قصيدة رائعة لصاحب السمو الامير عبدالعزيز بن سعود «السامر» اخذت وقتاً طويلاً وهي حديث المجالس، وستأخذ وقتاً غير محدود في سجلات الابداع الشعري، وسيجد بها متذوقو الشعر الفصيح والشعر الشعبي غايتهم، لما تحتويه من دروس ابداعية قلما تتوفر بها غيرها.. فجوانب الابداع في القصيدة كثر، ولكنني سأتطرق للجانب الابداعي من الناحية التصويرية الوصفية، واترك الجوانب الاخرى لحديث آخر او ربما تطرق لها احد المهتمين بالشعر الشعبي.. فلنبحر مع هذه الاستهلالة الجميلة مع الامير الشاعر عبدالعزيز بن سعود «السامر»: سقى الله روضة التنهات روضة كاسب الطولات بسيل في حدود العرق الاعلى بانت حدوده ابتداء جميل، وتصوير دقيق، يبلغ ذروته عندما يقول في الشطر الثاني: بسيل في حدود العرق الاعلى بانت حدوده وهذا قمة الوصف وروعته، «فالعرق الاعلى» هو المقياس لقوة السيل، وهنا برزت موهبة الشاعر في توظيف المفردة المناسبة في المكان المناسب. 2- بعد ذلك الاستهلال الجميل عاد شاعرنا ليمارس هوايته في الوصف الجميل: عليها النو صلب واستجل وفيض التنهات حباها الله بسيل بين عند العرب زوده «عليها» اي روضة التنهات، «النو صلب واستجل» لقد ابلغ شاعرنا في الوصف، وارتقى بوصفه للأجمل والأقوى.. بعد ذلك ينقلنا لوصف رائع لصدى ذلك السيل العميم في الشطر الثاني بوصف ولا اروع. 3- «وعلي شوفه بمنزال نزل به كبرت الهقوات يريفون العرب والقوم من فضله ومن جوده» وهنا الضمير يعود على «كاسب الطولات» وتعود كليهما لهدف القصيدة «خادم الحرمين الشريفين» حفظه الله، ثم عدد بعضا من محامده الكثيرة بكلمات قليلة في كتابتها كبيرة في معانيها، وهنا تبرز مقدرة الشاعر على انتقاء اقوى المعاني لايفاء ممدوحها ما يستحقه، وهذه القدرة تجلت عند «السامر». 4- الى من حل بأرض شاجرت لو انها مظمات ومن باكر تشوف السدر فيها مورق عوده وهنا تشبيه بليغ ورائع يستحق ان يكون مثالاً في التشبيهات البلاغية 5- ابو فيصل فهد فهد العرب لاكبرت القالات عواقب رأي سيد جملة الحكام محموده وهنا ايضا لبعض ادوار خادم الحرمين الشريفين، مع بيان تخطيها للحدود الاقليمية وهذا تجسيد لقيادته الحكيمة.. وفي الشطر الثاني رائعة من روائع الشعر فلاحظوها: «رأي سيد جملة الحكام» كلمات لا يصوغها الا المبدعون، معنى يحتاج لعدة ابيات للتعبير عنه ولكن «السامر» اختصرها بثلاث كلمات - سيد، جملة، الحكام - اضف لذلك قوة وجزالة التشبيه، مما يجبرك على التصفيق. 6- ثم يشرح بعد ذلك بعضاً من مناقب أبي فيصل حفظه الله فيقول: «معه راي حكيم يضبط الاوضاع بالازمات تجارب بينات والتجارب صادق شهوده ابو فيصل فهد كل العروبة عالي الهمات نصره الله ونصره من فضل ربه ومعبوده 7- ثم يختم تلك المناقب الطيبة بجمع جميل وتعداد دقيق وشمولية مختصرة لا يصل إليها الا «السامر»: بعدله والوفا والطيب والله كامل الشارات مواقف سيدي لو تنحصى ماهي بمعدوده 8- ثم يرجع شاعرنا للروضة بعد ذلك السيل الذي بانت حدوده على العرق الاعلى، ويبين نتائج ذلك الخير الوفير، وهذا ترابط مميز ليس بمستغرب على هذه القصيدة وشاعرها: عقب ما اخضرت الفيضه وزان البر والطلعات عسى ربي يهني راسه بقصده ومقصوده اقوله واعرف ان الطيب ما يؤخذ على المشهات وهبه اللي فرق حد الليال البيض عن سوده قصيدة تستحق ان تدرس كمنوذج رائع لقوة الشاعرية، وتكامل عناصر التشبيه، والاستعارات الجميلة، والتصوير البديع.. فالشعر ليس وزناً وقافية كما هو السائد الآن.. الشعر هو ما هز الشعور ببديع الكلم، وجمال التصوير، وهذا ما حدث في هذه القصيدة التي اعتبرها نموذجاً فريداً في قصائد المدح، وهو ما صعب المهمة امام المتسابقين «في مسابقة الجزيرة للشعر الشعبي» التي تكفل بها صاحب السمو الامير عبدالعزيز بن سعود «السامر»، وللتدليل على صحة كلامي. رغم كثرة المشاركين وقوة قصائدهم ومن بينهم اسماء لامعة في عالم الشعر الشعبي بقيت هذه القصيدة متفردة عن غيرها في عدة نواحي فنية.. اخيراً ستبقى هذه القصيدة في ذاكرة الابداع الشعري، وهو ما دعاني لمحاولة مصافحة ذلك الابداع. إفاضة نفسي عزيزة دونها الذل موقوف لو طالت الشدات وسنيني عجاف فالعز لا بعته فلا فيه مخلوف الا المذلة تصبح فراش ولحاف