تاريخ: تمتع من شميم عرار نجد فما بعد العشية من عرار ليست كأي بقعة اخرى على امتداد الزمان.. وكثرة الاماكن عشق الناس المدن والقرى.. ولكن ان يعشق الناس منطقة ممتدة من اطراف الحجاز حتى العراق شمالاً فهذا امر غريب. «نجد».. خدينة المجد.. منجبة الرجال ومفرزتهم.. ديدنها البقاء للاقوى.. وولاؤها لمن يستطيع أن يحمي حدودها.. ويمسك بلجامها ويسيرها كما يشاء.. فتانة إلى حد الموت.. عشاقة إلى حد المجون.. وفية إلى حد الإيثار. كثيرة الفتن.. هادئة الأجواء.. فقيرة الموارد.. غنية الصيت لها مع كل نسمةٍ دواء.. وكل ليلٍ عناء.. وكل صباحٍ قتال، لها مع كل فصلٍ ورود.. وكل عامٍ شهود.. وكل قرنٍ مولود.. لها مع كل الحب جمال.. ومع كل شاعرٍ خيال.. وعلى لسان النبلاء جدال. يا نجد يا مابك من الخبث.. والطيب ياكثر لذاتك وما كثر نكدها«1» جمعت المتضادات في جنباتها الى ان اتاها من أمَّن روعاتها وهدأ التطاماتها فدانت له بكل ولاء..وانقادت دون عناء نجد شامت لابو تركي واخذها شيخنا واخمرت عشاقها.. عقب لطم خشومها«2» بعد كل ما الم بها وبعد ان عرفت عاشقها تحولت فاتنة العصور.. ومتغيرة الدهور الى ميعاد الاحباب والعشاق والى ليال الوجد والاشواق: ليالي نجد ما مثلك ليالي غلاك اول وزاد الحب غالي«3» والى مراسيل العشاق: ليالي نجد للمحبوب طيبي امانة نور عيني ياليالي«4» حتى لو كانوا بعيدين عنها: هبت هبايب نجد وانا بشيراز وتذكر القلب الوليف.. الولايف«5» هكذا هي تفتن من احبها.. وتسحر من عشقها حتى لو قست عليه في قوت يومه فإنه لن يستطيع مغادرتها.. لأنه بكل بساطة لن يستطيع مفارقة حبه الصادق: نجد احبه لو طعامي على روس الشجر بس ابمشي مع هله واكل اللي ياكلون«6» ليس هذا فحسب بل انها في ارواحهم وفي خواطرهم. بل انها كفاية لهم عن شيء.. وعن اي شيء.. انا من نجد يكفيني هواها ويبري علتي شربي لماها«7» لماذا كل هذا الوفاء والحب.. انه لغز محير حقاً؟ فترى عاشقيها أعلاماً ليسوا بحاجة لها ولكن مع ذلك هم اكثر وفاءً.. وإقبالاً عليها فإذا لم يستطيعوا المجيء للتمتع بليلها.. ونسائمها.. اندبوا من يُحيي ذلك العشق باقرائها السلام.. وتذكيرها بالود والوئام حتى لو على احد جبالها يا بوي بلغت السلام وتوصيت واوميت بكفوف الغلا عشر مرات«8» ليس ذلك.. بل قد عشقوا من سكن نجداً.. واخبارهم تزيدهم وجداً. لذلك الفوا من سكن بها واحبها.. واحبوا اهلها حتى لو لم يكونوا على سابق معرفةٍ بهم لا لشيء لان نجد فقط تكاد تجعل اغلب من سكن فيها على وتيرةٍ واحدة، بل انهم قبلوا كل ما انتقدوا به لمحاباتهم لهؤلاء: ان كان بي عذروب حبي لاهل نجد احبها واحب شمة هواها«9» نعم هم كذلك الفوها واحبوها.. فبادلتهم بعشقهم الفة.. وبالفتهم وداداً مستمراً.. وتمنعاً تارة.. واخرى شوقاً حميماً.. لذلك كانوا حريصين على مراسيلهم لحبيبتهم: طارشي يم نجدٍ واهاليها رد لي سلامٍ عاطرٍ حالي«10» احلى السلام.. وعطر التحايا تنم عن وئام تام بين فاتنة عشاقها الكثر.. تلزيت لين ازريت في نجد ما ورى الاوي على حب الاخله والاوطاني«11» اتوا اليها ونزلوا بها.. ذاقوا مرارتها وحلاوتها وعشقوهاوخلدوها ومع ذلك كان المهر غالياً: بالسيف في نجدٍ سكنا ماهوب معروف وجماله«11» ولعلها كانت تستحق ذلك الثمن لكامل بهائها.. وفصاحتها وشهرتها: نجد عذرى كاملٍ زينها زاهي الكحل باعيانها«13» هذه هي نجد بل ربما اكثر من ذلك.. بل انه اكثر..واكثر.. واكثر ولعله اكثر.. حتى السحاب الذي يفارق نجد نجدهم متابعين له متوجدين عليه لعله يعود ليغيثها فتزهر.. وتزداد روعة كعادتها: يا سحابٍ ثار من نجد واقفى له رفيف يشتعل براق مزنه ويقصف بالرعود«14» كل هذا الجمال والبهاء.. يستحق كل هذا الوفاء. لانها وبكل بساطة وتجرد المعشوقة: هي نجد المتفردة.. والعاشقون: هم اهلها الاوفياء.. [email protected] المراجع: «1-12» لويحان -رحمه الله- «2» فهد بن دحيم -رحمه الله- «3-4» الأمير خالد الفيصل «5» عبدالله السلوم -رحمه الله- «6-11» زبن بن عمير-رحمه الله- «7-9-10» الأمير محمد السديري -رحمه الله- «8» الامير عبدالعزيز بن سعود «السامر» «13» العوني -رحمه الله- «24» الربيعي -رحمه الله-