أجّلت"الوكالة الوطنية الأميركية للفضاء والطيران"ناسا إطلاق الرحلة رقم"أس تي أس 133"إلى"محطة الفضاء الدولية"حتى 3 كانون الأول ديسمبر 2010، بانتظار الانتهاء من إصلاح الخزان الخارجي للمكوك"ديسكوفري7"، الذي سيتقاعد بعد هذه الرحلة. وتجري"ناسا"فحصاً دقيقاً أخيراً للمكوك ومحركاته ومكوناته، قبل أن يبدأ العدّ العكسي لإطلاقه المقرر فجر الجمعة في 3 كانون الأول 2010. وفي الخامس من الشهر الجاري، أدى اكتشاف تفسّخ خفيف في الخزان الخارجي للهيدروجين وتسرّب الغاز منه، إلى إرجاء عملية إطلاق ديسكوفري. وإذا أتمّ ديسكوفري رحلته الأخيرة بنجاح، فإن الرحلة التالية المرسومة للمكوك"إنديفور"إلى محطة الفضاء الدولية، يمكن أن تتم في موعدها المقرر في شباط فبراير 2011. تجدر الإشارة إلى أن مواعيد الرحلات إلى محطة الفضاء الدولية محكومة بما يسمّى"النوافذ الزمنية"، أي بالأوقات التي تتحقق فيها الشروط المثلى المناسبة للمكوك الزائر، خصوصاً وضعية الشمس عند اتصاله بالمحطة، ما يجنّب خزان الوقود في المكوك التعرّض للتسخين بأشعة الشمس طوال أيام الزيارة. وقد أقفلت النافذة الأولى أمام المكوك ديسكوفري في 8 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، من دون السماح للمكوك بالإقلاع، بسبب عدم إنجاز أعمال الإصلاح. وهناك نافذة مقبلة في الأسبوع الأول من كانون الأول المقبل. ويأمل مسؤولو"ناسا"أن تنتهي عمليات الإصلاح والصيانة سريعاً، كي يتمكنوا من إطلاق المكوك في 3 كانون الأول المقبل، إذا سارت الأمور على ما يرام. وحاضراً، هناك ثلاث مركبات فضائية تتقاسم مهمات فضائية في وكالة"ناسا"، هي:"ديسكوفري"Discovery، و"إنديفور"Endeavour و"أتلانتس"Atlantis. وبعد رحلة ديسكوفري الأخيرة، يطير"إنديفور"في رحلة مماثلة إلى المحطة الدولية، يوضع أثناءها المكوك"أتلانتس"في حال تأهب استعداداً لرحلة إنقاذ، إذا احتاجها"إنديفور". وإذا ما تطلّب أمر إصلاح الأعطال في ديسكوفري وقتاً أطول من الزمن المتبقّي للموعد المعلن للإطلاق، فمن الممكن عندئذٍ تأجيل الرحلة الحالية الرقم 133 إلى شباط 2011، وهو الموعد الذي كان مضروباً للمكوك"إنديفور"في رحلته الأخيرة"أس تي أس 134". وإذا حدث ذلك فسوف تؤجّل مهمة إنديفور إلى وقتٍ ما في شهر نيسان أبريل. ويبقى على جدول الرحلات المكوكية إلى"محطة الفضاء الدولية"، واحدة من المقرّر أن ينهض بها المكوك"أتلانتس"في حزيران يونيو 2011. بعد ثلاثة عقود من برامج إطلاق مركبات فضائية يمكن إعادتها إلى الأرض، تحيل"ناسا"المكوك"ديسكوفري"على التقاعد، ثم برنامج الرحلات المكوكية برمته في أواخر العام المقبل. أكثر من أوتوبيس فضاء خدم المكوك ديسكوفري في الفضاء 352 يوماً، أدّى خلالها مهمات متعددة. وعمل وسيلة نقل فضائية مدرّعة، وسفيراً للأرض في الفضاء، ومختبراً علمياً لبحوث الفيزياء والبيولوجيا. وشكّل ديسكوفري بداية لبرنامج مكوكات الفضاء، وسيكون أول مكوك يحال على التقاعد سالماً. "نحن نطوي أوراق برنامج المكوكات الفضائية"، قال ستيف ليندسي قائد الرحلة 133 إلى محطة الفضاء الدولية، مُضيفاً:"آمل أن يعي الناس هذا التاريخ المثقل بالعمل والتضحيات