الحزنُ آخر سني فماذا أكتبُ؟ وبأيِّما لغةٍ أقولُ وأُعرِبُ؟ بغدادُ.. كلُّ قصيدة سأقولُها هي من مدامعكِ الحزينةِ تشربُ أنا يا عروسَ الرافدين محاصرٌ والآهُ في كبدي تجيءُ وتذهبُ عندي إليكِ رسائلٌ طيَّرتُها والجمرُ في كلماتها يتلهبُ ما ذنب عصفورٍ بدوحةِ «نينوى» وحمامةٍ في شطِّ «دجلة» تلعبُ ما ذنب تاريخٍ يُهدَّم كلُّه كلُّ الحقائقِ تُستباحُ وتُصلبُ يا غادةَ الدنيا ونهرَ خلودها لي مأرب ولأنتِ نعم المأربُ إن كان ذنبي أن عشقَكِ قاتلٌ فأنا مع العشق البريءُ المذنبُ بغدادُ.. يا تاجَ الرشيد وقصره والوردُ والحلمُ الجميلْ الطيِّبُ أيام يمشي الدهرُ طوع بنانه وبحيثُ يأمرُ.. يستهِلُّ الصيِّبُ أيام في يدكِ الزمانُ شموسهُ لا تختفي ومعينه لا ينضبُ أيامَ يفتتحُ القصيدةَ شاعرٌ ويشقُّ خارطةَ العواصم موكبُ أيامَ راوية الزَّمان يُلحُّ في وصفٍ ويُملي ما يشاءُ ويُطرِبُ أيام تنجرد السيوفُ إلى الوغى ودم البطولةِ مُزهرٌ مُعشَوشِبُ لي فيك تاريخٌ تلِّوح نجمةٌ في «كرخه» الغالي ويومئ كوكبُ ضجَّت أسىً «أم القرى».. وتوجعت حزناً على تلك المرابعِ «يثربُ» بغدادُ.. رُوِّع صبيةٌ وتهدَّمت دورٌ ولفَّ الكلَّ طقسٌ مُرعبُ جاءتكِ آلاتُ الدمار وهمُّهم أن يأكلوا خير العراق ويشربوا هدموا المتاحفَ وهي إرثٌ خالدٌ والُربُ كلٌّ واجم يترقبُ نسفوا البيوتَ بمن بها وبما بها لا مشرقٌ مستنكرٌ أو مغربُ ناديتُ.. وا عرباه.. بين قبائلٍ «قحطانُ» أنكرها، وأغضى يعربُ ناديتُ.. أين سيوف «سعدٍ» إنها حربٌ على كلِّ اتجاهٍ تضرِبُ!؟ ناديتُ.. لكن لم يجبني واحدٌ منهم ولا أمٌ تردُّ ولا أب ملَؤوُا البحار بكلِّ ما في وسعِهم حتى لضاق براكبيه المركبُ رهنوا إرادتَنا فلا مستقبلٌ يُرجى ولا حلمٌ يزورُ فيُطرِبُ كم أنكرتنا في الخطوبِ هزائمٌ عتبت علينا والمواجعُ أغربُ كم حاصرتنا بالدَّمار عجائبٌ من أيَّ شيء بعدها نتعجبُ نمنا ونام ضميرنا مُستهتراً فأنا بما ألقاهُ لا أستغربُ فإذا صرخنا ما لصيحَتِنا صدىً وإذا استغثنا لا نرى من يغضبُ أحلامنا بدم الطفولةِ أُسقيت وعلى ثرى بغدادَ نهرٌ يُسكبُ للهِ كم قتلوا وكم أسروا وكم هدموا من الإرث العظيم وخرَّبوا!؟ بغدادُ.. داري الجرحَ موعدّنا غداً فالأرضُ حُبلى والمواسمُ تُخصِب ضُمِّي الجناحَ فنحنُ شعبٌ واحدّ وكما أتى الجيشُ المغيرُ سيذهبُ ضمِّي الجناحَ فلا تحدِّد مِلَّةٌ دربَ الخلاص ولا يُفرِّق مذهبُ نبي على الإسلام شمساً وهجُها باقٍ وساطعُ ضوئِها لا يُحجبُ وعلى الإخاء السَّمح تنهضُ أمةٌ سيَّان يرضى غاصبٌ أو يغضبُ