من الأمراض الخبيثة التي تصيب الغدة الدرقية ويشكل 1% تقريبا من السرطانات التي تصيب الانسان، على الرغم من ازدياد نسبة حدوثه مؤخرا، خاصة في المناطق المجاورة لمفاعل تشرنوبل اثر حادث التسرب النووي الشهير في عام 1986م، كما تضاعفت نسبة حدوثه في اوروبا لتصبح 2% من مجمل السرطانات، وبمعدل 6/100000 شخص سنويا عند السيدات، و 2/100000 عند الرجال. يشمل سرطان الغدة الدرقية عدة انواع: 1- المتميز «Differntaiated»: اهمها الورم الحليمي «Papillary» ويشكل نسبة 75% من الاورام، الورم الحويصلي «Follicular» ويشكل حوالي 10%. 2- الورم اللامتميز «Anaplastic» حيث تفقد الخلايا شكلها الاصلي ويشكل 5% وهو اخطرها واوسعها انتشارا، اما 10% الباقية فتشمل اورام نادرة بالغدة الدرقية. يتميز الورم الحليمي بأنه يصيب الاشخاص في مقتبل العمر او المسنين ويمكن ان ينجم من تعرض الرقبة للاشعاعات، وهو بطيء النمو وينتقل للغد اللمفاوية المحيطة بالغدة الدرقية، كما انه يمكن ان يوجد بشكل كامن دون احداث اي اعراض، اما الورم الحويصلي فهو اكثر خبثا، ويمكن ان ينتقل الى الاعضاء المجاورة وعن طريق الدم ويصعب تشخيصه بواسطة الفحص النسيجي الآني «السريع بالتبريد» او الفحص بواسطة الابرة، اما النوع الثالث وهو اخطرها ويتميز بخبثه الشديد وسرعة انتشاره للاعضاء المجاورة مما يسبب انسداد في اوعية الرقبة والمريء والرغامى وتلف في الحبال الصوتية. ماهي الأعراض السريرية للمرض؟ * معظم اورام الغدة الدرقية تظهر بشكل عقدة او «كتلة» وحيدة في الغدة الدرقية، وهذا لا يعني ان كل عقدة وحيدة في الغدة الدرقية هو ورم خبيث، حيث ان اقل من 10% من هذه العقد ناجم من ورم خبيث. وتزداد نسبة الشك في كون هذه العقدة خبيثة، في حال حدوثها عند الرجال او لدى الاطفال تحت سن 14 او عند المسنين. * وجود انتفاخ في العقد اللمفاوية والرقبة او حدوث بحة في الصوت من العلامات التي توحي بالطبيعة الخبيثة للمرض. * تعرض المريض سابقا لاشعة سينية او نووية في منطقة الرقبة يثير الشك حول نوع الكتلة في الغدة الدرقية. * وجود سوابق عائلية لاورام الغدة الدرقية توحي بوجود نوع خاص من اورام الغدة الدرقية المتوارثة. * طبيعة الكتلة المكتشفة في الغدة من ناحية قساوتها وعدم انتظام سطحها وسرعة نموها يوحي بالطبيعة الخبيثة للمرض. * وجود سلعة درقية «ضخامة في الغدة» منذ زمن طويل قد يتحول جزء منها لورم خبيث. كيف يتم تشخيص المرض؟ ان وجود اي تضخم في الغدة الدرقية يلاحظه المصاب يستدعي الاستشارة الطبية اذ يقوم الطبيب بفحص الغدة اكلينيكيا، والاحساس بوجود عقد في الغدة من عدمه. وعند اكتشاف غدة مختلفة التكوير والملمس في الغدة الدرقية خاصة اذا كانت وحيدة وغير منتظمة او اذا كانت مترافقة مع بحة في الصوت او تضخم بالغدد اللمفاوية في الرقبة فإن هذه العلامات تزيد من نسبة الشك في كون الكتلة سرطاناً. يلجأ الطبيب الى فحوص اخرى لتأكيد طبيعة المرض، فالامواج الصوتية تبين محتوى الورم إذ انه كيس مملوء بالسائل «وهو نادرا ما يكون سرطاناً» او كتلة نسيجية، ويحدد عددها، او وجود كتل غير محسوسة باليد الفاحصة. الفحص الآخر الذي يجرى هو تصوير نووي للغدة الدرقية، حيث تفحص الغدة بواسطة جهاز كشف للاشعاعات النووية، وبعد حقن مادة نووية بالوريد «كمية بسيطة جدا»، ترتسم الغدة الطبيعية بشكل منتظم، حيث تنتشر المادة المشعة بصورة متجانسة داخل الغدة، ان وجود منطقة خالية من الاشعاع تعني وجود كتلة تشغل حيزاً داخل الغدة ومن طبيعة مختلفة تدعى عقدة باردة. اما الفحص الاخير فيتم بادخال ابرة دقيقة داخل الكتلة المشكوك بأمرها لسحب بعض من الخلايا منها وفحص هذه الخلايا بالممجهر لمعرفة طبيعتها. وهذه الطريقة آمنة وسهلة وغير