أميركا وبريطانيا ستنشئان مراكز إعلامية في واشنطن ولندن وإسلام أباد، في إطار حربهما على الإرهاب، ولمنع تلاشي الدعم الدولي للحملة العسكرية على أفغانستان، و"التصدي للتضليل الإعلامي الذي تمارسه طالبان وشبكة القاعدة". والسفير الأميركي السابق لدى سورية سيتولى هذه المهمة في البلاد العربية، لشرح سياسة بلاده في شكل "غير مشوش". هذه الخطوة، على رغم خطورتها، إشارة إلى أن رفض الحرب على الشعب الأفغاني يتزايد في أوساط الرأي العام في أميركا وبريطانيا، ودليل على أن الحرب الإعلامية ليست في مصلحتهما. والنائب الجمهوري أد رويس حين قال "حان الوقت ليكون لدينا منبر إعلامي"، لم يكن يعبر عن غبطته بقبول اقتراحه بإنشاء إذاعة في أفغانستان، وإنما يعلن عن سروره لتدخل الحكومة في إدارة وسائل الإعلام، وتوجيهها، وهو أمر أصبح مشروعاً في ظل قوانين الطوارئ التي تتوالى منذ 11 أيلول سبتمبر، ولن نستغرب إذا عيّن الرئيس جورج بوش وزيراً للإعلام، أو رقى المستشارة كارين هيوز التي تتولى مهمة الدعاية السياسية في البيت الأبيض إلى رتبة وزير، وإحداث وزارة للإعلام في الحكومة الأميركية فكرة مقبولة، بعد سلسلة المناصب الوزارية التي فرضتها القوانين الجديدة. تدخل الحكومتين الأميركية والبريطانية في إدارة وسائل إعلامية وتوجيهها سيضاعف فشلهما في الحرب الإعلامية، ويزيد حدة هجوم الاعلام الأميركي والبريطاني على سياستهما في أفغانستان. ولن يقدم أي مكاسب تذكر، لأنه دعاية سياسية على غرار الأسلوب الذي تمارسه وسائل الإعلام الحكومية في دول العالم الثالث، فضلاً عن أنه تجاوز على الحقوق الخاصة بالمواطنين، وتكريس للخوف من الحرية. إن تدخل الحكومتين الأميركية والبريطانية في خدمات الإعلام ونقل المعلومات إلى الناس، تهديد لمستقبل الحريات السياسية والمدنية، ليس في أميركا وبريطانيا فحسب بل في كل بلاد العالم. فهذه الخطوة ستعيدنا إلى المربع الأول في حرية التعبير، وتشجع الأنظمة غير الديموقراطية على الاستمرار في الهيمنة على الصحافة ووسائل الإعلام، وتسوّغ لها الاستمرار في الاحتفاظ بوزارات الإعلام وأبواق الدعاية السياسية.