عتمان أنور - طه محمد - صابر حمد: في الوقت الذي تستعد فيه الصواريخ والقاذفات وبقية الاسلحة الأمريكية للانطلاق لضرب العراق تنطلق في الوقت نفسه قاذفات الميديا والإعلام الأمريكي لشن حرب نفسية ضد العراق واخماد أية مقاومة ضد الحرب . ودائما يرفع الإعلام الأمريكي العناوين التي تؤيد خطوات الادارة الأمريكية وهو محاربة الارهاب كما فعل في افغانستان عندما كان يردد دائما بسحق وتدمير القاعدة واذا بها تخرج بعد غزو افغانستان لتوجه ضرباتها الى الأمريكيين والاسرائيليين في جميع انحاء العالم وهذا كله ادى الى بروز حرب إعلامية هي بالدرجة الاولى نفسية تستهدف اضعاف قوة الطرف الآخر وبالرغم من محاولات الإعلام العراقي للقيام بدور مضاد برفع العزيمة لدى العراقيين الا ان تأثير ذلك لا يزال محدودا ولا يخرج عن نطاق القطر العراقي في الوقت الذي ينتشر فيه الإعلام الأمريكي ويصل بثه الى جميع انحاء العالم وفي التحقيق التالي تكشف الجزيرة تداعيات الحرب الإعلامية والتي لا تقل خطورة عن فوهات المدافع واصوات الطائرات وغيرها من فنون الحرب الحديثة. دعاية أمريكية يؤكد الدكتور مختار التهامي استاذ الرأي العام بكلية الإعلام بجامعة القاهرة ان الدعاية تعد وسيلة مهمة من وسائل الإعلام وخاصة اذا تمت وقت وقوع الحروب وتستهدف تشوية الحقائق وهو ما تعتمد عليه اجهزة الإعلام الأمريكية حاليا حيث تروج بان العراق يخفي اسلحة الدمار الشامل وهو ما يدفعها للتدخل واستخدام الحل العسكري لنزع هذه الاسلحة في الوقت الذي خرج فيه المفتشون التابعون للأمم المتحدة من العراق دون الوصول الى ما يفيد بادانة بغداد بامتلاكها اسلحة الدمار الشامل ويقول ان هذا شكل من اشكال غسل الادمغة العربية والعالمية الا انها لم تستجب لذلك وهو ما ظهر في انتفاضة الرأي العام العالمي ضد هذه الدعاية المكشوفة للإعلام الأمريكي لدق طبول الحرب والتي تأتي اتساقا مع ما كشف عنه جورج بوش الابن عقب احداث سبتمبر بانها حرب صليبية ويقول ان المشاهد العربي يتمتع بذكاء عميق ويدرك التحديات التي تواجهه ولكن ليس غريبا ان تفكر الادارة الأمريكية بالطريقة الساذجة بانها يمكن ان تحدث تفرقة إعلامية بين ابناء الوطن العربي وحكامه لأن الموقف واضح وصريح وهو رفض الحرب بدعايتها الإعلامية الأمريكية وبالتالي اية محاولات أمريكية دعائية ستنال طريقها الى الفشل ولن تحقق اهدافها كما ترجو لأن جميع تجاربها السياسية سيئة لذلك ستكون ايضا جميع تجاربها الإعلامية اكثر سوءا واذا كانت ترى بانحيازها الدائم الى اسرائيل ومباركتها لأعمال الارهاب الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني سيؤدي الى اعتزامها توجيه وسيلة إعلامية ناطقة بالعربية الى منطقتنا لتدافع من خلالها عن جرائمها والجرائم الاسرائيلية في المنطقة وسيكون مصيرها دائما الفشل وستلفظ الاجيال العربية الحالية والقادمة هذه الاساليب الدعائية ولن تلتفت اليها . ويشير الى ان الادارة الأمريكية لن تستطيع تحقيق مهامها الإعلامية كما تراها في تحقيق العدالة في الوقت الذي تشارك فيه اعمال الارهابيين في مؤسسة الاحتلال الاسرائيلي داخل الأراضي العربية فضلا عن تلويحها بتوجيه ضربة عسكرية الى دول عربية واسلامية اخرى بعد ضرب العراق تأتي ايران وسوريا ولبنان بدعوى امتلاك الاولى لأسلحة الدمار الشامل والاخريين بزعم ايوائهما لمنظمات ارهابية كما صرح أخيرا كولن باول عن امتلاك ايران لليورانيوم المخصب. ويؤكد د. التهامي ان حرب افغانستان عمقت المفهوم السائد في اوساط الإعلاميين بان ديمقراطية الإعلام الأمريكي هي ديمقراطية