عن النادي الأدبي بحائل صدر هذا العام ديوان شعري جديد للشاعر بدر عمر المطيري وسمه بعنوان «للحب أكثر من معنى» واشتمل على العديد من القصائد التي تتباين رؤاها الشعرية فيما تتحد إيقاعاتها البنائية وكأن الشاعر المطيري ينتقي من عشرات القصائد واحدة تطل على القارئ.. لنرى أن الطروحات في كل قصيدة تختلف عن الأخرى ابتداءً من العنوان فهناك على سبيل المثال قصائد الديوان الأولى تختلف في مضمونها وسياقها عن قصيدة «حكمة المتنبي» او قصيدة «إليها» او قصيدة «ربما» فالنوازع هنا مختلفة والقصائد منتخبة بشكل توفيقي حاول الشاعر من خلاله مد جسور التواصل مع القارئ من خلال هذه الاضمامة من القصائد الوطنية، والوجدانية، والتوجيهية، والرسائل، والرثاء، فلكل قصيدة عالمها الخاص في هذا الديوان. انفصال الديوان عن عنوانه.. الشاعر بدر المطيري حينما يصف لنا العالم من حوله ينصرف تماماً عنوان الديوان «للحب أكثر من معنى» عن حالته الخاصة ليدخل الحالة العامة فنجده قد برع في قصيدة ظمأ وأضفى على النص بعداً تأملياً عاماً: «هذه اللحظة من عمري سراب سوف تمضي مثلما يمضي الشباب ادمع حرّى.. وسهد.. واغتراب» «الديوان ص22» فللقصيدة بعدها الإنساني الذي نلتقي معه، فالحيرة عالمنا، والظمأ حياتنا، والغربة ظروفنا الراهنة، ليبرع الشاعر المطيري في اقتفاء حساسية هذا الخطاب الإنساني. يحاول الشاعر رسم عوالم أشد قرباً الى الواقع لنجده في قصيدة «ملحمة الحزن» ينصرف عن عالم الحب لتخبو جمرة الشوق، وتشتعل حرائق أخرى: «هيهات يبسم في الظلماء مفؤود وكيف يبسم من في الحزن موءود؟! تجرع الحزن أيام الصبا وجرى عهد الشباب بحزن شوطه البيد» فالقصيدة ذات استهلال فاجع ينضح شجناً، ويورق جزعاً من مآل الأحلام الى هذه الحالة المؤذية.. فقد لا يكون هناك رابط بين عوالم الحب ومعاني السعادة في ظل تنامي نبرة الهم، وارتفاع نسبة الألم في سائر أجزاء الديوان، لكن يبقى الحب حاضراً بشكله العام ومشاركاً في بناء مفردة المعاناة التي يحييها الشاعر الإنسان، وهذا الحضور للحب وإن كان مرشداً هو في الأساس قاعدة يمكن للقارئ ان ينطلق منها لحظة قراءته لهذا الديوان. واقعية الخطاب الشعري.. يسير ديوان الشاعر المطيري نحو استلهام واقعية الخطاب الشعري والذي تجسده الملامح الأولى لأي قصيدة يمكن ان تقع عليها اختيارات القارئ.. فقصيدة «حنين..» مثلاً تتجه الى صياغة الخطاب الواقعي الذي يستعيد تفاصيل الحياة قديمها وجديدها من أجل ان يأخذ الشاعر دوره الإنساني كاملاً.. فقد لا يكون هناك أي مظهر للشاعرية حتى وإن كانت على هيئة قصائد ماثلة للعيان لأن الأمر لا يتعدى كونه خطاباً استثنائياً ينطلق من قريحة «الرجل» الذي يملي شروطه، ويهيل على العالم من حوله نظرة سوداوية حادة: «رحل الركب توارى القوم غير أن الروح أعياها الشجا وهي ترنو للمدى ردها اليأس لأعماق الحنين..» «الديوان ص74» فالصوت هنا رجولي باهر يتلمس عمق تلك المأساة التي يعيشها الإنسان ولاسيما إن كان شاعراً يحمل بين جوانحه الوعي اللاعج ذلك الذي لا يجعل الشعر سهل القياد إلا الى هذه الصور الواقعية التي تمعن في التأمل ونقد الذات والواقع. قد تتكون لدى قارئ هذا الديوان العديد من الانطباعات، والتصورات التي تضيء للشاعر بدر المطيري ما قد يكون مهماً وضرورياً في مسيرته الشعرية القادمة بإذن الله تعالى، لأن القارئ هنا لديه حق كامل في قراءة ما يقدمه الشاعر فقد تكون هذه الرؤى موافقة او معارضة لما ذهب اليه الديوان. التجربة الشعرية - هنا- منوعة ومتعددة الاغراض ربما رغبة في ذات الشاعر أن يأخذ من كل أمر بطرف وهذا ما قد نتصوره مشتتاً لذهن القارئ، فالانطباع او التصور قد يكون رؤية أخرى تخدم صاحب التجربة حينما يهم بطرح الجديد القادم. ربما نستدرك على الديوان من حيث المظهر الخارجي ضعف الاخراج وعدم الاختيار الموفق للوحة الغلاف فقد يكون هذا الأمر عادياً إنما من المهم الاهتمام بأمر كهذا.. إشارة: * للحب أكثر من معنى «ديوان شعري». * بدر عمر المطيري * النادي الأدبي بحائل 1423ه * الطبعة الأولى «96 صفحة» من القطع المتوسط