يسوغ الأميركيون والإسرائيليون انتهاج سياسة تدميرية بالعراق ولبنان بالقول:"انتصار الطرف الآخر غير مقبول". ويزعم الرئيس جورج بوش أن الانسحاب من العراق يعزز نفوذ الإرهابيين، ويزيد قدرتهم على استهداف الأميركيين في عقر دارهم. ولو صح ان"حزب الله"والمتمردين العراقيين هما خطر داهم على إسرائيل وأميركا، لوجب استنفار قدرات الجيشين الأميركي والإسرائيلي كلها. فالرئيس الأميركي ارتجل خطة احتلال العراق، ولم يستبق نتائج إسقاط نظام صدام. والحق ان الدروس المستقاة من التاريخ تخالف سياستي بوش وأولمرت. فالولايات المتحدة عجزت عن الانتصار بكوريا بعد توغل الجنرال دوغلاس ماك آرثر في شمال كوريا، ما حمل الصينيين على خوض الحرب. وانهزمت القوات الأميركية في الحرب الكورية، وشُطرت شبه الجزيرة الكورية شطرين. والى يومنا هذا، تهدد كوريا الشمالية، وهي ديكتاتورية شيوعية، أميركا ودول الجوار الآسيوي. ولكن السلام لا يزال قائماً بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، بعد نحو خمسين عاماً على سكوت المدافع. وبعد أعوام على حرب فيتنام، نسي الأميركيون مزاعم إدارتهم أن انتشار الشيوعية، وبلوغها ماليزيا والفيليبين وأوستراليا، يترتب على انتصار هوشي مينه أمين عام الحزب الشيوعي الفيتنامي في أثناء حرب التحرير، وسقوط سايغون. وشعر الأميركيون بالمرارة بعد احتلال ال"فييتكونغ"محاربو الحزب الشيوعي الفيتنامي السفارة الأميركية بسايغون. ولكن الأمور لم تجر على ما توقعت الادارة الأميركية. فالشيوعية لم تمتد الى دول الجوار، وتوحدت فيتنام. وما لبثت السفارة الأميركية أن فتحت أبوابها في هانوي، وتعززت التجارة بين أميركا وفيتنام الموحدة. ولا شك في أن منطق التاريخ والاقتصاد مختلف عن منطق الرؤساء. ففشل حملة عسكرية لا يحتم وقوع الكوارث. عن دايفيد أس برودر ، "واشنطن بوست" الاميركية ، 3/8/2006