قبل أن يفتك به المرض ويهد قواه على الرغم من أنه لا يعلم ماذا يخبئ له القدر أراد أن يودع دنياه برائعة أدبية لفئة عزيزة وغالية على قلوبنا جميعا.. انه الأستاذ والمربي الفاضل والأديب عبدالله بن عبدالرحمن الملق الذي وافاه الأجل المحتوم في يوم الخميس بتاريخ 14/7/1424ه رحم الله أبا عبدالرحمن وأسكنه فسيح جناته. قبل نهاية العام الدراسي الماضي ونحن في طور الاستعداد لتنظيم حفل مهرجان (طالب التربية الفكرية) زرته بصحبة زميل لي في بيته حتى انه لا يعرف سببا لزيارتنا على الرغم من وجود موعد مسبق إلا أنني حين عرضت عليه فكرة المهرجان لهذه الفئة وما سوف يقدم لها حتى بادر بالاستعداد سريعاً دون تردد وقال: هذه الفئة تستحق كل تقدير ودعم ومساندة، فعرضت عليه بعضاً من قصائد سابقة عن المعاقين فأبدى رأيه فيها بأنها تعبر عن معاناتهم أكثر من أنها تثبت ذواتهم، فهم بحاجة لأن يقولوا للناس ها نحن هنا ولسنا قاصرين لاسيما والاتجاه الحديث في تعليمهم وتربيتهم ورعايتهم يدعو لدمجهم مع العاديين.. انتهى كلامه وعجبتُ لقوة معرفته وثقافته على الرغم من أنها المرة الأولى التي التقي به وإذا هو يحمل في صدره صورا إنسانية كبيرة ذات معان صادقة لا سيما وهو شاعر من شعراء حائل المتميزين. وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بشهرين أو تزيد قليلاً جاء بقريحته الشعرية لأبنائه المعاقين واعتقد إن لم تخني الذاكرة انها آخر ما نظم من شعره وقبل ان ينثر شعره قدم إهداء رائعا لهذه الفئة ومن يعمل معها وفيه قيمة معنوية تدفع للهمم: «إلى كل طفل قاوم الإعاقة وإلى كل معلم يحترق كي يضيء لهؤلاء عتمة الحياة.. لكم جميعاً صادق الود..». ثم انشد فيهم (لا تلمني يا صديقي) لا تواسيني فإني لست استجدي التمني لا تلمني يا صديقي كلنا ذات المسير ويواصل قصيدته على لسان حال الطفل المعاق معبرا عن صدق عزيمته وقوة ارادته وان اعاقته لا تحد من امانيه وطموحاته.. في طريق العلم أخطو أجتني عذب العلوم لم أعد في الكون طِمْرا ما له في الناس أمرا ويصور حال المعاق بأن لديه قوة واعتمادا على النفس.. ها أنا أحمل زادي فيه محياي ومماتي يا إلهى .. يا إلهى زدني صبراً.. يا إلهى وامنح الصابر أجراً يعتني شأنا وقدراً هذه الابيات أنشدها طلاب مدرسة أحد في احتفالية كبيرة بمناسبة «يوم طالب التربية الفكرية» وكانت رائعة كروعة قائلها وستبقى ارثا ثقافياً في نفوس الاطفال المعاقين ومن يعملون معهم حين يرددونها يتذكرون عبدالله بن عبدالرحمن الملق ويدعون له بالرحمة والمغفرة. [email protected]