تضيق حنجرتي عند الكلام عن وداعك.. لكنني بالرغم من ذلك أودعك.. وداعاً يا أبي.. وداعاً يا أباً ويا حبيباً ويا صديقاً وفياً.. لقد رحلت أطيافك بعيداً صعدت روحك إلى بارئها صباح الأحد.. أبي.. كلمات الشجن لا تروي حروفاً في فؤادي.. ولا تحكي حباً سكن وتربع منذ طفولته تربى من نبع عطفه وعاش من خير عمله لكنه لا يموت يا أبي.. مثلك.. أبي.. يا شاعراً لا توفيك سطوري.. ويا معلماً لا يوفيك شرحي.. لقد رحلت والمرض لم يمهلك.. كنت تطمح لنا بالسعادة وأنت مبتر الأرجل مريض بالكلى.. لكنك مؤمن بالله قوي كالجبل لم يحطمك شبح المرض مع أنك تعاني منذ عشر سنوات.. لم يمت عزمك.. ولم تتحطم معنوياتك.. أمنياتك دائماً تقول أنا بخير.. مع أن أمراض الدنيا كلها تدب في جسدك وتنهش في عظمك.. أبي.. أناديك اشتاق إليك أريد أن ارتمي في حضنك كطفلة الخامسة كما كنت أفعل عندما كنت طفلة.. أريد أن أرتمي في حضنك ارتوي من حنانك أتشرب منه رشفة تغنيني عن حنان عمري كله.. يا كل دنيتي.. يا أملي.. أبي.. لن أنساك ما دمت أرى هذه الدنيا.. سوف اتذكرك في كل شيء أفعله.. سوف انفذ أوامرك بكل إتقان.. أبي.. كل يوم يمر أشعر برغبتي وشوقي إليك.. أشعر وكأنك تناديني كأنك تريد ماء أو تريدني أقيس ضغط الدم عندك أو نسبة السكري في الدم.. أبي أنظر سريرك.. كرسيك المتحرك.. نظارتك.. حتى غترتك وثوبك.. تحاكيك يا من غبت عنها.. ترثيك تبكي لفراقك.. أبي.. أرى أناساً يعزونني فيك يقولون.. الحمد لله ذهب من عناء المرض.. إلى رحمة ربه.. لكني أقول في نفسي في غاية الأنانية حتى لو كان مريضاً أريدك أريدك.. لا تغضب مني فأنا أنانية لكني أحبك بكل الدنيا وما فيها.. أبي.. البيت أظلم بدون نورك.. أبكم بدون صوتك.. ليس لحياتي طعم سواك يحليها أسأل الله أن يصبرني على فراقك.. أن يجبرني في كسرك.. في رحمة الله يا أبي..