أثار اهتمامي المقال الذي أسعد به قراء «الجزيرة» في عددها الصادر بتاريخ الأربعاء 18 من ربيع الآخر 1424ه الموافق 18/ يونيو/2003م العدد «11220» الأستاذ الأديب نزار رفيق بشير متناولاً فيه بالنقد البنّاء قصيدة كان قرأها في عدد سابق من الجريدة للشاعر «علي ضميان العنزي» بعنوان «كن فؤادي».. فقلت في نفسي: لمَ لا أرمي بسهمي في ذلك المعترك الساخن، فلعلّي أخرج بنصيب من الغنيمة يُرضي طموحي.. ومرَّت أيام وأنا متكاسل، فاتر الهمّة، ثم نشطت الهمّة وقويت الإرادة شيئاً.. وها أنذا أفعل.. فإلى ما جادت به القريحة، وسمحت به البديهة: يستهل شاعرنا المرهف «علي ضميان» قصيدته مخاطباً فؤاده بقوله: أجِب عني فقد صَعُب السؤالُ هل الليلُ الطويل به وصالُ * لتمام وضوحه.. أما البيت الثاني: وهل عزم المحبُّ على رحيلٍ وظنَّ بأن ليلاه خيالُ فهو ذو صلة مباشرة بسابقه، وفيه أفصح الشاعر عن فحوى السؤال الذي أشكل عليه ايجاد حل له. أما عن ظنه بأن تكون «ليلاه» مجرد خيال فقط، فهذا ما أضع تحته خطاً أحمر.. وأراني أميل إلى ما قال به «نزار» من أن الخيال يستلزم وجود العود، الذي هو في تلك الحال «ليلى الشاعر».. وليلى: رمز للمحبوبة أيَّاً كانت، لريادة قصتها مع قيس بن الملّوح. أما البيت الثالث: ستدمع عينها دهراً طويلاً ويعزف نايها صمتاً جبالُ فقد مرَّ عليه نزار - حسبما أرى - مروراً ترانزيتياً دونماً غوص في مدلوله، مكتفياً بإضفاء صفة النرجسية على الشاعر «علي ضميان». أما أنا، فلم تسعفني المخيلة على فهم العلاقة التي أقامها الشاعر بين عزف الناي وبين صمت الجبال في الشطر الثاني للبيت، فالذي يعزف على آلة موسيقية بعينها غالباً ما يجد من يتحرك لفعله ويتجاوب معه.. ولعلّ الشاعر أراد بهذا البيت أن يُنهي إلينا أن اللحن المنبعث من ناي «مخاطَبته» قد تمخض عن صمت رهيب، زاده رهبةً الصمت المتأصل في تلك الجبال. ..وأعجبتني إلماحةٌ جميلة للناقد «نزار» حول أفضلية تأنيث جمع التكسير - وأن الجموع كلها مؤنثة، مستشهداً ببيت طريف يقول: إن قومي تجمّعوا وبحربي تشبثوا لا أبالي بجمعهم كلُّ جمعٍ مؤنثُ ومضى يصف الناي، والذين تغنوا به.. حيث غنت فيروز لجبران خليل جبران: أعطني الناي وغنِّ فالغنا سرُّ الوجود وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود عنى «جبران» ب«الوجود» في البيت الثاني: الخلائق، وإلا فما الداعي، وما الطائل من وراء تكرار الكلمة ووعاء العربية يتسع لما لا يعدُّ ولا يُحصى من مفردات اللغة؟! ملحوظة: استخدام جبران عبارة «أنين الناي» مؤشر دامغ للشفافية المطلقة والنزوع إلى الناحية الجمالية اللذين تتمتع بهما روح الشاعر الفنان.. فقد كان جبران شاعراً محلّقاً مجنح الخيال، ورساماً بارعاً، صاحب ريشة ذات حساسية مطلقة تجاه الكثير من مواقفه الحياتية.. ولنزار «الناقد» حضور نافذ ونجومية ذائعة الصيت وهو يستشهد بمطالع الأغنيات والمواويل والأزجال، وقد أحسن التمثيل ببيتين