السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد تفاعلاً مع أحداث التفجيرات الدموية الأليمة، أقدم هذه القصيدة التي نسجتها على لسان طفل ضحية لتلك الجريمة الممقوتة، فقد سمعنا رواية الكبار رجالاً ونساءً، فهيّا نستمع إلى هذا الطفل. أضع القصيدة تحت انظاركم الشريفة، مشاركة مني في هذي الصحيفة العريقة، وتقبلوا أصدق تحياتي أبا بشار. أنا الطفلُ الذي قد فجروني ولا أدري لماذا أبغضوني ففي عينيَّ ينبوعا سلام وعنوان البراءة في جبيني أفي جنح الظلام يُباد طفلٌ ويُسحق في ثرى البلد الأمين؟ دويٌّ كاد يُسقط كلَّ نجمٍ وأنسى مسمعي معنى السكون بأحضان الرصيف وجدتُ نفسي ولم أعهد سوى الحضن الحنون كأني دميةٌ قد قطَّعوها وراحوا دون أن يستجمعوني نشيدي مات في شفتيَّ خنقاً وحَلَّ محله لحن الأنين شموعي في دموعي أطفؤوها وفي مجرى دمائي أغرقوني يميني لم أجدْ حلوايَ فيها لأني لم أجد أصلاً يميني صرختُ أسىً على ساقيَّ لمَّا وجدتُهما ركاماً من عجين ويلهو الريح في أشلاءِ جسمي كما يلهو بأكوام الطحين وما عوقبتُ يوماً دون ذنبٍ إذاً فبأيِّ ذنبٍ مَزَّقوني؟ لأني بُلْتُ يوماً في فراشي؟ فهل من أجل ذلك عاقبوني؟ لأني قد رسمتُ بكحل أمِّي على الحيطان من أحلى فنوني؟ تُراه لأن في قدميَّ طيناً تساقط فوق سجَّادٍ ثمين؟ لماذا صَيَّروا جسدي فتاتاً وفي برد الأزقة بعثروني؟ لماذا عذبوا طفلاً ضعيفاً بكت لبكائه أقسى العيون وما شأني وشأنهمُ فإني صغيرٌ لا أعي حتى شؤوني فما الدنيا لديَّ سوى تسالٍ وحلوى تُشتهى في كلِّ حين ولَهْوٍْ في فناء البيت وحدي أُركِّبُ بالحصى أبهى الحصون وأُبْصِرُ في خيالي ألف خيلٍ وفرساناً وتاجاً ألبسوني فليس الكونُ عندي غير ملهىً وروضٍ ناضرٍ داني الغصون سلوهم: كيف برَّرتم عذابي تُراه بأيِّ قانونٍ لعين؟ سلوهم: من يعيد إليَّ قلباً طفوليَّ الاماني والشجون؟ ففي تلك الثواني شاخ قلبي كأني عشتُ آلاف القرون الا يا أيها الإنسان مهلاً فقد غاليتَ حتى في الجنون ولو أن الجنونَ له لسانٌ تبرَّأ من تطرفك المشين ومن يهتك حِمَى الاطفال حتماً ستمطره السحائب بالمنون فللضعفاءِ ربٌّ ليس ينسى إذا الرحماءُ من قومي نسوني ستنتقمُ العلا ممن أخَلُّوا بميزان السماءِ المستبين ويوماً ما سأثأرُ من أناسٍ برغم طفولتي لم يرحموني