منذ أعلن الرئيس الأمريكي بوش الابن انتهاء العمليات العسكرية في العراق بدأت الإدارة الأمريكية في تفعيل خطوات الهيمنة على مقدرات العراق حيث دعت الولاياتالمتحدة إلى رفع العقوبات عن العراق، هذه الدعوة التي وصفها المراقبون أن ظاهرها الرحمة وباطنها النصب والاحتيال، فيؤكد المحللون السياسيون وخبراء القانون على أن طلب الولاياتالمتحدةالأمريكية رفع العقوبات وفك الحصار عن العراق في هذا التوقيت وبدون الرجوع للأمم المتحدة غير شرعي وغير قانوني وأنه لابد من استصدار هذا القرار من مجلس الأمن بناء على تقرير لجنة التفتيش الدولية. كما أن اتخاذ الولاياتالمتحدة هذا القرار يأتي لتهيئة السبل وإتاحة الفرصة لنهب ثروات العراق والتحكم في عائدات النفط وعدم سريان مبدأ النفط مقابل الغذاء الذي كان معمولاً به قبل الحرب وهذه الخطوة من جانب الولاياتالمتحدة تأتي بعيداً عن الرقابة الدولية وفي ظل عدم وجود حكومة شرعية عراقية منتخبة من قبل الشعب العراقي صاحب الحق الوحيد في إدارة ثرواته. تلاعب يؤكد الدكتور حسن نافعة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه رغم رفع العقوبات و هو مطلب رئيسي إلا أنه في ظل الانفراد الأمريكي على الساحة العراقية يصب القرار في صالحها وهذا معناه ببساطة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتلاعب بالأممالمتحدةفأمريكا تطالب بفرض العقوبات وقتما تشاء وترفعها وقتما تشاء وهذا يتناقض مع القانون الدولي، فرفع العقوبات كان وما يزال أحد المطالب الرئيسية ولكنه كان مرتبطا بإثبات خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل وبالتالي فالمطلوب أن ترحل أمريكا عن العراق فورا ويتم استبدال القوات الأمريكية بقوات طوارئ دولية ويعود المفتشون إلى العراق لاستكمال مهامهم ويقدموا تقريراً لمجلس الأمن الدولي يؤكدون فيه خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل وعندها يتخذ مجلس الأمن قرارا جديداً يتسلم فيه ملف العراق وتبدأ عملية الإعمار و بناء نظام ديمقراطي تحت إشراف الأممالمتحدة. ولكن أمريكا لا تريد هذا وإنما تريد أن تبقى في العراق وتريد من النظام القادم أن يكون موالياً لها بالكامل وأن تصبح هي الدولة الوحيدة المسؤولة عن تعمير العراق ومعنى هذا أن العراق سيتحول إلى مستعمرة أمريكية بصرف النظر عن و جود القوات الأمريكية من عدمها. ومن جانبه يرى د. أحمد الرشيدي أستاذ العلوم السياسية أن طلب رفع العقوبات هو في الأساس من حق العراقيين وكان يمثل منع رفع العقوبات قبل الحرب استمرار الشرعية الدولية وذلك لمصلحة أمريكا والمطالبة برفع العقوبات الآن يصب في المصلحة الأمريكية أيضاً وليس في صالح الشعب العراقي لأن معناه ببساطة استغلال الشركات الأمريكية الأحداث الراهنة والاستيلاء على ثروة العراق فهذا الطلب الآن ظاهره الرحمة وباطنه النصب والاحتيال والنهب. ومن هنا يجب تدخل الأممالمتحدة ووضع مقدرات العراق تحت وصايتها وإبعاد شبح انفراد أمريكا بثروة العراق إلى أن يتم انتخاب حكومة عراقية من قبل الشعب العراقي صاحب الحق في إدارة أمواله وثرواته وهذا ليس من شأن الولاياتالمتحدة التي أوقفت قبل ذلك عمل لجان التفتيش الدولية دون أي مبررات وهيمنت على الأممالمتحدة إلى أن استصدرت القرار 1441 ورغم ذلك استطاعت إجبار الأممالمتحدة على الانصياع لرغبتها وما تفعله في العراق. ويؤكد الدكتور هشام صادق أستاذ القانون الدولي بجامعة الاسكندرية أن الرغبة السريعة في الهيمنة على نفط العراق وثرواته جعلت الولاياتالمتحدةالأمريكية تطلب رفع العقوبات عن العراق وليس محركها نحو هذا الطلب التعاطف مع العراق فهي تريد أن تهيمن على مقدرات العراق والتصرف فيها دون أية قيود وتهدف بإطلاق يدها في الاقتصاد العراقي كيف تشاء دون وجود رقابة عليها وهنا لا تمتلك الولاياتالمتحدةالأمريكية أية سلطات قانونية في هذا الشأن ولكنها تعتمد فقط على قوتها وأن لها اليد الطولى على مجلس الأمن ومن المتوقع أن يصدر قرارا بهذا الشأن وهذا القرار ليس بحاجة إلى مشاورات مع ممثلي الحكومة الشرعية لأنها غير موجودة الآن كما أتوقع أن تشتعل الأزمة في المرحلة القادمة بين الأطراف الدولية حول حق التصرف في المقدرات الاقتصادية خاصة النفطية للعراق ومدى شرعية التوجه الأمريكي نحو العراق ووجود القوات فيه وشرعية تمثيل العراق في المنتديات الدولية.ويرى د. عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات أن الهدف الحقيقي وراء مطالبة الولاياتالمتحدةالأمريكية برفع العقوبات عن العراق هو الاستيلاء على مقدرات الشعب العراقي منفردة والتصرف في الثروات النفطية كيف تشاء وتأتي هذه الخطوة في ظل عدم وجود رقابة دولية كما أن معنى طلب رفع العقوبات هو أن تتولى الولاياتالمتحدة وحدها تحصيل ثمن البترول العراقي وتوليها إنفاقه كما ترى دون أية رقابة من الأممالمتحدة التي ينبغي أن تقوم بالإشراف على الاقتصاد العراقي وموارد النفط فيه مثلما كان الحال عندما طبق برنامج النفط مقابل الغذاء وهنا تسعى الولاياتالمتحدة لأن تحل محل الأممالمتحدة من اجل مصالحها المستقبلية في العراق خاصة في ظل عدم وجود حكومة عراقية لها ميزانية واضحة ويؤكد أن طلب رفع العقوبات مرتبط بقضية نزع أسلحة الدمار الشامل الكامل وهنا أمريكا تناقض نفسها فكيف تؤكد أن بالعراق أسلحة دمار شامل وها هي ترفع العقوبات كما أن رفع العقوبات لابد أن يتم من خلال مجلس الأمن. ويجب أن نعلم أن احتلال القوات الأمريكية البريطانية للعراق ليس إلا خطوة في استراتيجية أمريكية تستهدف فرض الهيمنة على النفط العراقي وتأكيد انفرادها بالقرار العالي وهيمنتها كقطب وحيد على الساحة العالمية ولم تترك الإدارة الأمريكية أي شك في أنها عندما تسعى لاحتلال العراق وإقامة حكومة موالية وتحقيق وجود أمريكي دائم في العراق ودفع الحكومة الآتية للتعامل مع إسرائيل وإقامة علاقات معها بأن كل ذلك لصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي جانبها إسرائيل، ولا تكتفي الإدارة الأمريكية بذلك حيث أعلنت عزمها على إعادة رسم خريطة المنطقة وممارسة الضغوط الاقتصادية والعسكرية والسياسية.