لنزار قباني، على سبيل المقارنة والمقاربة بينهما وبين بيت «علي ضميان» في حال خطر الرجل وأهمية مكانته في حياة المرأة إذ يقول الضميان في البيت الرابع من قصيدته: ويذبل حسنُها.. من قال إن ال جمال يدومُ إن مات الرجالُ وهو بيت يرى «نزار» أنه شاهد على غرور الشاعر ووقوفه المنحاز إلى بني جنسه في مواجهة الجنس الآخر «اللطيف».. بينما يقول «نزار قباني» على لسان صبية رائعة الحسن، مكتملة الأنوثة: لمن صباي لمن؟ شال الحرير لمن؟ ضفائري منذ أعوامٍ أربّيها ارجع فبعدك لا عِقْدٌ أُعلِّقه ولا لمستُ عطوري في أوانيها ارجع كما أنت صحواً كنت أم مطراً فما حياتي أنا إن لم تكن فيها وهي أبيات كان أوردها ناقدنا في جملة رؤاه وأخيلته مستشهداً بها.. ولم ينس أن يشير في خضمِّ كلامه إلى أن المطربة الجماهيرية «نجاة الصغيرة»تغنت بها في ذلك الزمان الجميل كل ما فيه.. وقد مضى على أثره كل أصيل.. وحول البيت الخامس: سألتك يا فؤادي: كن فؤادي وحاول أن تبدِّد ما يُقالُ كان للناقد «نزار» لفتة مستملحة حين مَحَضَ الشاعر «علي ضميان» النصح بأن «يسمع ويطنِّش»، لأن كلام الناس - حسب مقولة جورج وسُّوف - «لا بيقدِّم ولا يؤخر».. واستشهد في هذا المقام بأصدق الكلام بعد كتاب الله، حديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: «إن الله أحبَّ لكم ثلاثاً، وكره لكم ثلاثاً، أحبَّ لكم......، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».. «أو كما قال صلى الله عليه وسلم» ومما رآه «نزار» أن كلمة «تبدد» في البيت السابق ذكره «وُضعت في غير مكانها» وحَبَذَ لو أنها استُبدلت ب«تفنِّد» كمثال.. وأشاطره ههنا الرأي، فقد رمى فأصاب كبد الحقيقة.. أما عن «طاري» الغزال، فقد قال «علي العنزي» في البيت السادس: فليلُ العاشقين عليّ عار وأنت غرامكِ الواهي غزالُ بينما أورد «نزار» أبياتاً لأبي نواس يقول فيها: غزالٌ قد غزا قلبي فما إن فيه من باقي له الثلثان من قلبي وثلثا ثلثه الباقي وثلثا ثلث ما يبقى وثلث الثلث للساقي وتبقى أسهمٌ ستٌّ تُقَسَّم بين عُشّاقِ وعن سؤال «نزار»: ما نصيب العشاق من ذلك الكم، أقول مجيباً: نصيبهم.. «أن من جاور السعيد يسعد»: وفي البيت السابع يقول الشاعر: وإني لا أميلُ إلى جنوني فلا يُقنعْك أنّ الناس مالوا وتفسير ذلك البيت عندي: أن «علي ضميان» لا يجنح إلى كونه مجنوناً، إذ إن صفة الجنون مانع طبَعي لإقناع الناكر بأن الناس حادوا عن الجادة.. بيد أن «نزار» أتى هنا بقاعدة اجتماعية أحسبها على قدر كبير من التأثير على الأفراد والمجتمعات حين قال: «إن الناس.. كلٌّ راضٍ بعقله، ولا أحد يرضى برزقه».. وأردف في معرض تحليله للبيت السابق ذكره يقول معلقاً: - أهو جنون الهوى؟ و«الهوى مالوش دوا».. فأسبغ على كلامه شيئاً من ظَرف وطرافة والأدب لا بدَّ له من شيء، ولو كان يسيراً، من خفة الروح يتجدد بها، وينفي عنه صدأ السنين وتراكماتها. وحول البيت: 8- سأرحلُ عنك يا قلبي المعنَّى ومهلاً غربتي: ثَمَّ ارتحالُ يتبادر إلى ذهني أن الشاعر يستوقف «الغربة» وكأنها - في نظره - شيء مجسد «عَرَبة مثلاً» بغية الارتحال بوساطتها صوب جهة ما لا يعلمها سواه، إلا الله سبحانه. أما «نزار» فإنه يرى أن ارتحال الشاعر سيكون شبيهاً بحال من ينتقل من نقطة ليعود إليها، أو أنه سيبدل غربته، بأخرى مساوية لها، ويتمثل في هذا المقام بقول الشاعر، وأحسبه الإمام الشافعي: تغرّبْ عن الأوطان في طلب العلا وسافرْ، ففي الأسفار خمس فوائدِ فتفريجُ هم واكتساب معيشةٍ وعلمٌ، وآدابٌ، وصحبةُ ماجدِ ملحوظة: ..وأما أنا، فما عهدتني أحفظ البيت الثاني من قصيدة الشافعي إلا هكذا: «تفرُّج هم واكتساب معيشةٍ و.........................» ولعلّه مجرد اختلاف بين رواية وأخرى، دون أن يؤثر الأمر في حاق المعنى... وأما البيت: 9- تسير بي الأماني حالماتٍ وترمي واقعي غدراً نبالُ فقد اختصر «نزار» شرحه له بأن أعلن لعلي ضميان قائلاً: «من تأنى نال ما تمنى» غير أنني لا أرى ما هو أبلغ من قول القطامي شاهداً هنا، إذا يقول: قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزَّللُ قد هنا: للتقليل، والمعنى أن المتأني حتى في حال كونه قد لا يدرك حاجته على وجه الكمال، إلا أنه في كل الأحوال خير من العَجُول الذي يغلب أن يكون مصيره ارتكاب الأخطاء والوقوع في المزالق.. ويمضي الشاعر فيقول: 10- وأُصغي للنجوم بغير سمعٍ لأن سماءها ليست تُطَالُ ولي ملاحظتان على هذا البيت، الأولى: أن الشاعر كان يحسن به القول: وأصغي للنجوم بغير «أُذْنٍ» .............» بهذا وحده يستقيم للبيت معناه.. قال المتنبي في حال الرثاء: وما الموتُ إلا سارقٌ دقَّ شخصه يصول بلا كف ، ويسعى بلا رجل وقال الشاعر السوداني المجدد «محمد الفيتوري» في قصيدة له ضمن ديوانه «يوميات درويش متجول»: في حضرة من أهوى ضجّت بي الأشواق حَدَّقتُ بلا «عين» وسعيتُ بلا ساق وزحمتُ براياتي وطبولي الآفاق خدَّامك لكني سلطان العشاق أما الملاحظة الثانية، فهي: - أن «نزار» قد جانب الصواب حين راح يجري مقارنة بين قول «علي ضميان» وبين قول أبي العلاء المعري، الذي نسبه «نزار» خطأً لبشار بن برد.. يقول المعري: فكأني ما قلتُ والليل طفلٌ وشباب الظلماءِ في عنفوان ليلتي هذه عروسٌ من الزن ج عليها قلائدٌ من جُمَان هَرَبَ النومُ من جفوني فيها هَرَبَ النوم عن فؤاد الجبان الجمان: حب من الفضة كاللؤلؤ.. ملحوظة: عادت بنا عجلة الزمان إلى فؤاد الشاعر، يقابله فؤاد آخر.. لكن ثمة فارقاً بين الفؤادين: هو ان الفواء الذي شبّه به المعري «فؤاد جبان» بينما فؤاد شاعرنا: رقيق في غير انكسار، شجاع في غير عنف، فهو عوان بين ذلك. ثم إن الزنوجة أخي «نزار» ليس بالضرورة ارتباطها بسواد اللون، ولقد ولّى منذ أمدٍ بعيد كابوس ال«Colour Bar» الحاجز اللوني، في أكثر دول العالم غطرسةً واستعباداً للمستضعفين.. ..