مؤلمة، وتفيد في الورم الحليمي،وهي قليلة الفائدة في الورم الحويصلي حيث لابد من اجراء فحص على الغدة المستأصلة. عندما يثبت الفحص النسيجي بالابرة الطبيعية الخبيثة للورم الدرقي يحضر المريض للعلاج الجراحي، اما اذا كانت العينة مشكوك فيها فينصح عندها ايضا باجراء عملية جراحية لاستئصال الغدة الدرقية وفحصها بالمجهر لإثبات طبيعة المرض. اما في الحالات التي تكون نتيجة الفحص بالابرة سليمة عندها يمكن ملاحظة المريض ومتابعته وتكرار الفحص كل ثلاثة اشهر الا اذا كان هناك سبب آخر للعلاج الجراحي. من الفحوص الاخرى التي تجرى: فحص بالتصوير المقطعي بالكمبيوتر، اخذ عينات من الغدد اللمفاوية المتضخمة للفحص السريري، وفحص الحبال الصوتية بالتنظير او فحص الرغامي بالمنظار اللين، كل هذه الفحوص تجرى لمعرفة امتداد الورم. علاج سرطان الغدة الدرقية يعالج السرطان المتميز «الحليمي والحويصلي» جراحيا وذلك باستئصال تام او شبه تام للغدة الدرقية عندما يكون التشخيص معروفاً سلفا، او باستئصال اغلب الغدة الدرقية وارسال الغدة المستأصلة للفحص النسيجي الآني «Frozen section»، وعند ثبوت الطبيعة الخبيثة للمرض تستكمل العملية باستئصال تام او شبه التام للغدة حسب نوعية الورم. وعند وجود عقد لمفاوية متخضمة يتم استئصال هذه العقد جراحيا. يمن اللجوء لليود المشع لاتلاف الجزء المتبقي من الغدة الدرقية في حال الورم الحويصلي حيث ان الفحص النسيجي الآني لهذا النوع من الاورام لا يمكن الاعتماد عليه وانما يؤخد بالفحص النسيجي العادي الذي يستغرق يومين الى ثلاثة ايام لاجرائه وفي هذه الحالة وعند ثبوت كون الورم خبيثاً فإنه يتم اجراء جراحة ثانية لاستئصال الجزء المتبقي من الغدة او نلجأ لليود المشع لاتلاف هذا الجزء المتبقي، اما الورم الحليمي فإن ابقاء جزء بسيط من الغدة في الجهة المقابلة للورم لا يشكل ضرراً بل يخفف من بعض مضاعفات العملية الجراحية كاصابة الغدد المجاورة للدرقية والمسؤولة عن تثبيت نسبة الكلس في الدم ومن اصابة العصب المغذي للحبل الصوتي. ان الورم اللامتميز من الانواع الخبيثة جدا ويمتد موضعياً بسرعة كبيرة مما يجعل دور الجراحة محدوداً فيه الا في المراحل الاولية للمرض، ويؤدي العلاج الشعاعي والكيميائي دوراً ملطفاً في علاج هذه الحالات. المضاعفات الممكنة الحدوث بعد جراحة الغدة الدرقية تتموضع الغدة الدرقية بجوار عناصر تشريحية مهمة كالاوعية الدموية المتجهة من والى الرأس وتجاور الغدة الانبوب الرغامي الهوائي، وتلامس غددا صغيرة تعرف بجارات الدرقية تقوم بافراز هرمون يؤثر في مستوى الكالسيوم بالدم «والكالسيوم مسؤول عن تقلص العضلات، وبناء العظام كما هو معروف»، كما ان الحبال الصوتية للحنجرة تتحرك بواسطة تنبيهات عصبية بواسطة الاعصاب المدعوة بالحنجرية الراجعة التي تجاور الغدة الدرقية في الناحيتين، كل هذه العناصر معرضة للاصابة في حالة جراحة الغدة الدرقية. على الرغم من النسبة الضئيلة لحصول اصابات في هذه العناصر فإنه يتوجب اختيار الجراح المتمرس لاجراء مثل هذه الجراحات. بالاضافة للمضاعفات السابقة فإن العملية الجراحية معرضة للاختلاطات العامة التي قد تحدث في اي جراحة كالنزف والانتان، وحودث جلطات في الساقين او صمامات رئوية وغيره من المضاعفات العامة التي تتخذ اجراءات معينة للتخفيف منها، التي اصبحت نسبتها ضئيلة جدا والحمد لله بفضل التقدم الطبي المشهود حاليا. بماذا ننصح القراء؟ ان الكشف المبكر لجميع انواع السرطانات من العوامل المهمة في تحسين نسبة شفاء المرضى قبل تفاقم المرض، لذا فإن الكشف الطبي عند ملاحظة اي تورم في منطقة الغدة الدرقية يعتبر ضرورياً جداً.. استشاري الجراحة العامة والتنظيرية مستشفى المركز التخصصي الطبي