جنيف، باندا أتشاي أندونيسيا - رويترز، أ ف ب - وقعت اندونيسيا وثوار اقليم اتشاي المضطرب اتفاق سلام امس لانهاء اكثر من 20 عاماً من القتال سقط خلاله 10 آلاف قتيل معظمهم من المدنيين. ويتفاوض الطرفان منذ عامين من دون جدوى بهدف التوصل الى حل سياسي ووقف لاطلاق النار. وكان يتم الابلاغ يومياً تقريباً عن مواجهات مسلحة وعن العثور على جثث في الغابات او الانهر تحمل آثار تعذيب في اغلب الاحيان. وتوسط في الاتفاق "مركز هنري دونان للحوار الانساني" الذي يتخذ من جنيف مقراً له. وقال الناطق باسم المركز بيل دويل: "هناك بعض التفاصيل التي لا تزال تتطلب حلاً، انما لا يفترض ان تشكل مشكلة". ووقع الاتفاق عن اندونيسيا كبير المفاوضين ويريونو ساستروهاندويو وزيني عبدالله عن "حركة اتشاي الحرة" في المدينة السويسرية حضره لفيف من الدبلوماسيين. ويدعو الاتفاق الى وقف النار واجراء انتخابات في الاقليم الغني بالنفط والغاز الواقع عند الطرف الشمالي من جزيرة سومطرة سنة 2004. كذلك وافقت "حركة اتشاي الحرة" رسمياً على منح الولاية حكماً ذاتياً خاصاً يبدأ العمل به اعتباراً من كانون الثاني يناير 2002 كنقطة انطلاق. وينص اتفاق الحكم الذاتي على تقاسم افضل للموارد بين الولاية والحكومة الاندونيسية واعتماد الشريعة الاسلامية في الولاية. الا ان المتمردين اعلنوا انهم لم يتخلوا عن مطالبتهم بدولة مستقلة، الامر الذي لا تزال الحكومة الاندونيسية ترفض البحث فيه بحجة الحفاظ على وحدة الجزر الاندونيسية التي يبلغ عدد سكانها 212 مليون نسمة. وقدمت الحكومة في المقابل تنازلاً كبيراً عبر سماحها بوجود مراقبين دوليين لمراقبة وقف النار الى جانب ممثلين عن "حركة اتشاي الحرة" والسلطات الاندونيسية. وتبقى مسألة مصير سلاح حركة التمرد التي تعد آلاف المقاتلين عالقة، اذ تعبر الحركة عن قلقها من فكرة ايجاد نفسها من دون دفاع في مواجهة اكثر من 30 ألفاً من عناصر القوى الامنية الاندونيسية. وقال احد المفاوضين عن الحركة "نريد الاحتفاظ بسلاحنا، الا اننا نعد بعدم استعماله". ويراقب سريان وقف النار فريق من ثوار اتشاي واندونيسيا وممثلو دول اجنبية. وقال مدير المركز الذي قام بالوساطة على مدى عامين مارتن غريفيث "انه يوم تاريخي لسكان اتشاي". وابدى بعض اعضاء الحركة تحفظاتهم عن الاتفاق الذي اثار شكوكاً حول حسم القضايا الشائكة كلها، ولم تقم اي احتفالات بالمناسبة. وقال ازوار ابو بكر نائب حاكم الاقليم في باندا اتشاي عاصمة الاقليم على بعد 1700 كيلومتر شمال غربي العاصمة الاندونيسية جاكرتا "مواطنو اتشاي مسلمون وهم لذلك يحتفلون بالصلاة لا باقامة الاحتفالات لكننا جميعاً نحمد الله على ذلك". واعرب عن اعتقاده بأن توقيع الاتفاق ليس مهماً بل المهم هو تنفيذ بنوده. واضاف: "اذا توصلنا في نهاية الأمر الى اتفاق سلام يجب ان نطبقه باخلاص. ليس مهماً ان نحتفل به بل المهم ان نلتزم به". وكان النزاع بدأ عام 1976، مع انشاء حسن دي تيرو الذي يعيش اليوم في المنفى في السويد، "حركة اتشاي الحرة" التي كانت عبارة عن حركة مقاومة صغيرة. ثم اتسع النزاع واعلن الجنرال سوهارتو ولاية اتشاي منطقة عمليات عسكرية خاصة بين 1989 و1998. وقام الجيش بتجاوزات وانتهاكات لحقوق الانسان، الامر الذي غذى النزعة الانفصالية لدى سكان الولاية البالغ عددهم اربعة ملايين. وازدادت الاحقاد مع وضع الحكومة الاندونيسية اليد على موارد الولاية الطبيعية ووصول مهاجرين من ولاية جاوا اليها. ولم يلق نزاع اتشاي، على رغم العنف الذي اتسم به، اي اهتمام من الاسرة الدولية، بعكس النزاع في تيمور الشرقية الذي ادى في 1999 الى استفتاء في شأن استقلال الولاية باشراف الاممالمتحدة انتهى باعلان استقلالها عن اندونيسيا. وكانت سياسة جاكرتا عرضة للانتقاد والتنديد خلال سنوات النزاع، فيما تم تصوير "حركة اتشاي الحرة" على انها حركة طائفية متشددة تستخدم اساليب ابتزاز الاموال والترهيب للوصول الى اهدافها. ويعتبر الاتفاق نجاحاً للرئيسة الاندونيسية ميغاواتي سوكارنوبوتري التي ادرجت حل نزاع اتشاي ضمن اولوياتها. ونجحت الرئيسة التي تتعرض غالباً للانتقاد بسبب ترددها في اتخاذ القرارات في فرض حل تم التفاوض عليه طويلاً على رغم معارضة قسم من الجيش.