائقة مالية فإنني أساعده في ذلك ما أمكن. سارقو الرواتب (مصممو الأزياء ومروجو أدوات الزينة) يقول جمال الدين بائع أدوات مكياج وعطورات: إن مصروف المرأة على أدوات الزينة والعطورات كبير جداً فأقل امرأة تأتي للمحل تدفع ما يقارب (200) ريال وأحياناً تزيد الفاتورة على خمسة آلاف ريال وتدفعها وهي مبسوطة دون تردد. أما وليد الحلبي بائع في أحد محلات المكياج فيقول: إن محله متوقف على الزبائن الخاصة فأقل فاتورة نبيعها تعادل (700) ريال وتصل أحياناً الى (4000) ريال وأحياناً كثيرة تصل الى (12.000) ريال. فالمرأة مسرفة كثيراً في المكياج والعطورات وما أن تظهر نوعية جديدة في السوق إلا ويزدحم محلنا بالزبائن. يقول حامد عبدالباقي بائع في أحد الأزياء العالمية: حقاً إننا نريد البيع والربح ولكن للأسف أن نرى بعض النساء لاهثات وراء الجديد من الأزياء والموضة، تلك البدعة الزائفة التي لا تمت للعادات والتقاليد العربية الإسلامية العريقة بصلة. فهناك ما يسمونه بخطوط الموضة ولكنه حيلة ابتكرتها مصانع الأقمشة ودور الأزياء لترويج عملها وبضائعها ولاستنزاف إمكانات البشر وخاصة (النساء) حيلة اسمها الموضة الجديدة والمتجددة والمتطورة. وبرغم كل صور المشاركة هذه من الغريب والعجيب أنه في كثير من الحالات يحدث (انفصال) أو (انفصام) عندما يتعلق الأمر (بالماديات) فنحن نعتقد أن ثلاثة أرباع راتب الزوجة العاملة تصرفه على الموضة الجديدة والمكياج والعطور والإكسسوارات، أما إذا كانت غير عاملة فرأفة بالزوج المغلوب على أمره حين ترفع الزوجة راية العصيان والاستقلالية والانفرادية والخصوصية وتسقط أشياء كثيرة أمام مفهوم خاطئ لدى الكثيرات من الزوجات عن الراتب والمشاركة المادية وضرورة صرف الزوج على الزوجة والمثير للدهشة والتساؤل ان هذا النوع من الزوجات يبددن رواتبهن في أشياء غريبة لسن بحاجة اليها في أغلب الأحيان، ومن الملاحظ أن معظم النساء اللواتي يشتغلن بالموضة من قطاع (العاملات) واللواتي ينفقن معظم دخلهن على الأزياء والمكياج والعطور نجدهن في الأسواق بلا هدف محدد لشراء شيء معين. فقط مجرد البحث عن الجديد واللامفيد من ملابس وماكياج ونحن كبائعين نفرح حين نبيع ولكن حين نجلس لأنفسنا نزداد قهراً لهذا الإسراف من المرأة والبذخ والبحث عن موضة زائلة وكاذبة. ونحن لا ننكر على حقها في شراء ما يلزمها وما تحتاج إليه ولا ننكر واجب الزوج في توفير متطلبات الزوجة ضمن المعقول طبعاً. أحمد محمد حسن بائع ماكياج وأدوات زينة وعطورات يقول: نحمد الله تعالى على نعمة الرزق فرزقنا كله من وراء النساء. في الشهر مرة يدخل رجل الى محلاتنا ولكن في اليوم تدخله مئات السيدات ونبيع بالآلاف وتجارتنا لسيت خزانة لأننا نبيع كل شيء تحبه المرأة، المكياج، العطور، الإكسسوارات، الشنط، الجوالات، وكل ما يسبب لها السعادة والتفاخر والمباهاة، هي تصرف بسخاء ونحن بدورنا سعداء، ولكن التعيس حقاً هو الزوج سواء كانت المرأة عاملة أم ربة منزل. أأحيانا أشفق من قلبي على بعض النساء حين يدفعن بالآلاف دون حساب أو مراجعة أو مجادلة أو مناقشة رغم أن البعض القليل منهن (بيطلع روحنا) بالمفاصلة