ما زالت الرغبة الملحة في ضرب سوريا تظهر بوضوح في كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية وأصبح ذلك الهدف هو المسيطر على تصريحات كافة المسؤولين والوزراء وكان آخرهم رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي. اللواء موشيه يعلون الذي أكد في حوار له مع صحيفة معاريف أخيرا أن بلاده مستعدة لدعم أي خطوة أمريكية لضرب سوريا على خلفية موقفها من الحرب على العراق وايوائها لمنظمات إرهابية زاعما أن سوريا تخشى مواجهة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي بالتحديد اكثر من خوفها من القوة العسكرية الأمريكية نفسها وتدرس خطواتها جيدا!! وأضاف في لهجة مليئة بالغطرسة انه بفضل قدرات الردع الإسرائيلية انتهجت سورية، وتحديداً منذ عملية السور الواقي، في الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل عام، سياسة منضبطة وقامت بكبح جماح حزب الله لتجنب التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية. وقال انه لا مكان للحديث عن مواجهة مع سوريا على الرغم من دعمها للإرهاب منذ سنوات وبوسائل مختلفة من ضمنها امتلاك صواريخ بعيدة المدى والسلاح الكيماوي. وتلتقي تصريحات يعالون هذه واستهتاره بقدرات سورية العسكرية مع رأي مماثل لرئيس الحكومة الإسرائيلية ارئيل شارون الذي قال انه على رغم ترسانة الأسلحة والصواريخ والمنصات لاطلاقها والسلاح الكيماوي التي تمتلكها سوريا فان إسرائيل لا تشعر بأي خطر سوري وهذا بسبب الوضع المتدني للجيش السوري ومعرفتها حقيقة ان الجيش الإسرائيلي سيعرف كيف يدافع عن نفسه. وذكر، في حديث لصحيفة يديعوت أحر ونوت أخيرا أيضا ان سوريا تعتبر دولة خطيرة لامتلاكها السلاح الكيماوي وسعيها لتطوير أسلحة بيولوجية ولوجود قوة إرهابية طوع بنانها، حزب الله، علاوة على قدرات معيبة على تقويم الأوضاع بالشكل الصحيح. من جانبه ذكر وزير الدفاع شاؤول موفاز، أقوالا مشابهة مضيفا، في حديث للقناة الثانية بالتلفزيون، ان منح سوريا قياديين عراقيين حق اللجوء هو أمر مثبت وغير قابل للنفي واعترف ان هذه المعلومة صادرة عن المخابرات الإسرائيلية نفسها وموثوق بها إلى اعلى درجة. وتابع ان تل أبيب تواصل متابعة ما يدور داخل سوريا وعلى حدودها مع لبنان من خلال أجهزتها الاستخبارية ونحن جاهزون جيدا من ناحية الردع واعتقد ان سوريا ستفكر مليا قبل ان تتخذ أي خطوة ضدنا، فضلا عن ان واشنطن نقلت لها رسالتنا الواضحة ومطالبنا منها «بتجريد حزب الله من أسلحته وطرد قادة منظمات المقاومة الفلسطينية من أراضيها».. واختتم كلامه بأن المعركة في العراق اليوم تدور حول الواقع المراد القيام به للمستقبل واقامة نظام مغاير لا يكون عدائياً للعالم الحر ولإسرائيل أيضا وآمل ان يوجد هذا النظام في سوريا أيضا بعد العراق!! إسرائيل تسعى لاستغلال الفرصة السانحة وزعم موفاز ان إسرائيل بعثت إلى دمشق، عبر واشنطن بلائحة مطالب تتمحور في إزالة التهديد الذي يشكله «حزب الله» على إسرائيل وتشمل إبعاد أو طرد حزب الله من جنوبلبنان وتجريده من آلاف القذائف والصواريخ بعيدة المدى ومنع وصول الإمدادات العسكرية من إيران إلى الحزب عبر الموانئ السورية وطرد قادة التنظيمات الإرهابية، وتحديداً حماس والجهاد الإسلامي من دمشق التي يتخذونها مقراً لها. وكتبت صحيفة معاريف «ان أقوال موفاز هذه تعكس موقف أجهزة الأمن الإسرائيلية القائل بوجوب استغلال الفرصة الناشئة عن النجاح العسكري لقوات التحالف في العراق لوضع حد للتهديد الاستراتيجي الذي يمثله حزب الله على إسرائيل ويوقف نشاط الجيش الإسرائيلي بحرية وتابعت أن هذا التهديد ينعكس أساساً في نحو عشرة آلاف قذيفة كاتيوشا وعشرات الصواريخ بعيدة المدى القادرة على بلوغ شمال إسرائيل بأكمله حتى مسافة 40 كلم من تل أبيب. أضافت ان موفاز تناول الملف السوري في اتصالاته في الأيام الأخيرة مع مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية كما أن الموضوع سيطرح في الحوار الاستراتيجي الذي يجري في واشنطن هذا الأسبوع بمشاركة مدير