في البيت تشبيه تمثيل «صورة منتزعة من متعدد».. صورة السماء، وهي ممتدة من الأفق إلى الأفق المقابل، في سواد حالك الظلمة، تتخللها صورة النجوم وهي تنتظم لامعة وكأنها قلائد من جمان تتدلى متناثرة على جيد إحدى فتيات الزنج. في مقابل بلوغ النجوم التي هي أسمى ارتفاعاً بدرجات ودرجات.. 11- فأسبح في متاهاتي كأني غريقٌ تزدري فيه الحبالُ ويعلق «نزار» على ذلك البيت بقوله: «وانتقلنا من النجوم في السماء إلى الغرق بدون حبال تنتشل الغريق».. وأقول: «هذا حال الدنيا.. يوم فوق، ويوم تحت». وليت الشاعر عدل البيت ليغدو: فأسبح في متاهاتي كأني غريقٌ قد نأت عنه الحبالُ فلا داعي للعامية، ووعاء الفصحى فيه متسع لأحباب لغة القرآن.. 12- ظمئت وكدتُ أشرب ملح صبري فإذ بالموج في أرضي رمالُ والحمد لله.. ان الشاعر - في المرة الأولى - لم يشرب ملح صبره، فيزيده عطشاً على عطشه. وله الله.. لأن الذي ظنه ماءً في المرة الثانية، لم يكن سوى رمالٍ ترامت أمامه على مد البصر.. ثم أورد «نزار» أبياتاً بغرض المقارنة وإضفاء روح الدعابة والطرافة فيها يقول: يا نديم «الوده» خيَّم للرشا لم يزدني الورد إلا عطشاً قوله قولي وقولي قوله إن يشأ شِئت وإن شئت يشا روحه روحي وروحي روحه إن عشا عشتُ وإن عشتُ عَشا وأحسب أنه وقع في البيت الأول خطأ مطبعي، فالكلمة بين القوسين ربما قصد بها «الورد». وفي الأبيات تلاعب بالألفاظ مرده - حسب «نزار» إلى أسلوب القلب الذي لجأ إليه الشاعر. 13- أأضحك؟ إن ضحكتُ سيقتلوني وأُصبح عاشقاً فيه خبال 14- أأبكي؟ إن بكيتُ سيلعنوني وتلبسني السفاهةُ والضلال بمناسبة هذين البيتين أورد «نزار» مثالين من واقع الحياة، لافتاً إلى أن الشيء الطبَعي أن يكون البكاء للحزن وأن يلازم الضحك الفرح ثم أورد بيتاً من قصيدة تغنت بها فيرزو، فيه تقول: يبكي ويضحك لاحزناً ولا فرحاً كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومَحاَ ملحوظة: كلمة «سيلعنونني» التي استخدمها الشاعر هنا غير جائزة شرعاً وكان عليه أستبدلها بأخرى لائقة .. ثم أتساءل كيف يكون اللعن جزاء البكاء؟.. «هذا حيف عظيم» ..ولقد ذكرني هذا البيت بما يُطلق عليه «أدب اللامعقول» الذي ظهر في أمريكا وأوروبا في أعقاب منتصف القرن الفارط ثم أصبح طابعاً أدبياً سائداً في سائر أنحاء العالم فيما بعد. وكعادته بصفته معلِّماً سابقاً «والمعلِّم لا يشيب» وضع «نزار» النقاط فوق الحروف، فذكّر بضرورة اقتران الفاء بجواب الشرط في حال اتصال جواب الشرط بالسين أو سوف.. وأن الأصل في كلمتي: سيقتلوني، سيلعنوني هو: سيقتلونني، سيلعنونني على أن النون الأولى هي علامة رفع الأفعال الخمسة، والثانية نون الوقاية.. ثم أورد العديد من الأمثلة بغرض ترسيخ القاعدة فشرَّق وغرَّب «الله يعطيه العافية» ولا «فُضَّ فوه». أما البيت: 15- سأرسلُ للطيور عتاب روحي حرامٌ تركها لي أم حرامُ فواضح المرمى، وهو شأن شخصي.. وكيف لنا أن نتدخل في المياه الاقليمية لشاعرنا الرقيق؟ 