مع الايام الاولى لبدء فصل الربيع هبت رياح السلام من جديد على الشرق الاوسط بعد جمود على مدى اسابيع وذلك اثر الاعلان عن عقد قمة مقبلة بين الرئيسين الامريكي بيل كلينتون والسوري حافظ الاسد عشية استئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية يوم الثلاثاء في واشنطن. وستشكل هذه القمة التي أعلنها كلينتون في دكا يوم الاثنين الدليل الملموس على الجهود الحثيثة التي تبذلها واشنطن من اجل اعادة اطلاق المفاوضات السورية الاسرائيلية للبحث في انسحاب عسكري اسرائيلي من هضبة الجولان التي تحتلها الدولة العبرية منذ 1967م في مقابل اتفاق سلام. وكانت هذه المفاوضات استؤنفت للمرة الأولى في 15 كانون الاول/ ديسمبر في واشنطن بعد توقف دام قرابة اربع سنوات، ثم علقت في 10 كانون الثاني/ يناير بعد جولتين، إذ ان سوريا تصر على مطالبة اسرائيل بتعهد مسبق بالانسحاب من الجولان حتى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967م. وقد ردت اسرائيل بكثير من الحذر اثر الاعلان عن قمة كلينتون والاسد التي ستكون الثالثة منذ كانون الثاني/ يناير 1994م. وقال مكتب رئاسة الحكومة الاسرائيلية في بيان (نأمل في ان يؤدي اللقاء الى استئناف المفاوضات ولكن ذلك لن يحدث إلا اذا توافرت الشروط الملائمة لذلك). وعبر الوزير المكلف بشؤون رئاسة الحكومة المقرب من رئيس الوزراء، حاييم رامون، ايضا عن امله في ان يؤدي هذا اللقاء الى استئناف المفاوضات، مؤكدا من جديد ان اسرائيل لن تقبل أي (شروط) من سوريا,,!! وفي هذا الصدد اعتبر باري روبن الخبير في المسائل الاستراتيجية في جامعة بارْ ايلان في تل ابيب انه نبأ سار, فكل تحرك جدي يعتبر نبأ سارا,، وقد عبر عن الاحساس بإمكان حدوث اختراق قريبا اثناء قمة جنيف نتيجة التصريحات التي ادلى بها وزير الدفاع السوري العماد اول مصطفى طلاس الخميس الماضي حيث توقع معاودة المفاوضات على المسار السوري الاسرائيلي (في غضون اسابيع). وكان طلاس وهو ايضا نائب رئيس الوزراء السوري اعلن في بنشعي بشمال لبنان ان (مساعي كلينتون الخارقة والصادقة ستسفر في غضون اسابيع عن عودة المفاوضات بين سورياولبنان واسرائيل). في موازاة ذلك التقى الفلسطينيون والاسرائيليون امس الثلاثاء في قاعدة بولينغ الجوية الامريكية لاستئناف محادثاتهما حول الوضع النهائي في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين ايضا من اسرائيل منذ حزيران/يونيو 1967م. ومن المفترض ان تفضي هذه المفاوضات بحلول اواخر ايار/ مايو الى اتفاق ْ اطار يحدد الاطر الكبرى لتسوية شاملة في 13 ايلول/ سبتمبر المقبل كموعد اقصى. وكان باراك والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قررا استئناف هذه المفاضات في الثامن من اذار/ مارس الماضي في ختام لقاء قمة وضع حد لازمة استمرت شهرا كاملا. كما قامت اسرائيل في بادرة رمزية لكن مع تأخر شهرين بنقل 1,6% من اراضي الضفة الغربية الى الفلسطينيين عندئذ ستسيطر السلطة الفلسطينية جزئيا او كليا على حوالي 40% من مساحة الضفة الغربية. ويؤكد باراك رغبته في ابرام اتفاقان سلام مع الفلسطينيين وكذلك مع لبنانوسوريا قبل نهاية هذا العام. غير ان معظم الخبراء يرون ان في مقدمة اولوياته التوصل الى اتفاق سلام مع سوريا، بما يسمح للجيش الاسرائيلي بالانسحاب بصورة منظمة بحلول تموز/ يوليو من المنطقة التي يحتلها في جنوبلبنان كما أكدت الحكومة الاسرائيلية رسميا في الخامس من اذار/مارس. الى ذلك عبر الخبير الاسرائيلي روبن عن اقتناعه بان احتمال تحرك المسار السوري مجددا سيكون له انعكاس ايجابي على المسار الفلسطيني لأن الفلسطينيين (يخشون اذا ابرمت اسرائيل اتفاقا مع سوريا ان تصبح الدوافع اقل لدى (الدولة العبرية) لتقديم تنازلات. وعن المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية التي بدأت امس قال ياسر عبد ربه ان موضوعي .الاستيطان والانسحاب الاسرائيلي الثالث من الاراضي الفلسطينية سيشكلان (المحك الاساسي) لتقدم المفاوضات. وقال ياسر عبد ربه وزير الثقافة والاعلام الفلسطيني ورئيس الوفد لمفاوضات الوضع النهائي لوكالة فرانس برس .