مكتب رئيس الحكومة، دوف فايسجلاس. ويكرر موفاز اتهاماته لسورية بارتكاب أعمال وأخطاء خطيرة خلال الحرب على العراق بمجرد إمدادها العراق بأسلحة ومتطوعين لمحاربة قوات التحالف علاوة على تصريحات الرئيس السوري التي قال فيها، بحسب موفاز، انه لا حقّ لإسرائيل في الوجود كدولة! ويتابع ان الأمريكيين لن يمروا مرور الكرام حيال ما قامت به سورية مضيفاً أن الرد لا يعني بالضرورة رداً عسكرياً، فالولاياتالمتحدة كقوة عظمى تملك وسائل إضافية قد تلجأ إليها قبل ممارستها القوة بهدف تغيير نمط التفكير والسلوك لدول في العالم».. وقال ان الولاياتالمتحدة أشهرت بطاقة صفراء (تحذيرية) في وجه الاسد وأبقت قرار سحب «البطاقة الحمراء» في يدها وحدها. وكتب المعلق العسكري في الصحيفة عمير ربابورت يقول إن إسرائيل هي المستفيدة من «أخطاء الأسد» بعد ان قامت بتوثيق دقيق للمساعدة التي قدمها الأسد لصدام حسين «وبذلت كل ما في وسعها لتؤجج الغضب الأمريكي على الأسد كما حرص رئيس الحكومة ووزير الأمن على تزويد واشنطن تباعاً بالتفاصيل والمعلومات عن أفعال الأسد». وتابع ان قادة الجيش يصرون على «نزع فتيل صواريخ حزب الله» لتوفير حرية النشاط للجيش على الحدود اللبنانية وإلاّْ فإن الانفجار الهائل واقع لا محالة». ورأى الخبير العسكري في هآرتس، زئيف شيف، ان وراء «الغضب الأمريكي على سورية» سببين بارزين أولهما قرار دمشق «لبننة» العراق والحض على المقاومة وتنفيذ «عمليات إرهابية وانتحارية» على غرار المقاومة اللبنانية للاحتلال الإسرائيلي ثم توافر معلومات موثوقة لدى واشنطن حول فرار شخصيات عراقية يعتبرها الأمريكيون «مجرمي حرب» على رغم انها ليست قيادات من الصف الأول أو قريبين من الرئيس العراقي، إنما يرجح ان يكونوا من المسؤولين عن الصناعات العسكرية العراقية. وانضم وزير الخارجية السابق، شمعون بيرس، إلى جوقة المحرضين على سورية وقال لإذاعة الجيش ان الولاياتالمتحدة عاقدة العزم على وضع حد للسلوك السوري بحسب توصيفه وأنها لن تقبل بوضع تتظاهر فيه سورية بمحاربة الإرهاب لكنها في واقع الحال تدعمه. وقال الوزير المتطرف عوزي لانداو ان الولاياتالمتحدة باتت «تحس على جلدها» حقيقة كون سورية «دولة إرهاب». أضاف ان على إسرائيل «ترك معالجة سورية» للولايات المتحدة ودعمها في كل قرار في حربها على الإرهاب. من جهته رأى رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، يوفال شطاينتس، ان الولاياتالمتحدة أخطأت حين لم تضع سورية على لائحة الدول المستهدفة في حربها قبل العراق بل حتى قبل أفغانستان. وكانت صحيفة «هآرتس» كشفت ان شارون أوفد إلى واشنطن مستشاره لشؤون الأمن القومي افرايم هليفي، ليقترح على المسؤولين في الإدارة الأمريكية معالجة ايران وسورية على خلفية دعمهما الإرهاب وجهودهما للحصول على أسلحة الدمار الشامل وانتاجه». وتابعت ان هليفي سيقترح على مضيفيه اختبار ايران وسورية من خلال مراقبة دعمهما ل«حزب الله» اللبناني الذي تعتبره الولاياتالمتحدة هدفاً مهماً في حربها على الإرهاب. من جانبها زعمت صحيفة هآرتس ان الثمن الباهظ الذي دفعته الولاياتالمتحدة لإسرائيل، في مقابل ضمان عدم مباغتتها في شن هجوم إسرائيلي منفصل على العراق، تمثل بربط إسرائيل بأجهزة المراقبة الجوية التابعة للقيادة العسكرية الأمريكية لتتمكن من متابعة تطورات الحرب كاملة وفي زمن حقيقي. كما تم ربطها بأقمار التجسس الاصطناعية التي ترصد إطلاق صواريخ سكود من غرب العراق وهكذا فقط حازت الولاياتالمتحدة على ثقة إسرائيل بأنها ستدافع عنها. وأشارت الصحيفة إلى ان إسرائيل ومقابل هذه الخدمات رفضت الالتزام بعدم الرد العسكري على هجوم عراقي بالصواريخ لكنها منحت حليفتها حق معارضة تنفيذ أي عملية عسكرية من شأنها ان تعرض «قوات التحالف» إلى الخطر. شارون يتحدث بلغة الإملاءات وكان التصعيد الإسرائيلي ضد سورية شهد تطوراً جديداً مع التصريحات التي أدلى بها شارون لصحيفتي يديعوت أحر ونوت ومعار يف حيث كرر فيها مزاعم سبق ان أطلقها اكثر من مرة وضمّنها هجوما شخصياً