نحن نحترق كما تحترق الشمعة تتساقط دموعنا جمرات لتكوي وجنتينا البريئتين، نحن نسير والضياع يلف كياننا والحيرة تملأ وجودنا، نسير تائهين، نلثم الأنين ونطوي السراب، نضمد جراح قلوبنا التي أدماها الضنى بضماد شفاف سرعان ما يكشف ما وراء الستار ثم تعود الجراح لتكبر وهذا ضمادنا هو شقاؤنا، ثم نعود لنجتر الذكريات التي تمتص الآلام، كما تمتص النحلة رحيق الزهر، وهكذا نحن دورة تسبح في عالمين متناقضين، وهج من النار والألم، تجر في ذيله الأمل، ما أبعد ما نحلم به!! اننا ننسج خيوطا في الهواء، لنصنعها من أوهامنا ونحن وهي مجهولي المصير. لا أدري ما الذي دفعني للكتابة، أحس برغبة شديدة لها.. فالكلمات التي تخرج من الشفاه هي قطرات تبلل النار المشتعلة في الفؤاد المضني فتخفف من وهجها..!! أحس بفراغ كبير يملأ حياتي كيف لا وقد فقدت سر حياتي، فقدت الروح التي ترتوي بها روحي وصدى الانين الجارح الذي ينوح عليها، يهد كياني، يزعزع الثقة في نفسي، وأنا في قمة الثقة بها. لقد كانت نبعا صافيا يرتوي منه فؤادي الظمآن ليستقي منها سلافة الروح ظلها يلاحقني.. خيالها يرقص في كل جزء من حياتي حتى بين أحرف هذه السطور.. أحس بالنجوم تحتضنها فتحملق عيناي فيها. وتمتد يدي لتحلق بها فتتعب عيناي وتدمي يدي وتشقى نفسي.. هكذا انا كيان يحترق تخمده الذكريات فيكويني رماده البارد حتى بت احس ان العالم كله حريق، حريق كبير تصهرني نيرانه. انني كزورق تحطم شراعه يسبح في خضم بحر واسع تتلاعب به العواصف وتتلاطمه الأمواج، يصرخ ويستغيث وكأنما يصرخ في كهف تتجاوب فيه اصداء ندائه بل وكأن الكون يستصرخ ويستغيث معه.. ولكن ضحكات البحر وقهقهات الأمواج الساخرة تضعف مقاومته.. تشل نور الأمل الضرير بين جوانحي لأكون كعصفور قص جناحه، يريد ان يرتفع ليصل الى وكره.. وغريق يبحث عن يد حنونة تقوده الى شاطئه الأمين.. ربما تقودني أقداري الى عشي الوفي أو شاطئي الأمين.. ربما..؟!