بعد ان فشلت العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضتها الأممالمتحدة على العراق في إلحاق أي أذى بنظام الرئيس العراقي صدام حسين طوال 12 عاما مضت وزيادة معاناة الملايين من الشعب العراقي، صوّت مجلس الأمن الدولي بالموافقة على نظام جديد للعقوبات يعرف باسم العقوبات الذكية. ولكن نظام العقوبات الجديد سلب الرئيس العراقي وسيلة دعائية كان يستغلها باستمرار بإلقاء مسئولية معاناة الشعب العراقي على الغرب وأمريكا بالتحديد. وقد حدد مجلس الأمن في قراره الخاص بنظام العقوبات الجديد أنه يهدف إلى حرمان الجيش العراقي من مواصلة جهوده لتطوير ونشر أسلحة الدمار الشامل. كانت فكرة العقوبات الذكية قد ظهرت لأول مرة العام الماضي على لسان وزيرالخارجية الأمريكي كولن باول لضمان وصول السلع المدنية للشعب العراقي في نفس الوقت تشدد القيود على مبيعات الأسلحة للعراق. وهذا تطور جيد للعراقيين لأنه سيعطيهم الفرصة لإعادة بناء حياتهم ودولتهم بعد سنوات من الإحباط. ورغم ذلك مازالت هناك فجوة كبيرة في جهود فرض أي عقوبات اقتصادية أو عسكرية ضد العراق. فالدول المجاورة للعراق تنتهك هذه العقوبات من خلال تهريب البترول العراقي وإرسال عائدات مبيعات هذا البترول إلى الحكومة العراقية مباشرة دون المرور على الأممالمتحدة وفقاً لبرنامج النفط مقابل الغذاء.ويمكن اعتبار موافقة مجلس الأمن على نظام العقوبات الجديد نجاحا دبلوماسيا لأمريكا حيث نجحت أمريكا في إقناع روسيا وهي الحليف الأساسي للعراق في مجلس الأمن للموافقة على هذا النظام الجديد. ويتكون النظام الجديد من قائمة بها أسماء السلع ذات الاستعمال المزدوج العسكري والمدني وهي تقع في 300 صفحة وتتراوح من معدات الاتصالات وحتى أجهزة الكمبيوتر. وهذه السلع سيتم مراجعة كل عقد خاص بها من جانب لجنة تابعة للأمم المتحدة خلال 30 يوما كما أن هذا الاتفاق قد يؤدي إلى تقليل المشاعر المعادية لأمريكا في الشارع العربي والإسلامي لأنه ينطوي على تقليل معاناة الشعب العراقي من العقوبات والتي كان العرب والمسلمون يحملون الولاياتالمتحدةالأمريكية مسئولية معاناةهذا الشعب طوال أكثر من عشر سنوات. ورغم أننا قلنا إن ما حدث هو نجاح دبلوماسي للولايات المتحدةالأمريكية فإنه ينطوي على نقطة أخرى شديدة الأهمية بالنسبة لأمريكا إذا أراد الرئيس الأمريكي جورج بوش تنفيذ تهديده بالإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين بالقوة، لأن الإطاحة بنظام الحكم العراقي لم يكن بأي شكل من الأشكال جزءاً من القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن. وهنا يثور السؤال عما إذا كانت العقوبات الجيدة وبدون وجود مراقبين دوليين داخل العراق يمكن أن تعوق جهود النظام العراقي للحصول على أسلحة كيماوية أو بيولوجية أو كيماوية وهي مبررات أمريكا للإطاحة بالنظام العراقي.