زائفه سابقا في افغانستان وحاليا في العراق بتضليل الرأي العام الأمريكي وحجبت الحقائق عن الصحفيين بل ومنهم من ممارسة عملهم في جو من الحرية واخيرا اعلانها انها يمكن أن تتحكم في حجب الرأي الاخر في وسائل إعلامها وهنا يتساءل هل تسمية هذا الإعلام بانه إعلام ديمقراطي ام انها سياسة التشوية الإعلامي وممارسة الدعاية الكاذبة ويجيب ان ذلك دعاية أمريكية تسعى ادارة الرئيس بوش من خلالها إلى فرض المصداقية على كافة اشكال ممارسة القوة واتباعها لسياسة ازدواج المعايير ولذلك كما يقول فان الإعلام الأمريكي لا يحق ان نطلق عليه إعلاما كما هو متعارف عليه ولكنه دعاية ليس فقط ضد الشعب العربي والرأي العالمي ودول العالم الثالث ولكن ضد المجتمع الأمريكي ايضا حتى ان وسائل إعلامية جعلته معصوب العينين مضلل العقل مخدوع الفكر وهذا كله يذكرنا بافعال النازية القديمة على حد وصفه. تجربة فاشلة وتتفق معه في الرأي الدكتورة جيهان رشتى العميد الاسبق لكلية الإعلام بجامعةالقاهرة وتأكيدها على ان وسائل الإعلام الأمريكية تمارس في الحرب ضد العراق نوعا من الدعاية الفجة وتحظى بأعلى النسب المئوية وينطوي على هذه الدعاية صفات من الكذب والتضليل ضد الرأي العام الأمريكي والذي لن يستمر صمته اكثر من ذلك على هذه الدعاية لأنه سيصحو من ثباته ليحاسب حكامه . وبالرغم من هذه الصفات للإعلام الأمريكي فان الدكتورة جيهان شتى لا تستبعد أن تفشل في الحرب الإعلامية ليس لكون ان هناك حرباً إعلامية اخرى مضادة سواء في العراق او غيرها من دول العالم ولكن الرأي العام في جميع دول العالم اعلن رفضه أكثر من مرة لشن الحرب وهو ما سيجعل السياسة الإعلامية الأمريكية غير مقبولة ومكروهة في الرأي العام فكيف يمكن لوسائل إعلامها ان تحقق ما عجزت عنه السياسة؟؟ وتقول هذه الكراهية ليست فقط في العالم العربي ولكنها في جميع دول العالم وتشرح الدور الذي تستخدمه وسائل الإعلام كما عادة في الحروب بان يتم توجيه رسائل للشعب المعتدى عليه في ان يعمل على التخلص من حكامه وعدم المشاركة في اية هجمات عسكرية كما يحدث حاليا في مطالبة امركيا الشعب العراقي بالايشارك في الاعمال العسكرية في حرق ابار البترول وان يثور ضد حكامه. تناقض إعلامي ومن جانبه يرى الخبير الإعلامي سعد لبيب ان مثل هذه الحرب الإعلامية التي تقودها أمريكا من طرف واحد باعتبارها هي الطرف الاقوى فانه لن يكتب لها النجاح لأنها تكيل بمكيالين ولن تستطيع خلق رأي عام جديد لها وستكون شكلا من اشكال العبث الأمريكي لأنها تتبع سياسة الكيل بمكيالين في تأييدها الواضح والمعلن لاسرائيل ودعمها في قمع انتفاضة الشعب الفلسطيني . ويقول ان الرأي العام العربي سيتصرف بالتالي عن هذه الوسيلة الدعائية مهما كانت مؤثراتها لأن المواطن العربي بما هو حاصل على الارض وعليه فانه سيجد نفسه أمام تناقض غريب ففي الوقت الذي تعرض فيه اجهزة الإعلام الأمريكية دعايتها تبعا لامزجة الادارة الأمريكية فاننا نجدها في المقابل تمارس سايسة عدوانية تتسم بالهيمنة ضد الدول العربية والاسلامية فالعبرة في ما يحدث على ارض الواقع والذي يقترب منه الرأي العام العربي اكثر ويقول ان زمن التعبئة الإعلامية قد ولى بالرغم من أن الإعلام الأمريكي يسعى الى احيائه ليتوجه به الى العرب والمسلمين وهو يدرك أنه سيشغل في ذلك ولكنها غطرسة القوة المتسلطة والمهيمنة التي تحاول الإدارة الأمريكية فرضها ضد الدول العربية. دور الحرب النفسية أما الدكتور عبد القادر حاتم وزير الإعلام المصري الاسبق فيؤكد ان الحرب الإعلامية تنشط دائما في الحروب العسكرية وان