طالب قائد الجيش الإندونيسى قواته باقليم اتشيه بتعقب ومطاردة مقاتلي حركة آتشاي الانفصالية للقضاء على تمردهم بالاقليم وطالب الانفصاليين بتسليم أنفسهم طواعية لقوات الجيش. وكان الجيش الإندونيسي قد بدأ في وقت سابق أمس في تنفيذ أولى عملياته العسكرية باقليم آتشاي الإندونيسي بعد مرور حوالي ثماني ساعات على إصدار رئيسة إندونيسيا ميجاواتي سوكارنو للمرسوم الرئاسي الخاص بالقيام بعمليات شاملة ومتكاملة للقضاء على حركة التمرد بالاقليم في أعقاب فشل محادثات السلام مع حركة آتشاي الحرة الانفصالية وهي المحادثات التي اختتمت في طوكيو يوم الاحد. وقام الجيش الإندونيسي صباح أمس بعملية إبرار جوي لقوة للانتشارالسريع كانت تتمركز في مدينة ميدان عاصمة اقليم سومطرة الشمالية المتاخم لاقليم آتشاي حيث تمت عملية الإبرار الجوي في قرية تشوت كوينج بضاحية آتشاي. وقد أمر القائد العام للجيش الإندونيسي قواته بشن حرب لا هوادة فيها ضد المتمردين والتفاني في أداء المهام المنوطة بهم. في الوقت ذاته صرح متحدث باسم الجيش الإندونيسي أن اشتباكات وقعت صباح أمس بين قوات الجيش الإندونيسي وحركة آتشاي في منطقتين.وشنت اثنتان من الطائرات الحربية غارة جوية على أحد معاقل المتمردين. وذكر المتحدث باسم الجيش أن هذه هي أول غارة جوية يتم القيام بها تنفيذاً للمرسوم الرئاسي الخاص بالعمليات الشاملة للقضاء على حركة التمرد بالاقليم مشيرا إلى أن قوات الجيش تحولت من الأسلوب الدفاعي إلى الأسلوب الهجومي. ووصلت في ساعة مبكرة من صباح أمس إلى الاقليم تعزيزات جديدة لقوات الجيش من مشاة البحرية الإندونيسية قوامها 1300 فرد نقلتهم ثماني من سفن القوات البحرية الإندونيسية. وبينما بدأ الهجوم قالت شركة النفط والغاز الأمريكية العملاقة اكسون موبيل كورب إن عملياتها في الاقليم لم تتأثر بالعمليات العسكرية وأنها لا تنوي إجلاء موظفيها من المنطقة. واكسون هي ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في إندونيسيا وتدير أربعة حقول غاز برية وحقل غاز بحريا في اتشاي. وقال بيل كمنجز المتحدث باسم اكسون موبيل في إندونيسيا لرويترز «اكسون موبيل تحافظ على المستويات العادية من إنتاج الغاز والمكثفات في اتشاي». ويقدر إنتاج الغاز الطبيعي المسال من اقليم اتشاي بنحو ملياري دولار سنويا وأكد وزير الطاقة الإندونيسي أمس أن عمليات الجيش لن تعطل الإنتاج. ويعتبر اقليم آتشاي معقلاً للمسلمين ومنطقة غنية بالنفط والغاز.ويقع هذا الاقليم الذي يبلغ عدد سكانه أربعة ملايين نسمة في أقصى شمال غرب الأرخبيل الإندونيسي الكبير في شمال جزيرة سومطرة. ويشهد منذ السبعينات نزاعا بين السلطة المركزية في جاكرتا ومتمردي حركة تحرير آتشاي الذين يسعون إلى استقلال الاقليم بقيادة حسن تيرو الذي يقيم في السويد منذ 1979. ويتهم المتمردون الحكومة بنهب الثروات الطبيعية في الاقليم وخصوصا النفط والغاز وبشن سياسة «احتلال وحشية» بواسطة قواتها المسلحة وعبر توطين مهاجرين من جزيرة جاوا التي تتركز فيها السلطة السياسية في إندونيسيا.وقد أدت المواجهات بين الجانبين في اتشيه إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص معظمهم من المدنيين واتسم بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، منذ اندلاع حركة التمرد في 1976. لكن الأسرة الدولية لم تول اهتماما كبيرا لهذه المواجهات التي جرت في إطار أحد أطول النزاعات في جنوب شرق آسيا. فالولايات المتحدة والدول الكبرى الأخرى تعتبر أن قضية آتشاي «مسألة داخلية» لإندونيسيا بينما لم تنجح حركة التمرد التي لا يلقى برنامجها قبولا في الخارج، في تدويل هذا النزاع. وفي محاولة لقطع الطريق على المتمردين، منحت جاكرتا العام الماضي حكما ذاتيا واسعا للاقليم وقررت توزيعا جديدا للثروات يعود بالفائدة على سكان الاقليم وسمحت للسلطات المحلية بتطبيق الشريعة الإسلامية. وأكد مسؤولون محليون أن تطبيق الشريعة الإسلامية سيجرى تدريجيا ولا علاقة له بالإجراءات التي فرضتها حركة طالبان الأصولية المتشددة في أفغانستان. وكان اقليم اتشيه أول منطقة في إندونيسيا الحالية تعتنق الاسلام في نهاية القرن الثالث عشر بينما يتحدث سكانه بفخر عن ماضيهم في المقاومة وخصوصا ضد المستعمرين الهولنديين السابقين.