شاعرنا هذا الأسبوع هو الشاعر المعروف محسن بن عثمان الهزاني وينسب الهزازنة إلى قبيلة عنزة المشهورة. ولد شاعرنا في النصف الأخير من القرن الثاني عشر الهجري في بلدة الحريق بالقرب من حوطة بني تميم والهزازنة هم أمراء الحريق وشاعرنا من أشهر شعراء الجزيرة العربية وقد نبغ في الشعر خاصة الغزلي منه كما تولى إمارة الحريق إلا أنه لم يستمر فيها إذ تفرغ لشعره وعشقه وقد كان شعره جميلا وعذبا واشتهر بسامرياته ذات القافيتين ومن قصائده قوله وقد ضمنها بعض الحكم: من ناظري دمعي على الخد مسكوب ومن الحوادث شاب راسي وأنا شاب لا لذ لي زاد ولا حلو مشروب ولا لموق العين حلو الكرى طاب لا شك ما يجري على العبد مكتوب طول الزمان وكل شي له أسباب وأنا سبب قتلي ضحا شفت رعبوب يضحك ويومي لي وأنا من ورى الباب من قبل شوفي له,, وأنا قبل أبا توب وإمترك عني هوى تلع الأرقاب العين خرسا كنها عين يشبوب وجدايل من فوق الأمتاف ,,. لولا الحيا نطيت من راس مشذوب وأنوح نوح الورق وأجيب ما جاب يالله يا مولاي يا خير مطلوب ياللي إلى من ساله العبد ما خاب تجعل موازين المحبة على الدوب بيني وبين مورد الخد بالباب ختمي صلاتي عد ما سار مندوب يمشي بعقد الصلح من باب الأحباب وله قصيدة مشهورة ذات معاني جامة وسلاسة عجيبة ورقة جميلة منها: بيني وبين صويحبي وقفة أحوال يا من يدير الصلح بينه وبيني أعطيه ما تملك يميني من المال وأجعل مقره بين جفني وعيني وهي طويلة ولكن إقرؤا هذه القصيدة الرائعة التي بين فيها شاعرنا معاناته من العشق والهوى ويصف حاله من بعد فراق محبوبته فيقول: طيف بعيني طاف والناس عزقا بالنوم,, وأحرمني بلذات الأحباب لحج الهوى بي من جنوب وشرقا ونشقت عرف طاف من بين الأطياب حبه رقا في ضامري كل مرقا له من صعود القلب قصير ومرقاب له لسعة في لاجي الروح زرقا وسم المحبه ينقض كل ما طاب قربه امعيش وان يدا منه فرقا عفت المنام وطيب عيشي والأشراب حبه صبغ بالقلب طرق بطرقا فلو محبته بازق الدمع ما ذاب ومن قصائدة التي تدل على إيمانه بربه وثقافته الدينية وتنفي عنه كل ما روي من روايات تسيء إليه وتتهمه بما هو بريء منه وهي قصيدة مليئة بالحكم والنصائح وتعد تعبيرا عن تجربته بالحياة وخبرته: غنا النفس معروف بترك المطامع وليس لمن لا يجمع الله جامع ولا مانع لما يعطي الله حاسد ولا صاحب يعطيك والله مانع ولا للفتى أرجا من الدين والتقى وحلم عن المجرم وحسن التواضع وصبر على الفايت ولا راس ماغلا فما فات من لاقات ماهوب راجع فهل تدفع البلوى وهل يمنع القضا فما للذي ياتي من الله دافع ويستمر فيها إلى أن يقول في هذه القصيدة الرائعة ينصح ويوجه: وأحذرك عن درب الردى لا تبي الردى فتصبح طريح بين واشي وشافع تشمت عليك عداك في كل مجلس وكن عاقل وأترك كثيرا لمطامع فكم واحد يمدحك في حد حضرة وهو ربما في عرضك إن غبت راتع ويا شيت مالي حيلة غير أنني على شاطىء الجرعا أسر الخراوع أكفكف دموع ألم الكف كفها لها بين ملقا صحن هدي تتابع فلا الوجد معدوم ولا الصبر موجد ولا الهم عن وادي فؤادي بناجع سل الله بالأنفال والحج والضحى وباللي إلى أحياه تلقاه شافع بنوٍ عريض خالي اللون مظلم منه الفرج يرجا إلى شيف طالع ونكتفي منها بما أوردناه لأنها طويلة لننتقل إلى قصيدة أخرى تختلف في موضوعها وأسلوبها حيث يصف شاعرنا الهجن ويوصي ركابها. يا ركب يا مترحلين مراميل مجهول منجوب الفرافد اعجافي فج المرافق كنهن الهراقيل لين