موضوعا الاستيطان والانسحاب الثالث من الاراضي الفلسطينية سيحتلان الاولوية في مفاوضات واشنطن والتوصل الى حل بشأنهما سيشكل محكا اساسيا ووحيدا لجدية هذه المفاوضات . واضاف لا يمكن الحديث عن استمرار التفاوض في الوقت الذي تستمر اسرائيل بسياستها في نهب الاراضي الفلسطينية وهدم بيوت الفلسطينيين وتوسيع مستوطناتها. وبدأت امس مفاوضات فلسطينية ْ اسرائيلية مكثفة وباشراف امريكي وذلك في قاعدة (بولينغ) الجوية القريبة من واشنطن ومن المفترض ان تستمر قرابة عشرة ايام. ويضم الوفد الفلسطيني الذي يرأسه عبد ربه كلا من صائب عريقات وزير الحكم المحلي ورئيس الوفد التفاوضي للمرحلة الانتقالية ومحمد دحلان رئيس جهاز الامن الوقائي في قطاع غزة اضافة الى عدد من الخبراء القانونيين. في حين يرأس عوديد عيران الوفد التفاوضي الاسرائيلي الذي يضم في عداده خمسة مفاوضين وخبراء. من جهة اخرى اتهم عبد ربه .الحكومة الاسرائيلية وبخاصة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك بعدم احترام تعهداته المتعلقة بوقف النشاطات الاستيطانية دون ان يقدم اية توضيحات عن هذه التعهدات. غير ان مصادر فلسطينية مطلعة ذكرت لفرانس برس ان باراك قدم لعرفات في احد الاجتماعات السرية التي تمت بينهما الشهر المنصرم .وعودا باتخاذ اجراءات لوقف النشاطات الاستيطانية اليهودية في المناطق الفلسطينية دون اتخاذ خطوات علمية للالتزام بها. وقالت هذه المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها ان .باراك قدم هذه التعهدات خلال لقاء جمعه وعرفات في بداية شهر شباط/ فبراير المنصرم مشيرا الى انه اكد للزعيم الفلسطيني انه سيعلن عنها في الوقت المناسب . واضافت ان .رئيس الطاقم التفاوضي الاسرائيلي عوديد عيران طرح الامر ايضا خلال احد الاجتماعات الخاصة بمفاوضات الوضع النهائي . وذكرت هذه المصادر ان التعهدات هذه تتضمن ثلاث نقاط وهي: ْ وقف اعطاء رخص بناء جديدة في المستوطنات. ْ وقف البناء في الرخص التي تم اصدارها ولكن لم يتم مباشرة العمل بها. سحب حق مصادرة اية اراض في الضفة الغربية من يد قائد المنطقة العسكرية الوسطى كما هو معمول حاليا وتحويلها الى يد وزيرالدفاع اي باراك الذي يقرر وقف اعتبارات امنية ضرورة المصادرة من عدمها وكذلك التعهد بعدم هدم اي منزل فلسطيني, واوضحت المصادر الفلسطينية ان .الفلسطينيين اختلفوا مع الجانب الاسرائيلي خصوصا حول مصطلح .الاعتبارات الامنية التي تبيح لهم مصادرة اراض فلسطينية باعتبارها تعبيراً مطاطاً يمكن للاسرائيليين استخدامه كما يشاؤون عدا رفض الفلسطنيين المطلق لاية مصادرة للاراضي مهما كان سببها . غير ان هذه المصادر اشارت الى ان القيادة الفلسطينية رأت في حينه ان .موقف باراك يحمل بعض النقاط الايجابية خاصة فيما يتعلق بوقف اصدار رخص البناء وانه يمكن الاستمرار في التباحث حول هذه المسألة وصولا الى تسوية مرضية للجانبين,وكان الفلسطينيون في حينها حذروا من أنهم لن يستمروا في مفاوضات الوضع النهائي اذا لم تلتزم اسرائيل بوقف النشاطات الاستيطانية التي شهدت خلال الاشهر الاولى من حكم باراك تزايدا كثيفا فاق كل ما قامت به حكومة اليمين المتشدد السابق بزعامة بينامين نتنياهو خلال ثلاث سنوات من عمرها. واشارت المصادر الفلسطينية الى ان .باراك تعهد بالاعلان عن هذه الاجراءات في الوقت المناسب غير ان الوقت مر دون ان يفي بتعهداته . واكد عبد ربه ان .الانسحاب الاسرائيلي الثالث وفق اتفاق اوسلو سيشكل بدوره محكا لجدية الجانب الاسرائيلي في الالتزام بالاتفاقيات الموقعة والمتعلقة تحديدا بانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي الفلسطينية المحتملة . واوضح عبد ربه ان مفاوضات واشنطن ستتواصل بشكل مكثف لبحث التوصل الى اتفاق اطار حول قضايا التسوية النهائية . يذكر انه وفق التفاهم الذي توصل اليه عرفات وباراك في لقائهما قبل حوالي عشرة ايام في مدينة رام اللهبالضفة الغربية تم تمديد الموعد الزمني للتوصل الى اتفاق الاطار حتى نهاية شهر ايار/ مايو المقبل. كما تضمن التفاهم ان يتم التوصل الى اتفاق حول حجم الانسحاب الاسرائيلي الثالث مع نهاية شهر حزيران/ يونيو المقبل. وحول ما اذا كان الوفد الفلسطيني يحمل معه مقترحات محددة ومكتوبة حول القضايا التي سيتم بحثها اكتفى عبد ربه بالقول .نحن جاهزون تماما للتباحث حول كافة القضايا وعلى اساس الموقف الفلسطيني المعروف وهو ان المفاوضات ينبغي ان تفضي الى تطبيق القرار 242 بما يعني انسحاباً اسرائيلياً كاملاً عسكرياً ومدنياً من كافة الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ,واضاف .وينطبق ذات الامر على موضوع اللاجئين وحل قضيتهم وفقا للقرارات الدولية الخاصة بهم ,وعن المشاركة الامريكية في المفاوضات قال عبد ربه .نحن لانمانع ان يكون هناك مشاركة امريكية مباشرة في المفاوضات ولكن المتفق عليه حتى الان مباحثات ثنائية (فلسطينية ْ اسرائيلية) ترافقها اجتماعات ثلاثية خارج اطار التفاوض بمشاركة امريكية .