أمريكا تمارسها حاليا عندما تطلب من الشعب والجيش في العراق التمرد كما فعلت ومازالت تفعل في افغنستان بمطالبة سكان افغانستان عدم ايواء عناصر من القاعدة او طالبان ويقول ان الإعلام المصري استخدم في اثناء حرب اكتوبر 1973 المجيدة شكلا من اشكال هذه الحرب النفسية وهو ما أكده هنري كسينجر بان الاجهزة الأمريكية فوجئت باعلان حرب اكتوبر وان الإعلام المصري قد خدع كلاً من اسرائيل وامركيا ويضيف ان هذه الحرب النفسية في الإعلام المصري كانت عادله لاسترداد حقوقنا واستعادة ارضنا اما اليوم فان هذه الحرب غير عادلة لأنها تجد معارضة قوية من الرأي العام العالمي ودول العالم وتفتقد الشرعية الدولية ولا تستند الى عدالة مطلقا . تضليل الرأي العام وتؤكد الدكتورة انشراح الشال استاذ الإعلام بجامعة القاهرة ان الولاياتالمتحدة تستخدم الإعلام كسلاح هام جنبا الى جنب مع تكنولوجيا الحرب المتقدمة التي تملكها في حروبها سواء السابقة في افغانستان أو القادمة في العراق والتي مهدت لها بحملة إعلامية كبيرة في اطار الحرب النفسية للضغط على الشعب العراقي وتأليبه على نظام الرئيس صدام حسين بهدف احداث ثورة داخل العراق تؤدي في النهاية الى اسقاط النظام وصورت أمريكا حملتها على العراق بانها حملة تهدف في الاساس لانقاذ الشعب العراقي من بطش الرئيس صدام حسين وتحسين اوضاعه الاقتصادية والاجتماعية في مرحلة ما بعد صدام حسين واقامة نظام ديمقراطي جديد يمهد لعراق جديد بدون صدام كما استهدفت الحملة الأمريكية الجنود العراقيين وافراد الحرس الجمهوري لاحداث انقلاب في صفوف الجيش العراقي ضد صدام حسين واستخدمت في ذلك جميع اساليب الحرب الإعلامية والاغراء بالمال وتمهد أمريكا لحملة إعلامية اخرى تتزامن مع وقوع الحرب التي باتت وشيكة وتهدف هذه الحملة الى منع اذاعة اي بيانات او نشرات عراقية يمكن ان تؤثر على سير العمليات العسكرية او تظهر اي خسائر في صفوف القوات الأمريكية في حين يظهرالإعلام الخسائر التي تقع في صفوف العراقيين وتبعد الانظار عن حوادث وقوع ضحايا مدنيين حتى لا يؤثر ذلك على الرأي العام العالمي واظهار أمريكا على انها مجرم حرب وحذرت الدكتورة د. أميرة العباسي استاذ الصحافة الدولية بجامعة القاهرة من اعتماد وسائل الإعلام العربية على مصادر أمريكية تسعى لتشويه الحقائق وتضليل الرأي العام في تغطيتها لأحداث الحرب واشارت الى ان وكالات الانباء ووسائل الإعلام في دول معسكر السلام مثل فرنسا وروسيا ستكون موضوعية اكثر في تناول الاحداث وتغطية الحرب ومن الممكن الاعتماد عليها بدلا من وسائل الإعلام الأمريكية. ويعلق احمد ثابت استاذ العلوم السياسية بقوله واجب او دور الإعلام العربي في مواجهة هذا التعتيم أولاً عدم الانسياق لأجهزة الإعلام الرسمية العربية والقنوات الفضائية الرسمية والخاصة وراء ما تبثه وسائل الإعلام الأمريكية ووكالات الانباء الأمريكية والبريطانية من اخبار وبيانات منحازة وعنصرية بل يجب اولا عمل تغطية موضوعية ولا نقول انها يجب ان تلتزم ان يكون لاجهزة الإعلام العربية مندوبون ومراسلون ينتقلون مباشرة الى مواقع الأحداث ويقاومون محاولات الإعلام الأمريكي للتغطية واخفاء الحقائق وثانيا ان تظهر الاراء المعادية للحرب والتدمير وان تستخدم الخدمات الصحفية لوكالات الانباء الاخرى الفرنسية مثلا لأنها تكشف الاكاذيب والمزاعم الأمريكية وهي فرصة ذهبية صراحة لأن تتجاوب وسائل الإعلام العربية مع معاناة واحاسيس الشارع العربي المعادي للحرب وان تتحرر هذه الوسائل من التبعية الإعلامية الصارخة للإعلام الأمريكي خصوصا والغربي عموما.