في مثل هذا اليوم من عام 1976 وبعد قيامها بالعمل لمدة 22 عاماً، أنهت منظمة معاهدة جنوب شرق آسيا (سياتو) آخر تدريباتها العسكرية وأغلقت أبوابها بهدوء، كانت (سياتو) أحد المعاقل السياسية الأمريكية في الحرب الباردة في آسيا، ولكن الحرب الفيتنامية كان لها دور كبير في تحطيم تماسكها وكفاءتها. وتم تشكيل منظمة (سياتو) في عام 1954 خلال اجتماع دعا إليه جون فوستر دوليس وزير خارجية الولاياتالمتحدة، هذا وقد اشتركت ثماني دول في هذه المنظمة هي: الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا العظمى وأستراليا ونيوزيلندا والفلبين وتايلاند وباكستان والتي عرفت بمنظمة الدفاع الإقليمي للقضاء على التيار الشيوعي في آسيا. وفي ذلك الوقت كان هذا التيار هو الأكثر تهديداً لجنوب شرق آسيا، وخصوصاً للمستعمرة الفرنسية القديمة فيتنام، فهناك قامت ثورة بقيادة الشيوعي (هو شي مينه) عام 1954 والتي نتج عنها الاتفاق على انسحاب القوات الفرنسية، وتقسيم فيتنام مؤقتاً وإجراء انتخابات على مستوى الدولة بعد عامين من هذا التاريخ لإعادة توحيد الأمة واختيار رئيس لها، وقامت الولاياتالمتحدة بالرد على ذلك من خلال إنشاء منظمة (سياتو)، اعتقاداً منها بأن (هوشي) هو مجرد رمز للشيوعية العالمية، وقامت بضم جنوبفيتنام التي لم تكن دولة مستقلة تحت مظلة حمايتها. وعندما أصبحت الولاياتالمتحدة متورطة في الحرب الفيتنامية في عام 1965 ناشدت حلفاءها في منظمة (سياتو) لتقديم المساعدة لها. ولم يستجب لندائها غير أستراليا ونيوزيلندا والفلبين وتايلاند؛ فقاموا بإرسال بضعة آلاف من القوات وبعض المساعدات الأخرى. وقد أشار ذلك بوضوح إلى أن الولاياتالمتحدة هي القوة الدافعة لمنظمة (سياتو)، وأنه رغم الشعارات العدائية للشيوعية، فإن بريطانيا العظمى وفرنسا لا ترغبان في خوض حرب آسيوية أخرى، وأما باكستان فترغب فقط في الحصول على الدعم العسكري الذي تمنحه (سياتو) لأعضائها. وعندما أصبحت الحرب الفيتنامية محبطة للغاية، بدأت منظمة (سياتو) في التصدع. وفي الوقت الذي انتهت فيه الحرب الفيتنامية عام 1975 بسقوط جنوبفيتنام في يد فيتنام الشمالية الشيوعية لم يبق غير خمس دول تقوم بعمل التدريب العسكري النهائي للسياتو في فبراير 1976. ولم يبق إلا 188 من قوات الولاياتالمتحدةوبريطانياوالفلبين وتايلاند ونيوزيلندا لتكمل بعض الأعمال المدنية في الفلبين، فقامت ببناء بعض الطرق والمدارس والسدود في الريف الفلبيني. وبعد ذلك أُسدل الستار على منظمة (سياتو).