في عام 1379ه أصدر مجلس الوزراء الموقر قرارا يقضي بالموافقة على انشاء دور الكتب في المملكة تقوم بانشائها وزارة المعارف في المدن التالية: مكةالمكرمة- المدينةالمنورة- الرياض- جدة- الطائف- القصيم- والمنطقة الشرقية..وتكون مرتبطة في ادارتها بمدير عام لدور الكتب يكون مقره في العاصمة ويعينه وزير المعارف.. وجاء في موافقة مجلس الوزراء ما يلي: 1- الموافقة من حيث المبدأ على تأسيس دور الكتب المشار اليها أعلاه.. حيث المصلحة تقتضي ايجادها نشرا للثقافة وتعميما للنفع. 2- أن يسارع في اخراج هذا المشروع الى حيز الوجود على مراحل تدريجية تبدأ بمكةوالمدينةوالرياض.. وفي الوقت الحاضر يتبع وزارة المعارف عدد من المكتبات العامة تشرف عليها إدارة المكتبات وهذه المكتبات في بريدة- عنيزة- حوطة سدير- الدمام- الهفوف- شقراء. وسيضم الى هذه المكتبات مكتبة حريملاء التي انشأها الاهالي هناك وكذلك مكتبة حوطة بني تميم. ولذلك قصة أيضا.. اعني قصة «دار الكتب الوطنية».. وقصتها بدأت في ربيع الثاني من عام 1378ه.. حيث قامت أمانة مدينة الرياض بانشاء مكتبة في الرياض، ضمت قدرا طيبا من الكتب التي اختارتها جامعة الرياض وزودت بها المكتبة.. وحوت أيضا بعض الكتب التي أهداها أصحابها للمكتبة.. وخصص لها مبنى بجانب جامعة الرياض.. وأطلق عليها اسم «دار الكتب السعودية» وفي عام 1383ه كان مبنى دار الكتب الذي شيدته وزارة المعارف قد انتهى كأحدث بناء في البلاد العربية وضمت دار الكتب السعودية.. إلى وزارة المعارف فنقلت محتوياتها الى دار الكتب.. فكان ما بها حوالي «5000» كتاب.. صفت على رفوف خصصت لذلك.. وبقيت محبوسة داخل رفوفها مدة من الزمن وفي رمضان عام 1385ه أعيدت خدمات الاستاذ زيد بن فياض الى وزارة المعارف ليعمل مساعدا لمدير عام المكتبات وبعد فترة وجيزة اسندت اليه إدارة المكتبات. وقد سبق أن عمل الاستاذ زيد في حقل التدريس في المعهد العلمي وكلية الشريعة مدة تربو على خمس سنوات كما عمل عضوا بدار الافتاء ورئاسة القضاء وعمل في حقل الصحافة مدة سنتين. وكان تعيين الاستاذ زيد في مجال المكتبات نقطة تحول في تاريخها وفي تاريخ دار الكتب بالذات. فشهدت نشاطا ملحوظا. لقد كان هذا مطابقا لما يدعو اليه علماء الاجتماع والاقتصاد وغيرهم «وضع الرجل المناسب في المكان المناسب»، وقد اختار الاستاذ زيد نخبة من الموظفين الاكفاء يساعدونه في هذه الاعمال الهامة.. و قد كان من الممكن ان تظل دار الكتب عشر سنوات او اكثر لو انها بقيت على حالها السابقة ولكنه صمم على ان ينتشلها من ركودها وان يجعل منها مثلا للمكتبات العامة التي يمكن ان تكون مهيأة للمطالعين في انحاء المملكة. وهكذا شهدت دار الكتب قفزات من التطور لايدركها الا من علم وضعها السابق، حتى ان بعض من كانوا يعرفون واقعها قبل يعتبرون الاقدام على افتتاحها ضربا من التنكيت. ولكن العزيمة الصادقة وما من الله به من توفيق لانجاز هذا المشروع الحيوي قد جعل كل تلك العقبات تتلاشى وتضمحل.. والحقيقة أن معالي وزير المعارف الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ قد أولى المكتبات عناية فائقة وقد أكد على المسؤولين بعمل ما يلزم لتحقيق هذا العمل ولا أدل على ذلك من زياراته المتكررة لهذه الدار قبل افتتاحها. وفي يوم الاثنين 5-4 - 88ه تم افتتاح دار الكتب الوطنية بالرياض في حفل رائع وفي فرحة عظيمة عكسا مدى الاهمية لهذه الدار وتشوق المطالعين والباحثين. وقد حضر هذا الحفل الكبير عدد من كبار موظفي وزارة المعارف والوزارات الاخرى ومن العلماء والادباء ورجال الاذاعة والصحافة والتلفزيون.. وعرض على شاشة التلفزيون.. وقد ألقى في هذا الاحتفال كل من سمو الأمير سطام بن عبدالعزيز وكيل امارة منطقة الرياض ومعالي وزير المعارف الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ ومدير عام المكتبات الاستاذ زيد بن فياض خطابات توضح دور المكتبات في بناء الامم ونشر الثقافة.. لقد هيئت هذه الدار لتكون مريحة وهادئة تحتوي الكتب والصحف والمجلات وبدأت هذه الإدارة تخطط وتمهد لافتتاح دار الكتب الوطنية للجمهور.. فسعت وجلبت لها الاثاث الحديث وفرشت قاعاتها بالسجاد، وفي ذلك يقول مديرها العام الاستاذ زيد بن فياض «وقد كانت هذه الدار قبل سنتين تضم حوالي خمسة الاف نسخة فقط !! أما اليوم فقد تضاعف هذا العدد وكل الكتب الموجودة بها مجلدة تجليدا فاخرا.. وقد جلد من هذه الكتب حوالي 90% بورشة التجليد الموجودة في هذه البناية والتابعة لإداة المكتبات»... وبدار الكتب الوطنية خمس قاعات: 1- قاعة المطالعة العامة: وهي قاعة كبيرة تضم الكتب المخصصة للمطالعة العامة في مختلف الموضوعات كالدين والفلسفة واللغات والعلوم البحتة والتطبيقية.. والفنون الجميلة والآداب والتاريخ والعلوم الاجتماعية. 