الشيخ محمد بن أحمد بن عبدالله بن سعيد الذي انتقل إلى جوار ربه صباح يوم الأربعاء 12/11/1423ه في مكةالمكرمة والتي جاور فيها بيت الله الحرام منذ أكثر من أربعين سنة، عن عمر ناهز المائة عام، اسم قد لا يعرفه إلا القليل، إلا أن هذا القليل الذي يعرفه رحمه الله، يدرك أنه كان شخصية نادرة ومحبوبة، مثالاً للأمانة والنزاهة والصدق، كان بمثابة الوزير للملك سعود رحمه الله منذ كان ولياً للعهد وبعد أن أصبح ملكاً، وذلك فيما يتعلق بالصدقات والعلماء وطلبة العلم، طلب العلم في الكتاتيب، وكان قبل ذلك قد أتم حفظ القرآن الكريم، وقد رافق مجموعة من علماء المملكة رحمهم الله سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ عبدالله بن حميد، والشيخ عبدالله عبدالغني خياط. امتاز الشيخ محمد بن سعيد رحمه الله، بالأخلاق الفاضلة التي جعلته محبوباً من الجميع، وكان رحمه الله محل تقدير وعناية ولاة الأمر في هذه البلاد، وكانوا دائمي السؤال عنه، ومما يدل على هذه المحبة والمكانة الزيارة الكريمة التي قام بها لمنزل الشيخ محمد رحمه الله في العزيزية بمكةالمكرمة، صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني - حفظه الله - في شهر رمضان قبل الماضي بصحبة عدد من أصحاب السمو الأمراء، والتي كان لها وقع كبير لدى الشيخ محمد بن سعيد رحمه الله وعائلة آل سعيد. عاش رحمه الله تعالى، حياته عابداً، زاهداً زُهد فرض، وزُهد فضل، وزُهد سلامة، فقد أيقن رحمه الله تعالى أن الزهد في الدنيا مفتاح الرغبة في الآخرة، وأن الرغبة في الدنيا مفتاح الزهد في الآخرة، مستشعراً قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» أخرجه مسلم. سألته رحمه الله في احدى زياراتي له عن الدنيا وكيف يراها فقال لي: إنني أنظر إليها كما قال لقمان لابنه: «بحر عريض، قد هلك فيه الأولون والآخرون، فإن استطعت أن تجعل سفينتك تقوى الله، وعدّتك التوكل على الله، وزادك العمل الصالح، فإن نجوت فبرحمه الله، وإن هلكت فبذنوبك»، فقد كان ذلك منهجه رحمه الله في حياته. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا المؤمن: إن أصابته سراءُ؛ شكر؛ فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ؛ صبر، فكان خيراً له» أخرجه مسلم. ورغم مرضه إلا أنه كان يستشعر قيمة الوقت، يقضي معظم وقته في قراءة القرآن والكتب العلمية، وكان يستغل زيارات أقاربه وأصدقائه وأحبابه في قراءة جزء من كتاب أو فائدة استخلصها من قراءاته المتعددة والمتنوعة. لقد تفانى الشيخ محمد بن سعيد رحمه الله في خدمة دينه ومليكه ووطنه خلال فترة عمله مع جلالة الملك سعود رحمه الله، ويذكر الشيخ عبدالكريم الجهيمان - متعه الله بالصحة والعافية -، في كتابه رسائل لها تاريخ «ان محمد بن سعيد شخصية محبوبة من الجميع لما يتحلى به من تواضع جم وأخلاق كريمة وتفان في خدمة المواطنين.. والذي أعرفه عن محمد بن سعيد أنه يعتبر من العباد الزهاد أصحاب القلوب الرقيقة والصفات الحميدة، وقد ترك الرياض في وقت مبكر وسكن مكةالمكرمة وجاور بيت الله الحرام». إن مصابنا فيك يا أبا أحمد كبير، ولكن عزاءنا ذكراك وسيرتك العطرة، وأبناؤك الكرام الذين اكتسبوا من صفاتك الكثير، الأستاذ أحمد والعميد عبدالعزيز مساعد مدير الأمن العام لشؤون العمليات والأستاذ عبدالرحمن مدير التوظيف بشركة سابك والأستاذ صالح رجل أعمال. تغمدك الله يا أبا أحمد بغفرانه، ونقلك إلى رضوانه، وجعل الحسنى التي أعدَّها الله سبحانه وتعالى لأوليائه مقرك ومأواك، إنه سميع مجيب.