على الرئيس السوري بشار الأسد فوصفه بالخطير مضيفا ان قدرته على تحكيم العقل وموازنة الأمور معيبة. وعاود تكرار المطالب، بل الاملاءات الإسرائيلية التي ينبغي على سورية الامتثال لها وفي جوهرها إزالة التهديد الذي يشكله حزب الله اللبناني والوجود الإيراني في لبنان، على إسرائيل داعياً الولاياتالمتحدة إلى ممارسة ضغوط «مكثفة جداً» على سورية من دون ان يعني ذلك بالضرورة شن حرب إنما ضغوط سياسية واقتصادية..! وقال شارون ان الرئيس السوري بشار الأسد اثبت عدم قدرته على استخلاص العبر من معطيات بدت جلية للغاية.. كل من له عينان لا بدّ وانه كان يدرك ان العراق سيكون في الجانب الخاسر لكن الأسد ظن ان الولاياتالمتحدة ستمنى بالفشل». وتابع ان الأسد قد يرتكب خطأ مماثلاً حينما يتعلق الأمر بإسرائيل معتمداً على قوة تأتمر بأوامره هي حزب الله «وهذا أمر خطير». وعاود شارون الزعم ان الأسد منح كبار المسؤولين في نظام صدام حسين ملاذا وان عتادا عسكريا عراقيا نقل إلى سورية بهدف إخفائه عن الأمريكيين او لتسليح «حزب الله». وذكر ان لإسرائيل خمسة مطالب دقيقة ومحددة طلب من الولاياتالمتحدة التقدم بها إلى دمشق وهي: * طرد وحل ما اسماهم بمنظمات الإرهاب الفلسطينية الناشطة في دمشق وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي. * طرد حرس الثورة الايرانية من سهل البقاع اللبناني الخاضع لسيطرة سورية مطلقة. * وقف التعاون السوري مع ايران وبضمنه محاولات نقل أسلحة للسلطة الفلسطينية وتحريض العرب في إسرائيل. * نشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل وطرد حزب الله من المنطقة. * تفكيك منظومة الصواريخ التي نصبها حزب الله على الحدود مع إسرائيل. من جانبهم اعتبر عدد من المراقبين السياسيين ان تصريحات شارون هذه تعد خروجاً عن سياسته التي اعتمدها والقائلة بوجوب عدم الثرثرة حول الخطر الذي تشكله سورية وإبقاء المهمة بيد الأمريكيين. واعترفت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي في تحليل لها صراحة ان التهديدات الأمريكية الأخيرة لدمشق اعتمدت، كلياً على تقارير استخباراتية إسرائيلية عما يجري في سورية نقلت إلى واشنطن عبر قنوات سرية وهو ما اعترف به وزير الدفاع موفاز ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤولين في وزارة الدفاع قولهم انه على رغم التهديد العسكري الذي قد تشكله الصواريخ السورية على إسرائيل فإن ما يقلق إسرائيل اكثر هو التهديد الإيراني المتمثل بحرية العمل التي يتمتع بها حزب الله وبموطئ القدم الإيرانية في لبنان عموماً، مشيرين إلى تصريحات شارون لصحيفة معاريف التي تناول فيها الأخطار المتربصة بإسرائيل من سورية وإيران على حد سواء اللتين تعكفان على تطوير أسلحة دمار شامل، ما يستدعي ان تطال الضغوط الأمريكية الشديدة ايران أيضا. وبانتظار قطف ثمار الحرب إلى ذلك توقع وزير المالية، بنيامين نتانياهو، أن تقطف إسرائيل في المدى المنظور ثمار الحرب على العراق وتستفيد، اقتصادياً، من إعادة تأهيل العراق واعماره مضيفاً ان مسار تدفق النفط من العراق إلى أرجاء العالم سيتغير، وسيصبح العراق في غضون السنوات العشر القريبة باريس الغرب وواحة الفكر والحرية مثل إسرائيل في الشرق الأوسط. واعتبر نتانياهو، في حديثه للإذاعة الإسرائيلية ان الحرب الأمريكية على العراق حتمية قالت فيها الولاياتالمتحدة إنها لن تطلق يد الطغاة او تمنحهم حرية نشاط غير محدود للتسلح بأسلحة نووية او لممارسة الإرهاب. ووجدت إسرائيل في التصعيد الأمريكي الرسمي ضد سورية مناسبة لتعبئ طاقاتها لتأكيد الاتهامات الأمريكية لسورية بدعم نظام صدام حسين قبل وأثناء انهياره ولم تعد، كما حليفتها الكبرى، تحصر اتهاماتها في الشأن العراقي بل راحت تتحدث بلغة الاملاءات الواجب على الرئيس السوري الامتثال لها، وبالتالي تظهر مدى الرغبة الإسرائيلية في ضرب سوريا وهي الرغبة التي باتت على ما يبدو وشيكة خاصة مع تصاعد التهديدات الأمريكية في ذلك الصدد وهو ما يوجب الحذر والاحتراس منه على كافة المستويات.