يسلط الرد الخافت للحكومة الامريكية على العفو الذي صدر في باكستان عن أكبر عالم نووي في البلاد بعد اعترافه بنقل تكنولوجيا نووية إلى دول أخرى الضوء على التحدي الذي تمثله باكستان للسياسة الخارجية الامريكية. واتسمت العلاقات بين الولاياتالمتحدةوباكستان بالحساسية والصعوبة لوقت طويل خاصة في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر عام 2001 ورغم أن الرئيس الباكستاني برويز مشرف الذي أصدر عفوا عن العالم عبد القدير خان استجابة لضغوط محلية هو الحليف الاكثر أهمية للولايات المتحدة في الحرب على الارهاب فإن المسؤولين الامريكيين تساورهم مخاوف بشأن تسرب التكنولوجيا النووية من باكستان بصورة غير مشروعة. وقال لي فينستاين المسؤول السابق بوزارة الخارجية الامريكية والخبير في الشؤون الباكستانية بمجلس العلاقات الخارجية وهي مؤسسة أبحاث خاصة مقرها الولاياتالمتحدة (شيء بغيض جدا أن نغض الطرف بينما يحصل عبد القدير الذي اطلق عليه صفة) مجرم دولي (على عفو من أكثر حلفاء الولاياتالمتحدة أهمية في الحرب على الارهاب). واضطر المسئولون الامريكيون إلى أن يوازنوا بين دور مشرف في محاربة الارهاب وبين القلق إزاء المقاتلين الذين يشنون هجمات داخل الاراضي الهندية انطلاقا من باكستان ومن تنافسها العسكري والنووي مع الهند. كما أثارت الولاياتالمتحدة مخاوف من احتمال وصول معدات تستخدم في تصنيع الاسلحة النووية ومعلومات فنية من باكستان إلى أيدي إرهابيين أو أنظمة مثل الموجودة في كوريا الشمالية وإيران وليبيا التي اتهمتها الحكومة الامريكية برعاية الارهاب. وعزز هذه المخاوف ما تكشف في الاونة الاخيرة عن أن خان الذي يعتبر بطلا قوميا في باكستان منذ أسس برنامجها النووي كان يتزعم شبكة باعت معدات وأسرارا نووية في السوق السوداء. لكن الولاياتالمتحدة اضطرت لسلوك نهج حذر في دفع مشرف إلى اتخاذ قرارات بشأن قضايا مهمة دون تغذية المشاعر بين مواطنيه في باكستان بأن الجنرال السابق يعمل بتوجيه من واشنطن. وكان مشرف قد نجا الشهر الماضي من محاولة فاشلة لاغتياله. وكانت هذه الموازنة واضحة خلال الاسبوع الحالي عندما أمسكت الولاياتالمتحدة عن انتقاد مشرف بعد عفوه عن خان. وكشف جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.أي.إيه) يوم الخميس الماضي عن أن الشبكة التي كان يتزعمها لنشر الاسلحة النووية كانت تثير شكوك المخابرات الامريكية منذ فترة طويلة. كما لم يعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية أي معارضة لقرار مشرف بل ركز بدلاً من ذلك على القضية الاكثر أهمية وإلحاحا وهي التزام الحكومة الباكستانية بالحيلولة دون انتشار المعدات والمواد المرتبطة بتكنولوجيا الاسلحة النووية. وقال باوتشر (الاهم هنا هو أن تتخذ حكومة باكستان خطوات للتأكيد على أن باكستان لن تكون مصدراً للانتشار.. وفيما يتعلق بمسائل مثل الحكم على شخص أو العفو عنه أو أي شيء آخر فهذا في واقع الامر شأن تقرره باكستان). ورغم العفو عن خان كانت رغبة الرئيس مشرف في تحديد مسئولية خان ، الذي يحظى بشعبية كبيرة والذي تلا اعتذاراً بثه التلفزيون الرسمي، بمثابة انتصار رمزي على الاقل. وقال فينستاين الخبير بمجلس العلاقات الخارجية إن التزام مشرف العلني بضمان عدم نشر أسلحة الدمار الشامل كان نجاحاً مهما للسياسة الخارجية الامريكية. وقال إن موقع باكستان يجعلها أرضية خصبة لمن اسماهم الارهابيين كما أن حيازتها لاسلحة دمار شامل واهتزاز مؤسساتها السياسية جعلها منذ فترة طويلة حلقة ضعيفة بدرجة بالنسبة للسياسة الخارجية الامريكية. وقال فينستاين (عندما تمضي الامور بصورة غير مرضية في باكستان.. فيمكن أن يكون لذلك عواقب خطيرة بالنسبة للولايات المتحدة وثبتت صحة ذلك منذ فترة طويلة).