قواعد تبادل المنافع بين نظامي التقاعد المدني والعسكري والتأمينات الاجتماعية التي أقرها مجلس الشورى مؤخراً وينتظر أن ترفع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين لاستكمال الإجراءات الرسمية لاقرارها تُعد في نظري من أبرز الموضوعات التي درسها المجلس في سنته الثالثة من الدورة الثالثة وذلك لأسباب عديدة منها: أولاً: ان هذا النظام سيؤدي إلى فتح مجالات عمل جديدة للشباب السعودي في القطاع الأهلي خاصة إذا ما علمنا بأن القواعد الجديدة تسهل الانتقال من القطاع الحكومي المدني أو العسكري إلى القطاع الأهلي واحتساب جميع سنوات الخبرة السابقة في العمل الجديد.. أي ان الخبرات الطويلة لن تذهب سدى ولن يبدأ الموظف الذي التحق حديثاً بالقطاع الخاص خدمة جديدة بل ستضاف له جميع خدماته السابقة في الحكومة إلى خدمته الحديثة في القطاع الخاص. ثانياً: تسهيل مهمة الانتقال من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص واقرار تبادل المنافع بين النظامين (العسكري والمدني والتأمينات الاجتماعية) سيساهم الى حد كبير في اشغال الكثير من الوظائف الاشرافية والإدارية المتوسطة في القطاع الأهلي والتي ما زالت تشغل بغير سعوديين مثل الوظائف المالية، شؤون الموظفين، الادارية هذا إضافة الى الوظائف الفنية والفنية المساعدة والوظائف الصحية أيضاً والتي ما زال الكثير منها يشغل بكفاءات غير سعودية في القطاع الخاص. ان الموظف الحكومي كان يجد الكثير من الفرص الوظيفية وبمميزات ممتازة، وكان يتردد كثيرا بل ويرفض مثل هذه الفرص، واعرف صديقاً عرضت عليه فرصة وظيفة مدير الشؤون الإدارية في إحدى الشركات براتب يفوق راتبه في الحكومة بمرتين ورفض هذا العرض بسبب انه لم يصل إلى السن التي تسمح له بالتقاعد في نظام الخدمة المدنية وهي عشرون عاما والتي يحصل معها على نصف الراتب، مما جعله متردداً في ان يقبل الوظيفة الجديدة التي ستبدأ خدمته فيها على نظام آخر هو نظام التأمينات الاجتماعية من الصفر!! هذا إضافة الى المئات من الموظفين العاملين في الاجهزة الحكومية والذين لديهم خبرات تتفاوت من (5 10) سنوات ولم يصلوا بعد إلى سن التقاعد والذين يرغبون في الانتقال الى القطاع الأهلي، ولكنهم يترددون بسبب ضياع تلك السنوات الطويلة التي أمضوها في الخدمة. أما وبعد أن تهيأت الظروف لرفع نظام تبادل المنافع الى المقام السامي الكريم لإقراره فإن الأمر سيختلف وسيجد القطاع الأهلي إقبالاً ملحوظاً من الكوادر الوطنية في مختلف المجالات. اننا أمام طفرة سيشهدها القطاع الخاص في تولي الكفاءات السعودية لمختلف المهام والمسؤوليات إلا ان هذا يتطلب إجراء مزيد من التنسيق والتنظيم في المواقف والقرارات، فالوضع الحالي القائم من وجود مؤسسة عامة للتأمينات الاجتماعية، ومصلحة للتقاعد المدني سيوجد نوعاً من الازدواجية وقد يوجد نوعاً من الحساسيات والاختلاف في بعض الجوانب المالية بين المختصين في كل ادارة، خاصة بعد ان يبدأ التطبيق الفعلي وانتقال العديد من موظفي الدولة الى القطاع الخاص والعكس وللقضاء على مثل هذه الاشكالية التي قد تحدث فقد يكون من المناسب دمج مصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في مؤسسة واحدة باسم المؤسسة العامة للتقاعد مع صدور النظام الجديد واقراره، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، لكونها اكثر تنظيما وخبرة ولديها العديد من الكفاءات والخبرات الوطنية قد تكون اكثر تأهيلاً لذلك.. بمعنى ان تدمج مصلحة معاشات التقاعد في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بدلاً من ان توجد مؤسسة مستقلة ومصلحة تابعة لوزارة المالية والاقتصاد الوطني ترجع في جميع قراراتها الى وزارة المالية مما يشكل «بيروقراطية» قد تقف حاجزاً أمام الهدف الذي هدف له نظام تبادل المنافع. وأكاد أجزم أن الوضع لو استمر هكذا بوجود مؤسسة عامة للتأمينات الاجتماعية، ومصلحة للتقاعد المدني في ظل نظام تبادل المنافع بين هذين النظامين سيؤدي الى وجود الكثير من الإشكاليات والقرارات المنفردة، وسعي كل جهاز الى الحصول على المنفعة أو حتى نيل حصة الأسد من العائدات مما قد يعيق احتساب بعض سنوات الخدمة مثلاً. هذا اضافة الى وجود اكثر من مصدر للقرار ولو تم الحاق مصلحة معاشات التقاعد وهي الأقل تنظيما بمؤسسة مثل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية «الأكثر تنظيماً» فإن نظام تبادل المنافع سينجح ولن يواجه أي عقبات «بيروقراطية» يكون الخاسر فيها الموظف السعودي.ان المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أثبتت من خلال استثماراتها المتعددة ومشاريعها الناجحة والملموسة انها المؤسسة الأحق بأن تتولى المسؤولية كاملة في إدارة نظام تبادل المنافع الجديد الذي سيرى النور قريباً بإذن الله. وأخاف ان يصدر القرار الذي تفاءل به الكثير من الناس ثم تأتي خطوات التنفيذ لتفشله بسبب تجاذب الاختصاصات بين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومصلحة معاشات التقاعد لان كل مؤسسة ستسعى إلى مصلحتها مما يؤدي إلى فشل النظام الجديد. [email protected]