السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: فلقد اطلعت على ما كتبه الأخ الأستاذ سلمان بن محمد العمري حول موضوع الرقية في صحيفتكم عدد 11117 وتاريخ 4/1/1424ه ويسرني هنا أن أشكركم على طرح موضوع الرقية الذي أهمني سنوات عديدة وقد ذهبت إلى عشرات الراقين ورأيت من العجب العجاب شيئاً كثيرا مما أشار إليه وذكره الأستاذ سلمان بل وأشياء أكبر من ذلك.. وإنني في هذا التعقيب أشير إلى نقطتين هامتين جداً، وهما: الأولى: إنني أقف مع الكاتب بتوصيته الهامة وهي عملية التكامل والتنسيق وتبادل الخبرات العلاجية حول الأمراض النفسية والسحرية والحسية والجسدية وضرورة عقد الاجتماعات بين الرقاة المؤهلين شرعاً والمعتبرين سلوكاً وأخلاقاً مع الأطباء سواء كانوا ذوي التخصص النفسي أو العضوي أو العام.. وهذا سيسهم إلى حد كبير في وضوح التشخيص لدى المرضى، الأمر الذي يفقده كثير من المرضى وذويهم، كما سيتم ذلك في تقارب الأطباء النفسيين مع طلبة العلم من الذين يرقون الناس وبخاصة أننا نرى أن هناك تناقضاً أو ما يدعو للتنافر فقد يحتاج المريض لمن يرقيه وفي الوقت نفسه يحتاج إلى طبيب نفسي وقد يكون المريض مصاباً بالعين وفي الوقت ذاته مصاباً بالاكتئاب أو مسحوراً ولديه وسواس قهري.. المقصود هو أن لا يصل الأمر بالراقي بالنيل من الأطباء النفسيين إلى درجة أنني سمعت من يقول عنهم أنهم مصابون بلوثة في عقولهم وفي المقابل يصل الأمر بالطبيب النفسي إلى أن السحر والعين خرافة.. وهذا التنافر لن يوصل إلى طريق واضح والضحية هو المريض على كل حال.. أضف إلى ذلك أن هذا التنافر بين الرقاة والأطباء أحدث هوة كبيرة دخل فيها ضعفاء النفوس الذين استغلوا الوضع كما وضح الأستاذ العمري ذلك. والأمر الثاني أو النقطة الثانية فهو مشروعية الرقية واستحبابها وثواب القارئ وقد ورد في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك، وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء «1/154-155» الفتوى رقم 446 أن الرقية بالقرآن الكريم قد شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم بفعله وبإقراره لأصحابه، ويقول ابن العثيم رحمه الله «ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والنور الهادي والرحمة العامة، الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلاله» زاد المعاد 4/177 ثم قال رحمه الله: «وفي النفل والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشر للرقية والذكر والدعاء فإن الرقية تخرج من قلب الراقي فإذا صاحبها شيء من أجزاء باطنه من الريق والهواء النفس كانت أتم تأثيراً وأقوى فعلاً ونفوذاً ويحصل بالازدواج بينهما كيفية مؤثرة شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية. أ.ه. وقد بين العلماء أيضاً أن القراءة على المريض لا تفيد إلا بشروط، أهمها: أهلية الراقي وصلاحه ومحافظته على العبادات والأذكار ومعرفته للرقى الجائزة من الآيات القرآنية ومنها صلاح المريض وكونه من أهل الإيمان والصلاح ومنها أيضاً أن يجزم المريض بأن القرآن شفاء ورحمة وعلاج نافع فلا يفيد إذا كان متردداً يقول: أفعل الرقية كتجربة إن نفعت وإلا لا تضر.. وأخيراً أشكر للعمري طرحه لهذا الموضوع الهام وأنادي معه بملاحقة ضعاف النفوس من الدجالين والسحرة الذين يلبسون ثياب التقى والزهد كما أدعو الرقاة المعتبرين والأطباء النفسيين وغيرهم إلى التفاهم والتقارب والتكامل.. والله ولي التوفيق. لولوة علي العامر / المدرسة الثانية والخمسون