حتى تدفع أو تشتري القليل. راتب الزوجة من رؤية شرعية ونحن في هذا المحور استضفنا الدكتور زيد الزيد عميد المعهد العالي والقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حيث قال: بالنسبة لراتب الزوجة، فقد كرم الإسلام المرأة، وأعطاها حقها كاملاً، وبخاصة في أمورها المالية، فلها كامل الحق في التصرف في مكاسبها المالية متى كانت بالغة عاقلة. هذا من حيث المبدأ أما إذا أردنا التفصيل وبخاصة في مسألة راتب الزوجة فإن راتب الزوجة جاء نتيجة عملها، وعملها هذا قد يكون مؤثراً على واجبات أخرى عليها. ولذلك فالذي يظهر في هذه المسألة أن النظم الفقهي يقتضي القول بأن الأمر يعتمد على اتفاق الزوجين منذ البداية، فإن كانت الزوجة قد اشترطت على زوجها أن تعمل عند عقد الزواج وقبل الزوج هذا الشرط فالمؤمنون على شروطهم، وأحق الشروط ما استحدث به الزوج، ويجب على الزوج أن يفي بهذا الشرط ويمكنها من العمل وليس له من راتبها شيء لأنه قد رضي بها زوجة عاملة. وإن كانت الزوجة لم تشترط على زوجها عند عقد الزواج أن تعمل فوقتها مستحق لزوجها، وإذا عملت تكون قد أخلَّت بحق زوجها، وهنا لها أن يصطلحا فللزوج أن يأخذ من زوجته شيئاً من راتبها نظير تنازله عن جزء من الوقت الذي هو حقه، وإذنه لزوجته بأن تذهب لتؤدي عملها، وهما في ظني على ما يصطلحان عليه، وله أيضاً أن يمنعها من الوظيفة والله أعلم. أما الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله بن عثمان الهليل وكيل قسم السنة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فقد قال: لاشك بأن دين الإسلام حرم على المؤمنين أكل أموالهم بينهم بالباطل، وراتب الزوجة حق لها وحدها، حصلت عليه بعد أن بذلت مجهوداً في ذلك فلا يجوز للزوج أن يضغط عليها لتقدم له مالها أو جزءاً منه بغير رضا نفس منها، ولا يلجأ الى هذا السلوك المشين من الأزواج إلا من تجرد من آداب الإسلام وتعاليمه. وفي نفس الموضوع راتب الزوجة من رؤية شرعية يقول عميد كلية أصول الدين الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الشثري بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: إن ما تملكه الزوجة من راتب وظيفي أو كسب مالي فهو خاص بها ولها ملكيته ولها حق التصرف فيه بما يوافق أوامر الشرع. ولم يوجب عليها الشرع أن تتولى النفقة من مالها على زوجها أو على بيت زوجها التي هي فيه إلا أن تتكرم به. وإنما أوجب الإسلام على الزوج أن ينفق على زوجته بقدر سعته وطاقته قال جل وعلا في كتابه:{لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}. فإن كان الزوج موسعاً عليه في رزقه، وسَّع عليها في المسكن والنفقة وإن كان فقيراً فعلى قدر استطاعته، ولا يكلف الزوج الفقير ان ينفق ما ليس في وسعه بل عليه من النفقة ما يقدر عليه وتبلغ إليه طاقته مما أعطاه الله من الرزق. وليس للزوج أن يطالب زوجته بالنفقة على بيته وأولاده من مرتبها أو كسبها المالي حتى ولو كانت الزوجة غنية أو ذات سعة وثروة فإن الشارع لا يوجب عليها النفقة ولا يُعفي الشارع الزوج من النفقة على زوجته مع غناها، لأن النفقة حق شرعي للزوجة على زوجها.