حقيقة سافرت قلوبنا.. وعقولنا.. حتى أقلامنا.. تشق عباب البحر.. إلى شواطئ الأستاذ عبدالله الكثيري.. الجميلة الحالمة بصدق الإبداع.. ما أجمل ما قرأناه في زاوية الكثيري الاجتماعية الرائعة يوم أن سافرت كلماته هو الآخر.. عبر هدف أسمى سهت عنه أقلام وأقلام.. ولم تحي فيهم نخوة الكتابة عن موضوع كموضوع الكثيري.. رغم أن ما كتبه هو ما يجب أن نغمس فيه أقلامنا.. ونشعل فيه أفكارنا.. ونترقب فيه معادنا. من فاتته رائعة الكاتب في زاويته فاتته.. تذكرة رائعة.. لحال بعضنا فإنه أن يوجه كلمة شكر إلى من سطر هذه التذكرة.. فما كتبه ما هو إلا عين الحقيقة.. وواقع أليم لحال من يسكن هذه البسيطة.. كلمات الكثيري في زاويته شاطئ ليوم الجمعة 18/10/1424ه وفي عددها «11397» تحمل عنواناً رائعاً.. استلهمه.. من واقع إيمانه العميق.. يوم أن فكر بأن على كل فرد أن يكون مسؤولاً أمام ضميره عمّا يجب أن يفعله عندما يكون فناء أول منازل الآخرة «القبر» فكتبت كلماته وخط قلمه «السفر إلى الآخرة» فما أروع هذا العنوان وما أصدق المكتوب.. الآن أمسك بقلمي لأكتب لكم.. وأفرغ ما يجول في خاطري شيئاً مما أثاره المقال!! نعم.. وكما ختم بزاويته الكاتب قائلا (لا وألف.. لا لقلوبنا المتجمدة.. ومرحي للعيش أحباباً لخالقنا.. والناس منا».. هنا نستشعر فعلاً خطأ من يتعلق بالدنيا حتى وهو في المقبرة.. يتحدث مع فلان من الناس في أموره التجارية.. حتى ان نفسه.. لا تطيق أن يرجئ مثل هذه الأمور.. واستشعار حرمة القبور.. أي دنيا هذه؟؟ أنها «رحم تدفع.. وأرض تبلع»!! قال الشاعر: أيا من عاش في الدنيا طويلاً وأفنى العمر في قيل وقال وأتعب نفسه فيما سيفنى وجمّع من حرام أو حلال هب الدنيا تقاد إليك عفواً أليس مصير ذلك للزوال؟ كم من ضاحك في المقبرة.. شاهدته بأم عيني.. ما أقسى القلوب والله!! ممّ تضحك؟؟!! هي الدنيا جلبت عليك المهالك.. فاتعظ بقول الشاعر: كم ضاحك والمنايا فوق هامته لو كان يعلم غيبا مات من كمد من كان لم يؤت علماً في بناء غد ماذا تفكر في رزق بعد غد لله درك.. أيها الكثيري هكذا يكون الطرح!! وهنا نتفيأ ظلال زاويتك الرائعة.. وليت بعض كتابنا كتاب أعمدة الجزيرة يتمثلون صدق الطرح، ويحتذون حذو أطروحاتك الحية الرائعة.. النابضة بقلب المجتمع.. وهمومه.. ومشاكساته.. بحق أتطلع صباح كل جمعة.. لاستقي من إبداعاتك.. وأنهل من شواطئك.. شربة فكر لا ينضب.. ورأي للب يسلب.. في كلام مقتضب!! ** في صحيفتنا كتاب أعمدة رائعون بحق.. نتفيأ ظلال زواياهم الرائعة.. الحالمة بجمال العبارة.. في لغة أدبية معبرة كما هو عند الكاتب الرائع د. عبدالرحمن العشماوي.. والأستاذ المحلق في سماء الإبداع حمد القاضي وأيضاً نعيش الفكر الناضج والاستدلالات النيرة، والاشارات الجديرة بالطرح وبأسلوب علمي جميل تتوافق فيه الكلمة العربية مع الأعجمية بتوظيف عجيب كما هو عند الكاتب المميز د. فارس الغزي.. فما أجمل أن نجد عند كتابنا أفكاراً جديدة تجعلنا نستسلم لأحرفهم.. نقرؤها حرفاً حرفاً.. وما أتعسنا عندما نقرأ لكاتب منحه الله وجها وصنع لنفسه وبقلمه وجهاً آخر!! فتجد جلّ كتاباته.. ينساق خلف تمجيد الآخرين.. يكون محبوه من خلال محاباة حرفة حتى لو تجاوز فيما كتب الحقيقة وخالفها.. المهم أن يرضى غرور الآخرين كل يحب أن ينال نصيبه من ذكر عالمه وموطنه.. وليكتب بكلمات.. لو عاش سيبويه وقرأ ما كتبه لانتحر وهو يرى لغته تنتحر على فوهة أقلام حجزت حروف لغته بالعامية وبين «أقواس» مراراً وتكراراً.. فمتى يعي الكاتب أن اللغة الفصيحة حلية الكاتب.. ويحترم قلمه وقارئه.. ويقدّم ما يفيد.. لا ما يريد!! فإلى متى تقوم كتاباتنا على الاستجداء.. وتنبنى على ثورة الاستعلاء.. أما هناك من يقيم للحرف وزناً.. وينثر الحرف صرفاً.. ويحمي بعض زوايانا من عبث الحروف.. وسلطة قهر الظروف!! مازلت أتساءل وأنا أرمق من يمتهن رسالة الكلمة.. قال الله تعالى {ن» وّالًقّلّمٌ وّمّا يّسًطٍرٍونّ } {ق» وّالًقٍرًآنٌ المّجٌيدٌ} إني لا أعلم كيف نمتهن حرفاً أقسم الله به ونتخذه وعاء للزيف.. والنفاق.. حرفنا العربي بلغته الفصيحة هو القوة والفصاحة... هو مصدر عزتنا وكرامتنا.. هو أصالة كل ابداع.. نرمقه هو الجمال بعينه.. لا نريد في صحافتنا أقلاماً.. فكرها عار.. تتراقص أحرفها.. على مسرح الثقافة في الجزيرة.. وبشكل مزر.. وبحرف لا يحمل من روحه.. ما يضمن للغتنا الفصيحة البقاء!! إن هناك كتاباً.. يعدّون رمزاً مميزاً للكلمة الصادقة.. الفصيحة.. والمفيدة.. ولكنهم صمتوا يوم أن تحدث الآخرون.. هم معتكفون في صومعتهم الفكرية، إننا بحاجة إلى استنطاقهم لنحيل بعض زوايا الجزيرة شذى بعطر كلماتهم.. بدلاً من ضجيج البعض.. الذي بات يغرف من بحر خزعبلاته، والآخر مما استعجلت به ذاكرته.. في دائرة من دوائر حياتنا!! ختاماً أكرر.. شكري لكاتبنا الرائع.. الأستاذ عبدالله الكثيري.. على طرحه الرائع في زاويته شواطئ وأقول.. ما زلنا متعطشين.. لمداد قلمك.. فاكتب لنا فمنذ زمن ونحن نسافر كل جمعة إلى شاطئك الجميل!! سليمان بن ناصر عبدالله العقيلي / معلم بمتوسطة صقلية - المذنب