تدخل"الوكالة الوطنية للطيران والفضاء"في اميركا عام 2006، في ظل تجديد في رئاستها، وانبعاث عزمها على استئناف رحلات مكوكاتها في منتصف شهر أيار مايو المقبل، في سياق عملها على تنفيذ خطة الرئيس جورج بوش في استكشاف الفضاء التي أُعلنت عام 2004. فقبل فترة وجيزة، عيّن الرئيس بوش مايكل غريفن مديراً جديداً لوكالة ناسا ليشرف على تطبيق برنامج طموح لاستكشاف الفضاء، مع التركيز على رحلات المركبات غير المأهولة الى كواكب النظام الشمسي. وقبل تعيينه، عمل غريفن 55 عاماً كمسؤول في دائرة دراسات الفضاء التابع ل"مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جون هوبكنز"في ولاية ميريلاند. ولد غريفن في 1949 في بلدة ابردين في ولاية مريلاند. درس الفيزياء في جامعة"جون هوبكنز"، وتمرس في علوم الفضاء في"الجامعة الكاثوليكية"، كما تابع دروس الهندسة في"جامعة كارولينا الجنوبية". وحصل على دكتوراه الهندسة في علوم الفضاء من"جامعة مريلاند". وتولى منصب كبير مهندسي"ناسا"، وعمل معاوناً في قسم"تكنولوجيا مبادرة الدفاع الاستراتيجي"التي اطلقها الرئيس الاميركي السابق رونالد ريغان. وبذا، يخلف شون أوكيف الذي استقال في أواخر 2005، بحسب اعلان صدر من البيت الابيض أخيراً. والمعلوم ان بوش اختار بنفسه أوكييف، الذي عمل طويلاً في مجال الاستخبارات ومؤسسات الدراسات الاستراتيجية العسكرية. وحينها، نُظر الى تعيينه كجزء من التوجهات الامنية التي أُعطيت الاولوية في المؤسسات الدولة الاميركية ضمن ما يُسمى"الحرب على الارهاب". والمعلوم ان أوكييف من أنصار استخدام الفضاء لاهداف عسكرية وأمنية. ويتولى غريفن مهماته الجديدة، ليجد نفسه في مواجهة مهمة محددة: ايجاد الوسائل العملية لتنفيذ برنامج بوش في استكشاف الفضاء، الذي يعطي اولوية لاهداف مثل استئناف الرحلات الى القمر اعتباراً من العام 2015 ، وكذلك التمهيد للتوسع في ارسال مركبات فضائية متطورة الى كواكب مثل المريخ، وبناء قرية على القمر واستئناف برنامج المكوكات الفضائية وغيرها. ولتحقيق هذه الطموحات التي يثير بعض الخبراء شكوكاً حولها، اعلنت وكالة"ناسا"انها دخلت في مرحلة من اعادة تنظيم نفسها، لكي تصبح وكالة اصغر حجماً واكثر فعالية، مع التركيز على الامور الاساسية. وتتولى لجنة من خبراء متعددي الاختصاصات صياغة التوجهات الجديدة للوكالة الفضائية العريقة. ولتمويل هذه المشاريع، نجحت"ناسا"في تشرين الثانينوفمبر في زيادة موازنتها للعام 2006 بنحو 800 مليون دولار، فوصلت الى 2،16 مليار دولار. وتعتبر هذه الزيادة اولى من نوعها بعد فترة ركود استمرت عقداً من السنين. ويذكر ان الرئيس بوش اعاد التأكيد، في مطلع العام المنصرم، على طموحاته الفضائية على المدى الطويل. والتزاماً منه بتلك الوعود، طالب بزيادة الاموال المخصصة لوكالة"ناسا"في موازنة 2006. ويعتبر ذلك امراً نادراً في وقت تشهد فيه الادارة ميلاً قوياً للتشديد على خفض الموازنة الفيديرالية. وبعد النجاح الذي حققه المسباران"سبيريت"و"اوبورتيونيتي"على سطح المريخ، حيث استطاعا العمل طوال 2005 على سطحه، تخطط الوكالة عينها لاعادة استشكاف القمر اعتباراً من 2008 تمهيداً لارسال رواد فضاء وبناء قرية عليه. وفي العام المنصرم، أدت التعقيدات التي رافقت رحلة المكوك ديسكوفري الى اتخاذ قرار بوقف برنامج المكوكات. ويبدو ان"ناسا"تجاوزت تلك"الصدمة"وتُخطط لاطلاق مكوك في وقت بين منتصف أيار مايو وأوائل حزيران يونيو المقبلين. والمعلوم ان الوكالة علقت كل الرحلات الفضائية بعد تحطم المكوك"كولومبيا"اثناء دخوله الغلاف الجوي للارض في الاول من شباط فبراير 2003 بعد مهمة استغرقت 16 يوماً. وبعد تلك الكارثة، نشر تقرير انتقد"ناسا"بشدة، مُعدداً اخطاءها والثغرات في الترتيبات الامنية منذ حادث انفجار مكوك الفضاء"تشالنجر"في العام 1986. وارجىء قرار استئناف الرحلات مراراً لتلبية الشروط الامنية التي طالبت بها لجنة التحقيق حول حادث"كولومبيا"، اضافة الى الاضرار التي لحقت بمنشآت"ناسا"في فلوريداجنوب شرق نتيجة هبوب أربعة اعاصير في شهر ايلول سبتمبر من العام المنصرم. ويتيح استئناف رحلات ال"ناسا"المشاركة في وضع اللمسات الأخيرة على تجميع"المحطة الفضائية الدولية"في 2010. ويتعين على غريفين ايضاً الاشراف على تطوير المركبة الفضائية الجديدة المأهولة"كرو اكسبلوريشن فيهيكل"التي ستزمع اطلاق رحلتها التجريبية الاولى عام 2008. في المقابل الغت"ناسا"في مشروع الموازنة العام 2006 الاموال المخصصة لتمديد مهمة تلسكوب الفضاء"هابل"حتى 2010.