ولأنهم كانوا في مهمة لخدمة العلم، وبالتالي لخدمة البشرية، فإن الإنسان أياً كانت جنسيته وهويته لا بد من أن يحزن على المصير الذي انتهى إليه رواد فضاء المكوك كولومبيا الذي انفجر خلال عملية دخوله الغلاف الجوي للأرض وهو على علو 60 كيلومتراً فوق ولاية تكساس الأمريكية. وبغض النظر عن جنسية الرواد السبعة إلا أنهم كانوا في مهمة كانت ستحقق نتائج علمية هامة وهو ما يجعل الإنسان يتعاطف مع عوائل الضحايا ويشارك الأمريكيين حزنهم. وقد كانت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» تعول على رحلة المكوك كولومبيا الكثير بعد أن استمرت رحلة المكوك للفضاء قرابة الستة عشر يوماً حيث تم إجراء أكثر من ثمانمائة تجربة علمية لصالح وكالات الفضاء في أمريكا واليابان وألمانيا ووكالة الفضاء الأوروبية، وشملت هذه التجارب المعملية أبحاثاً هامة خاصة بانعدام الجاذبية في سلوك الحشرات مثل النمل والنحل والعناكب وجاءت التقارير مبشرة بتحقيق جميع الأهداف العملية والعلمية للرحلة. وللمكوك الفضائي كولومبيا تاريخ حافل في رحلات الفضاء إذ قام بست وعشرين رحلة فضائية ناجحة وقضى في الفضاء الخارجي 224 يوماً وخضع إلى مئة تعديل وتطوير استغرق في إنجازها ثمانية عشر شهراً قبل أن يعود للعمل لينجز أهم المهام الفضائية حيث حمل التلسكوب الفضائي هابل. ومن مهام المكوك كولومبيا الهامة قيام سبعة من رواده في الشهر الثالث من عام 2002م بإصلاح وتحديث منظار هابل الفضائي، حيث وصفت المهمة في وقتها بأنها من أصعب وأخطر المهام التي أنجزت في تاريخ برامج المكوك الفضائي الأمريكي على مدى قرابة ربع القرن، وفي تلك المهمة قام المكوك كولومبيا بالالتحام بالمنظار هابل، قبل أن يخرج رواده إلى الفضاء والقيام بعمليات سير في الفضاء لإنجاز عمليات إصلاح المنظار هابل الذي نقل العديد من الصور الفضائية التي ساهمت في تقدم علوم الفضاء والفلك واكتشاف مجرات فضائية جديدة أضافت للعلم الكثير. ضحايا المكوك كولومبيا يضافون إلى قافلة العلماء الذين يضحون من أجل خدمة العلم والبشرية، وطبيعي أن مسيرة العلم ستتواصل والتضحية ستستمر وجهود «ناسا» في هذا المضمار الهام أيضاً ستتواصل فقد سبق لهذه الوكالة الفضائية أن فقدت رواداً آخرين في حادثة انفجار المكوك «تشالنجر» والذين مرت ذكراهم قبل حادث مكوك كولومبيا بثلاثة أيام فقط إذ كانت الحادثة قد وقعت في الثامن والعشرين من شهر يناير عام 1986م.