المقاود ناحلات الخفافي من سبعة أعوام وهن كنس حيل لما لمسن عن سوج عوج الصلافي ومعفيات عن شديد وترحيل ذوارب في طي نشر الفيافي هجاهج يستتبعن المخاييل ولا شك إني لاين اليوم وافي يا راكب لي بارسان روس المراسيل عوجوا مقاودهن لين أزن قاضي تحملوا ملغوط منظوم ما قيل عغص وزاج زج في صفح صافي من ميم حاسبن وتون بتسجيل بمنمق ما به عن الكل كافي وهنا يقول انتظروا حتى أنتهي من وزن ونظم قصيدتي واحملوا ما قيل وكتب بعفص وزاج وهما مادتان يتركب منهما الحبر الأسود, ثم يقول من م ح س ن أي محسن بخطاب منصف ومرتب ما به من كلام يكفي عن كل شيء لبلاغته وشموله ويستمر في قصيدته قائلا: أبهى من الياقوت وأحلا مناويل وأعذب من السلسل بين الاشافي ومنمق بازكي سلام وتغصيل وزن نيزه عن بنا كل جافي ما هزت الأرياح غصن بتذليل أوعد ما طافوا بوسط المطافي أو ما سعا الساعي بكأس الفناجيل في معشر ما عن صفاه اقصرا في أو مار مافي بالعيون القواتيل عزوٍ جفاني والغرام التجافي ولولا الخوف من الإطالة لأوردنا هذه القصيدة كاملة لجمالها ورقتها وعذوبتها وهي بنفس القوة والمعنى العذب والتصوير البليغ بلا تكلف وسلاسة عجيبة ورقة متناهية,أما قصيدته المشهورة بالاستغاثة والرواية التي رويت عن مناسبتها حينما أراد أهل الحريق أن يصلوا صلاة الاستسقاء ورفضوا أن يصلي شاعرنا معهم وادعوا أنه فاسق ولن يقبل الله منهم وهو معهم وبعد الصلاة جاءتهم عواصف واتربة فما كان من شاعرنا إلا أن جمع الأطفال والنساء وكبار السن المقعدين ويقال أنه جمع مواشي أهل البلد خلفه ثم صلى فيهم صلاة الاستسقاء ودعا بهذه القصيدة: دع لذيذ الكرى وانتبه ثم صل وابتهل بالدجا وابتهل ثم قل يا مجيب الدعا يا عظيم الجلال يا لطيف بنا دايم لم يزل واحد ما حدٍ قابض باسطٍ حاكمٍ عادلٍ كل ما شا فعل طاهر باطنٍ خافضٍ رافعٍ سامعٍ عاملٍ ما بحكمه ميل يا مجيب الدعا يا متم الرجا أسألك بالذي يا إلهي نزل به على المصطفى مع شديد القوى أسألك بالذي دك صوب الجبل الغنا والرضا والهدى والتقى والعفو العفو ثم حسن العمل واسألك غاديٍ ماديٍ كلما لج فيه الرعد حل فينا الوجل وادقٍ صادقٍ غادقٍ ضاحكٍ باكيٍ كلما ضحك مزنه هطل المحث المرث المحن المرن هاميٍ ساميٍ آنيٍ متصل مدهشٍ مرهشٍ مرعشٍ منعشٍ لمع برقه كما سيوف هندٍ تسل دايرٍ حايرٍ عارضٍ رايحٍ كل من شاف برقه تخاطف جفل كلما اختفق واصطفق واندفق استهل وانتهل وانهمل الهلل والغياض اخصبت والرياض اعشبت والركايا ارعجت والمقلّ اسفهل والحزوم اربعت والجوازي سعت والطيور اسجعت فوق زهر النفل به تعيشي رجال بواد الحريق هم قرومٍ كرامٍ إلى جا المحل هم جزال العطايا كبار الجفان هم لباب الضيوف بليلٍ هشل يا مجيب الدعا يا متم الرجا إستجب دعوتي إنني مبتهل إمح لي سيّتي واعف عن زلتي إنني يا إلهي محل الزلل فأنا الذي بك أمد الرجا ذا ولا خاب من مد فيك الأمل أنت تهدي الذي قال في قولته دع لذيذ الكرى وإنتبه ثم صل ثم ختمه صلاة على المصطفى عد ما نحا سحاب صدوقٍ وهل وهذه الاستغاثة طويلة جدا ولكن أوردنا منها ما يدل على القصة سالفة الذكر وما يفيدنا عن إيمانه بربه, وبعد أن استعرضنا معكم بعضا من أشعار شاعرنا هذا الأسبوع محسن الهزاني الذي بلغت شهرته الآفاق ويعد من كبار شعراء النبط فقد تركنا الكثير من شعره ليس بخلا ولكن لأننا لا نستطيع في هذه العجالة تقديم كل شيء فإلى أن يجمعنا بكم اللقاء مع شاعر آخر نستودعكم الله ولكم تحياتي.