في ظل توقف جهود السلام تحاول إسرائيل تكثيف برنامج التهويد للمنطقة المقدسة لطمس ما تبقى من معالم القدس، فهل تنجح إسرائيل في محاولتها لتهويد القدس، وهل تغير الموقف الامريكى تجاه القضيه الفلسطينية بعد احداث سبتمبر؟، وما هي طبيعة الموقف القانوني للمدينة المقدسة، وما هي وضعيه القدس من المنظور العربي ؟ هذه التساؤلات هي محور كتاب جديد بعنوان «القدس لمن»؟ للدكتور عبد الله الاشعل مساعد وزير الحارجية واستاذ القانون الدولي. تناول المؤلف في الفصل الاول قضية القدس بين منطق السلام ومنطق الشرعية، ويشير إلى ان احداث الحادي عشر من سبتمبر ادت إلى التحامل على الإسلام والمسلمين وبالتالي ادت لوضع القضايا الإسلامية والعربية في حالة سيئة، وعلى رأسها قضيه القدس، فقد عقد شارون عزمه بعد 11 سبتمبر على تسويتها بشكل نهائي، باعتبار هذا الظرف فرصة تاريخية لإسرائيل في وضع مخطط التسوية وفقاً لما تراه هي، فوضع شارون مخططاً يعتمد في عناصره التفصيلية على القتل العشوائي دون تمييز واصطياد رموز المقاومة وفق كشوف اعلنتها الحكومة الإسرائيلية، واعتبرت قتلها دفاعا عن النفس الإسرائيلية مستعينا في ذلك بالولاياتالمتحدةالامريكية التي تساندها مساندة عمياء. وأكد د. الاشعل ان قضية القدس سوف تسبب مواجهة حتمية بين العالم الإسلامي والادارة الامريكية، حيث ان السياسة الامريكية الجديدة بعد 11 سبتمبر ستؤدي إلى قهر العالم العربي والإسلامي وإلى تصدي الولاياتالمتحدة نفسها لهم وضمان تسلط إسرائيل. القدس لمن.. ؟؟ وتساءل الكاتب عن وضعية القدس وهل ينبغي ان تكون عاصمة لإسرائيل ام فلسطين، مشيرا إلى جهود إسرائيل لترسيخ مقولة «القدس عاصمة لإسرائيل» وقد ترجمت اسرائيل ذلك في اقامة جناحها بمدينة ديزني لاند تحت شعار «القدس عاصمة إسرائيل» وكذلك في التأكيد على موقع إسرائيل على شبكة المعلومات العالمية «الانترنت» على ان القدس هي عاصمة إسرائيل الابدية وتراجعت تماما مدينة تل ابيب التي شهدت مرحلة قيام الدولة العبرية وتثبيتها. وقد اعتمدت إسرائيل في مقولتها «القدس عاصمة إسرائيل» على حجتين قانونيتين: الاولى ان وضع القدس قد قدرته إسرائيل ولا تعتقد ان ذلك سيثير جدلا لدى الجانب الفلسطيني في اطار الشرعية الاتفاقية، والثانية هي ان الدولة حرة في تحديد وتسمية احدى مدنها لتكون عاصمة لها، وليس على الدول الأخرى الا ان تقبل هذا العمل الداخلي السيادي ولا تتنازع فيه وعليها ان تنقل بعثاتها إلى العاصمة التي تختارها الدولة المضيفة. الفاتيكانوالقدس تطرق د. الاشعل لموقف الفاتيكان من قضية القدس، مؤكدا على رفض الفاتيكان لأية قرارات تتخذ من جانب واحد يكون من شأنها التأثير على وضع القدس على اساس انها غير مقبولة اخلاقيا وقانونيا، وان الحل العادل لمشكلة القدس القائم على القرارات الدولية هو أمر أساسي لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الاوسط، وأكد الفاتيكان على حرية الاديان والمعتقدات للجميع، والمساواة بين الاديان السماوية الثلاثة ومؤسساتها وعلى الهوية الخاصة والطابع المقدس لمدينة القدس وتراثها الديني والثقافي الهام بالنسبة للعالم أجمع مع احترام الاماكن المقدسة وحرية الدخول اليها وممارسة العبادة واحترام نظام الوضع القائم في الاماكن المقدسة دون المساس به. الوضع القانوني للقدس تناول الفصل الثاني وضعية القدس قانونيا مشيرا لوضعها من المنظور الإسرائيلي والمنظور العربي، وان هناك اربعة آراء اساسية خاصة بغرب القدس اولها يتجه إلى ان إسرائيل حازت السيادة على المدينة عام 1948 بعد بريطانيا عندما تركت فلسطين ساد فراغ لا يمكن ملؤه بأي تصرف قانوني، والرأي الثاني يذهب إلى ان السيادة على غرب القدس معلقة حتى يتم التوصل إلى تسوية شاملة، والثالث يرى ان الشعب العربي الفلسطيني لايزال يتمتع بالسيادة القانونية على كل فلسطين بما فيها القدس منذ عصر الانتداب، اما الرأي الرابع فيذهب إلى ان وضع القدس لايزال يخضع لقرار التقسيم الذى جعل القدس كلها كيانا منفصلا ومستقلا عن الدولتين العربية والعبرية وهو رأي الاممالمتحدة، اما شرق القدس فقد اعتبره القضاء الإسرائيلي جزءا من الدولة العبرية. واشار المؤلف إلى القدس من المنظور العربي فيقول يجب ان نميز بين الموقف السياسي والموقف القانوني الذى يجب تكوينه بشكل متماسك لمواجهة تحويلات الموقف السياسي بشأن وضعيه القدس وقد أكد ان العرب من قبل على الموقف السياسي والعربي والإسلامي للقدس من خلال اعلانهم المستمر بإقرار التقسيم المشروع وانه اساس حق الفلسطينيين في اعلان دولتهم في الجزائر 15 / 11 / 1988، وانتقد الاشعل موقف بعض الدول من اغفالهم أية اشارة للقدس الغربية وان هذا الموقف ضياع للحق العربي بالاراضي المقدسة. تعزيز الحق العربي استعرض المؤلف في الفصل الثالث والاخير اطار الشرعية الدوليه للقدس مشددا على ضرورة التحرك العربي والإسلامي لإنقاذ المدينة المقدسة وقدم عدة مقترحات من شأنها تقرير الحق العربي والإسلامي وترسيخ الشرعية الدولية للقدس أهمها : التمسك بقرار التقسيم الصادر من الجمعية العامة للامم المتحدة بصفته الأساس القانوني لحق العرب في القدس كلها، هذا بجانب قرار مجلس الامن رقم 242 والصادر عام 1967 الذي يعتبر ان القدسالشرقية (ارض احتلت في النزاع الأخير) استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يطلب من محكمة العدل الدولية بتحديد التزامات الدول بموجب قرار مجلس الامن رقم 478 لعام 1980 بشأن القدس، هذا بجانب تشجيع المسلمين في جميع انحاء العالم على زيارة المسجد الاقصى وسوف يصعب على إسرائيل ان تمتنع عن منح تصاريح للزيارة وحرية وصول المسلمين إلى الأماكن المقدسة.