تشارك المملكة دول العالم أجمع في الاحتفال باليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي يقام هذا العام تحت شعار (أفلام ومسلسلات بلا تبغ). يعد التدخين مشكلة من مشكلات الصحة العامة ولم يعد هناك أدنى شك في أن استخدام التبغ يسبب الوفاة والأمراض على نطاق واسع. حيث تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى ان التدخين يقتل سنوياً (5) ملايين شخص ويدمر صحة مئات الملايين بتسببه في حدوث مايزيد على خمسة وعشرين مرضا على الأقل معظمها أمراض قاتلة ومنها العديد من أنواع السرطان مثل سرطان الرئة واللثة والحنجرة والمثانة والرحم وأمراض القلب وغيرها، ومن نافلة القول ان خطر التدخين يمتد إلى الأطفال أيضا وخصوصاً لحديثي الولادة حيث انه من المسببات الرئيسية لأمراض الجهاز التنفسي والربو ومتلازمة الموت المفاجئ للمواليد. ان الأسباب الآنفة الذكر تجعلنا نفكر ملياً وبكل جدية في انتقاء أفضل السبل لمحاربة هذا السلوك غير الصحي ولقد كانت المملكة ولاتزال من أوائل الدول التي أدركت خطورة التدخين وآثاره السلبية صحياً واقتصادياً واجتماعياً على كافة أفراد المجتمع واتخذت عددا من الخطوات الحثيثة لمكافحته حيث صدرت الأوامر السامية الكريمة القاضية بمنع التدخين في المكاتب الحكومية والمصالح والمؤسسات العامة ومنع الإعلان عن منتجات التبغ في وسائل الإعلام المختلفة وكذلك رفع الرسوم الجمركية على السجائر مما كان له الأثر الايجابي في الحد من ظاهرة التدخين والتوعية بأضراره وتقديرا لهذه الجهود فقد تم تقديم الجائزة الدولية لمنظمة الصحة العالمية في مجال مكافحة التدخين لعام 2001م لمقام خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- لموافقته الكريمة على إعلان مدينتي مكةالمكرمة والمدينة المنورة خاليتين من التدخين. لقد قامت وزارة الصحة وانطلاقا من المسؤوليات المناطة بها في المحافظة على صحة المواطن وسلامته وسلامة البيئة التي يعيش فيها بتنفيذ برنامج شامل وقائي وعلاجي لمكافحة التدخين يهدف إلى الحد من تعاطي مختلف شرائح المجتمع لمنتجات التبغ وحماية الأجيال الشابة من الوقوع في براثن هذا السلوك غير الصحي. إن اليوم العالمي للامتناع عن التدخين لهذا العام 2003م يركز على الدور الذي تقوم به الأفلام والمسلسلات في الترويج للتدخين والتشجيع على تعاطيه ويناشد القائمين على صناعة الأفلام وصناعة الترفيه التوقف عن القيام بهذا الدور وان تكون الأفلام خالية من أي مؤشرات مباشرة وغير مباشرة لمنتجات التبغ. ومن الجدير بالذكر هنا ان مسؤولية محاربة التدخين ليست مقصورة على جهة معينة بل هي مسؤولية الجميع للوقوف صفا واحداً وتوحيد الجهود لمكافحة هذا الداء الفتاك وحماية المجتمع وأفراده من أضراره. والمملكة لن تألو جهداً في سبيل المحافظة على صحة كل مواطن ومقيم على أرضها في الوقت الذي يهب فيه العالم معلناً الحرب على شركات ومصانع التبغ وفرض الضرائب عليها وعقد الاجتماعات والندوات والحملات التوعوية واطلاق المبادرات للتخلص من شرور التدخين وآثاره السيئة والتي تم تتويجها قبل اسبوعين بتبني الدول الأعضاء بمنظمة الصحة العالمية للاتفاقية الاطارية لمكافحة التبغ والتي تعتبر انجازاً تاريخياً في مجال الصحة العامة يسهم في خفض الوفيات المرتبطة باستهلاك التبغ على المستوى العالمي ويؤدي إلى حماية صحة الأجيال المقبلة. وبهذه المناسبة أوجه دعوة خالصة من القلب لكل مدخن أو مدخنة بجعل هذا اليوم بداية عهد جديد للإقلاع عن التدخين والحفاظ على نعمة الصحة التي وهبها الله لنا. وفي الختام أسأل المولى عز وجل ان يوفقنا جميعاً لما فيه الخير وان يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وان يكلل الجهود الخيرة التي تبذل لمكافحة التدخين بالتوفيق والسداد.. إنه سميع مجيب.