الذي مكّنا، استناداً إلى مكوكات الفضاء، من استكمال بناء"محطة الفضاء الدولية"وتجهيزها وتوسيع مهماتها. وبعد شهور قليلة، من المحتمل أن لا يرى الناس إطلاق مكوك مماثل مجدداً". لقد استحق ديسكوفري حقاً تقاعده، بعد 26 عاماً ونيّف من المهام المتواصلة التي استُهِلّت في 1984، سجّل أثناءها رقماً قياسياً بلغ 38 رحلة فضائية. وقد نفّذ في تلك الرحلات أكثر من 5600 دورة حول الأرض، وحمل عدداً من الأقمار الإصطناعية إلى مداراتها، من بينها تلسكوب الفضاء"هابل". ووضع المسبار الآلي الروبوتي"أوليسّيس"Ulysses في مسار يمكّنه من دراسة الشمس. ونقل المختبر الياباني"كيبو"إلى المحطة الدولية. ووصل مجموع من سافروا على متنه 180. وسجّل"ديسكوفري"سبقاً بكونه أول مكوك أميركي زار محطة الفضاء الروسية المشهورة"مير"قبل انتهاء خدمتها في 23 آذار مارس 2001. واختير ديسكوفري مرتين في مهمات وُصِفت بأنها"تحدي العودة إلى المدار بعد كوارث الفضاء"، مرةً عام 1988 بعد كارثة انفجار المركبة"تشالنجر7"عام 1986 وفقدان روادها السبعة، ومرة ثانية عام 2005 إثر انفجار المركبة"كولومبيا7"أثناء عودتها من المدار ودخولها الغلاف الجوي للأرض 2003 ومقتل روادها السبعة. ولأنها تعمل في الفضاء أكثر من عشرة سنوات، يرى كثيرون أن المحطة الدولية باتت مزدحمة بالأدوات والمعدات العلمية واللوجستية المتنوّعة. لكن ما سوف ينقله ديسكوفري إلى هذه المحطة، في رحلته الأخيرة، شيء مختلف تماماً. فعدا عن المعدات العلمية المألوفة، تتميّز هذه الرحلة بأنها ستحمل الى الفضاء أول روبوت شبيه بالبشر، هو"روبونوت 2"Robonut 2، الذي يتمتع بمهارات يدوية متطوّرة تمكّنه من إنجاز مهمات مُعقّدة في الفضاء. وفي مهمة أولى له، سيكلّف هذا الروبوت باختبار قدراته على التحرك والعمل في وضعية انعدام الجاذبية في المحطة الدولية، قبل أن يبدأ تلقينه مهماته الاستراتيجية كرائد فضاء- مساعد في مقصورة القيادة. ووصف رائد الفضاء ليندسي عملية تدريب"روبونوت 2"قائلاً:"أعتقد أن من المهم أن نجعله معلّقاً هناك كي نبدأ اللعب معه، وكي نرى ما يستطيع تنفيذه. ونظراً لخبرتي الطويلة في الفضاء، فإن رسم مهمات مسبقة محددة لهذا الروبوت أمر خاطئ. وحين يوضع في المحطة المدارية، ونبدأ العمل معه وتشغيله، سوف نختبر ما هو الاستخدام الأفضل له، هذا هو الهدف العام من مشروع إطلاقه حالياً". في هذه الرحلة، يحمل ديسكوفري إلى محطة الفضاء الدولية فريقاً من ستة رواد فضاء. ويمكث المكوك في هذه المحطة قرابة 11 يوماً، ثم يعيد إلى الأرض ستة رواد ينتظرون عودتهم إلى الكوكب الأم منذ ستة شهور تقريباً. ويحمل المكوك ديسكوفري إلى هذه المحطة أيضاً"الوحدة الدائمة المتعددة المهام"المعدّة لاحتضان الاختبارات العلمية المزمع إجراؤها في الفضاء. وفي رحلات سابقة، اعتاد المكوك أن يحمل معه هذه الوحدة ذهاباً وإياباً في رحلاته الى محطة الفضاء. وفي هذه المرّة، سيودع المكوك الوحدة في هذه المحطة كي تستقر فيها. ومن مهام الرحلة 133 أيضاً، خروج بعض رواد الفضاء في مهمتين منفصلتين، بهدف إجراء فحوص للمحطة وصيانتها وتركيب معدات جديدة عليها. * أكاديمي لبناني