2- قاعة المراجع: وهذه القاعة تضم الكتب التي يطلق عليها مراجع والمراجع كما هو معروف هي عماد البحث.. ولا يمكن اعارتها بل يقتصر استعمالها داخل المكتبة.. وهي من الاهمية بمكان اذ هي كتب نادرة وضخمة. 3- قاعة الصحف والمجالات الدورية: وتحتوي على الصحف والمجلات السعودية والعربية والافرنجية والتقارير والنشرات.. وتعرض عرضا حديثا.. ويخزن منها ما مضى وقته في مكان في متناول يد المطالع وبانتهاء عام عليها تجلد وتحفظ كالمراجع عامة.. وبهذه القاعة آلة للعرض تعرض عليها اشرطة الميكروفيلم التي صورت عليها الصحف القديمة العهد كالقبلة وأم القرى وغيرها وتحفظ قاعة الصحف في دار الكتب الوطنية بجريدة «القبلة» مصورة على الشريط وتعرض لمن يرغب الاطلاع عليها.. 4- قاعة الاطفال: هي قاعة أنشئت خصيصا للاطفال وزودت بكتب الاطفال وقصصهم.. بين السادسة والثالثة عشرة سنة.. وهي بحق مكان ملائم للأطفال مغر لهم بالقراءة.. قاعة المحاضرات: أما القاعة الخامسة والاخيرة فهي قاعة المحاضرات وأقيمت لالقاء المحاضرات. وقد عقدت الإدارة العامة للمكتبات العزم مستقبلا على دعوة رجال الفكر والادب في بلادنا لالقاء بعض المحاضرات.. وتتسع هذه القاعة لحوالي «150» مستمعا.. قسم التجليد: وبدار الكتب الوطنية قسم «خاص» لتجليد ما يستجد من محتويات دار الكتب الوطنية، ويعتبر تجليد هذا القسم نموذجا لأحسن ما وصل اليه التجليد من جودة الصناعة والابتكار ويقوم بالعمل في هذا القسم مجلدون وطنيون. محتويات الدار: لا تزال قاعات الدار تستقبل الجديد من الكتب بين الفينة والاخرى، لذلك فإن ما سنذكره من عدد لمحتوياتها لا يمكن ان يكون رقما ثابتا، فإن ما بها الآن «9015» كتابا عربيا وأفرنجيا.. وألف كتاب عربي تحت التسجيل والتصنيف والفهرسة و«62» مخطوطا.. لقد قال سمو الأمير في كلمة سطرها بدفتر الزيارات بدار الكتب «يسعدني اتم السعادة أن أشارك في افتتاح دار الكتب الوطنية بالرياض أملا أن تكون لجيلنا الصاعد مصدر خير عميم ومنطلق توجيه فكري سديد الى أمجادنا ومبادئنا السامية، وأن تكون لعلمائنا.. ورجال الفكر منا عونا على القيام بواجبنا التاريخي في خدمة النهضة العلمية بالعالم العربي والإسلامي في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم.. والله ولي التوفيق». وفي الخطاب الذي ألقاه سموه في حفل الافتتاح قال: «من حقنا جميعا أن نشعر بالسعادة وأن نؤمل في خير كثير كلما خطونا خطوة جديدة على طريق العلم والمعرفة، لأنه الطريق الصحيح الى النهضة الحقيقية لكل أمة تريد أن تتبوأ مكانتها اللائقة بها بين الامم».. وقال سموه: «أهنئك يا معالي الوزير وأهنىء الحاضرين بافتتاح دار الكتب سائلا الله سبحانه وتعالى أن يسدد خطى الجميع لما فيه الخير والسداد». ومعالي وزير المعارف قال في خطابه: «ان وزارة المعارف تسعى الى اقامة صرح الثقافة في هذا البلد على وحي من ديننا الحنيف».. وأضاف.. «ان دار الكتب لا تختلف عن الجامعة فهي تتفق معها في الهدف».. وقال «ان هذه الدار سيتبعها دور في كل أنحاء هذه البلاد..» أما مستقبل دار الكتب الوطنية فيحدده مدير عام المكتبات في خطابه حيث قال: «ان دار الكتب التي تحوي عشرة الاف نسخة منها ثمانية الاف باللغة العربية ونحو الفين بلغات مختلفة.. ومجموعة من الصحف والمجلات وعددا من المخطوطات وبها اربع قاعات للمطالعة العامة وللمراجع وللصحف والرابعة قاعة للأطفال.. هذه الدار ستنمو وتكبر وتزداد كتبها وصحفها ومخطوطاتها بحول الله وقوته». وبعد.. أيها السادة القراء. كانت تلك قصة.. قصة دار الكتب الوطنية بالرياض.. ولكل قصة بداية.. وفق الله الجهود وأنار السبل لامتنا لتعيد سيرة أمجادنا.. ونحن بخير ما دام لنا ماض مشرق مجيد نسير على تتبع خطاه ونستنير بهديه.