16- أناديها فترحلُ عن سمائي ويأسرها مع الآفاق آلُ من تُرى ينادي الشاعر هنا؟ أينادي الطيور التي ورد ذكرها في البيت السابق، أم أنه ينادي محبوبته التي رمز إليها على أنها طائر حجبه عنه السراب وأخفته طبقات الجو العليا؟ أما البيت: قد تعللتُها على نكظ المي طِ وقد خَبَّ لامعات الآلِ وهو بيت وعد «نزار» من يشرحه بجائزة، فيحسن بنا إعطاؤه المساحة الكافية من الشرح وذلك بربطه بما قبله من أبيات،وهي: وعسيرٍ أدماءَ حادرة العي ن خَنوفٍ عيرانةٍ شملالِ من سراة الهجان صلَّبها العُ ضُّ ورعيُ الحمى وطولُ الحيالِ لم تُعَطّفْ على حوارٍ ولم يق طعْ عُبيدٌ عروقها من خمالِ قد تعللتها على نكظ المي ط وقد خبَّ لامعاتُ الآلِ وهي من قصيدة للأعشى الكبير «ميمون بن قيس» يمدح فيها الأسود بن المنذر اللخمي مطلعها: ما بكاءُ الكبير بالأطلالِ وسؤالي، فهل تَرُدَّ سؤالي؟ «من البحر الخفيف» يتحدث الأعشى عن ناقته ذات البياض الخالص، السريعة العدو، تلك الناقة التي ترفع ذنبها حين تعدو في نشاطٍ جم وكأنها حمار وحشي، وهي من الإبل الكريمة عالية القدر، قوي عودها بسبب أكلها علف الحمى، ولمنع الفحول عنها الشيء الذي أطال بها الحيال في غيرما حمل يثقل حراكها أو طفل ترضعه فيذهب بعزمها.. ولم تتشنج قوائمها مما يصيب الإبل من داء الخُمال. .. ثم نأتي إلى «بيت القصيد» الذي وعد «نزار» من يشرحه.. وبشّر بأن يصله بجائزة.. وسأحاول فك طلاسمه فلعلني أفوز فوزاً عظيماً.. يقول الأعشى: «لقد تعللتُ هذه الناقة: أي استخرجت بما أملك من خبرة طويلة في شئون الإبل كافة، ما لديها من نَفَسٍ عميق وقدرة على السير، وذلك مع شدة القيظ وقسوة الطبيعة المترافقة مع بُعد المسافة.. وكان ذلك ساعة الظهيرة وقد ارتفع السراب ولمع من على البُعد الآل. ثم ننتقل إلى البيت: 17- وتغرب شمسُ يومٍ كلَّ يومٍ وغرّة كلِّ أشهرنا هلالُ - وليس لي حول هذا البيت أكثر مما انتهى إليه «نزار» فهو تحصيل حاصل، وخلو من أية اضافة.. والذي أرى أن يعيد الشاعر «علي ضميان» معالجته حتى يغدو أكثر تناسقاً وتساوقاً مع سابقاته من أبيات. فخاتمة المطاف.. البيت: 18- إذن قل للمليحة أنْ صِليني فوَصْلُ حبيبتي أمرٌ محالُ الذي يتبادر إليّ أنني فهمت منه أن الشاعر في لهفة من أمره إلى أن تسعى المليحة لوصله، بعد أن أعيته الحيل، وبلغ به الجهد مدى بعيداً دون أن يقطع خط الوصال - حسب فهم نزار. وبذا يُلقي الشاعر عصا التسيار، منهياً رحلته الشاقة التي أرهقت «نزار» من قبلُ، وأرقتني من بعدُ، وذهبت بالكثير من فسفور مخّيْنا. ملحوظة أخيرة: أقول مذكّراً «نزار» في ختام هذا التعقيب، أنه قد يقرأ لي قريباً قصيدة فصيحة، فأرجو أن أكون عنده ممن يقول البيت وأخاه.. شاكراً جميع من أتاح لي الفرصة لأدلي بدلوي في هذا المقام، شاعرنا المحلّق علي ضميان، وناقدنا المدقق نزار رفيق، والأستاذ الفاضل محرر صفحة الرأي.. فالقارئ الكريم الذي يعذُب لدينا بذل الغالي والنفيس في سبيل فائدته ومصلحته.