بالأمس القريب وتحديداً مع غروب شمس يوم الجمعة 7 من ذي القعدة 1423ه الموافق 10 يناير 2003م فقدت مدينة جدة أبا فاضلاً قلَّ وجوده في وقتنا الحاضر إنه (أبوخالد) فهد بن محمد العبيكان (رحمه الله رحمة واسعة) أجمع على حبه الكبير والصغير الذكر والأنثى. مات وانتقل من هذه الدنيا ولم يترك وراءه سوى أبنائه الكرام البررة الذي آثر تربيتهم تربية العزّ والشرف.. تربية اسلامية صادقة.. رحمك الله يا أبا خالد يا نعم الأب ويا نعم الموجه الناصح العطوف الشغوف الذي لا يعرف قلبه غير الحب.رحمك الله يا راعي الشهامة ويا راعي المروءة ويا راعي النخوة والرجولة والتسامح والقلب النقي..عن ماذا أتحدث فالخصال الطيبة في هذا الرجل الطيب الفاضل كثيرة ولكن الخطب جلل.. اربكني وسلبني القدرة على التركيز.. وحسرة الفراق أفقدتني ملكة التعبير.. واستعادة المعاني لتقديم ولو جزء يسير وفاء لهذا الرجل الفاضل واسرته العزيزة وهذا أقل ما أملك.. فما يجيش في قلبي وخاطري أعظم من ذلك.. الا ان ما يهون من المصيبة ويخفف من وطأتها على الإنسان قوة ايمانه بالله عزّ وجلّ وبما وهبه من اليقين ما يجب أن يتحلى به من الرضا بقضائه والصبر على ما قدر وبما أعده الله للمتحلين بتلك الصفات من جزيل ثوابه الذين قال فيهم جل وعلا: {الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون، اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة اولئك هم المهتدون} .لقد فقدت أبا خالد كما فقده غيري من أقاربه ومعارفه صاحب اللِّسان الطيب والقلب الحنون والابتسامة الصادقة.. لقد كان رحمه الله يحمل قلباً رقيقاً محباً لوطنه وأهل وطنه.. وكانت غربته عن وطنه بسبب استكمال علاجه في المملكة المتحدة (لندن) صيف هذا العام 1423ه.. حتى كتب الله له العودة الى وطنه ليتابع علاجه في مستشفى الملك فيصل التخصصي بمدينة جدة والذي استمر لأكثر من ثلاثة أشهر.. حيث اشتدت وطأة المرض عليه رحمه الله ورغم ذلك كان صابراً متفائلاً.. ولقد لاحظت ذلك جليا أثناء زياراتي له في المستشفى، وكان يعيش على الأمل رغم قسوة المرض على جسده ومشاعره.. وكان البشر يملأ وجهه بنور الإيمان بالله عز وجل. ولقد كان معه طيلة وجوده بالمستشفى ابنه البار (خالد) يوليه جل رعايته واهتمامه الدائمين ليل نهار.. إلى جانب بناته الفاضلات وزوجته الصالحة (أم خالد) اللاتي أبلين بلاء حسنا في رعايته رعاية كريمة بارة.. حتى آخر لحظة من حياته. ومن فضل الله وكرمه وتوفيقه أنه توفي في وطنه ليدفن في ثراه الطاهر وبالقرب من بيته.. وسيحفظ التاريخ إن شاء الله حقوق مثل هؤلاء المخلصين لوطنهم وأهلهم ويذكر محاسنهم ومآثرهم النافعة والتي ستبقى ما بقي الدهر.. فلن ننساك الى الأبد يا أبا خالد وسنظل ندعو لك حتى آخر يوم في حياتنا. رحم الله الوالد الغالي: (فهد بن محمد العبيكان) رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.. وأنزله منازل الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.. إنه سميع مجيب. وجزى ابنه الأستاذ خالد العبيكان وابنتيه الفاضلتين (هيا، ومها العبيكان) وزوجته الصالحة (أم خالد) عنه خير الجزاء.. وجعل ذلك في موازين حسناتهم الصالحة والحمد لله في الأولى والآخرة على قضائه وقدره.