دعت فصائل فلسطينية، من بينها حركة «حماس»، دولة الفاتيكان إلى التراجع عن توقيع اتفاق مع إسرائيل ينطوي على اعتراف منها بالوضع القانوني غير الشرعي الذي شرعت إسرائيل في تطبيقه في مدينة القدسالمحتلة غداة احتلالها عام 1967. وكانت «الحياة» حصلت على مسودة «الاتفاق الاقتصادي» بين الكرسي الرسولي ودولة إسرائيل، الذي تم التفاوض عليه في اجتماع بين الجانبين في 25 كانون الثاني (يناير) الماضي. وأعربت «حماس» عن قلقها الكبير من إقدام دولة الفاتيكان على توقيع اتفاق مقترح بين دولة الفاتيكان والاحتلال الإسرائيلي يتضمَن اعترافاً بالوضع غير القانوني الذي فرضه الاحتلال على المناطق والكنائس المسيحية في القدسالمحتلة منذ عام 1967. واعتبرت في بيان مساء الأحد نقلته وكالة «صفا» أن «هذه الخطوة تنازل خطير لصالح الاحتلال الذي يمعن يومياً في سياسته التهويدية، وانتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي». وأكَّدت أنَّ «المعالم والمقدسات الإسلامية والمسيحية على حدٍ سواء، ستبقى فلسطينية عربية، ولن تكون للاحتلال يدٌ في السيطرة عليها أو إدارتها»، مشيرة إلى أن «شعبنا الفلسطيني، بمسلميه ومسيحييه، سيقف موحّداً في مجابهة كل مخططات الاحتلال». وحذرت «حماس» من خطورة هذا الاتفاق، ودعت دولة الفاتيكان إلى عدم إبرامه مع الاحتلال، وحملتها المسؤولية الكاملة عن تبعاته إن تم. كما دعت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى التدخل الفوري لمنع هذه السابقة الخطيرة، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية من خطر الاحتلال ومخططاته. وقال عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» الشيخ نافذ عزام ل «الحياة» أمس إن ما ورد في الاتفاق وفق ما نشر «خطير ويمس القدس ووضعها»، معتبراً أنه «في حال كانت هذه المعلومات صحيحة وتم توقيع الاتفاق، فإن ذلك يمثل خطراً كبيراً على القضية الفلسطينية والعلاقات بين الدول العربية والإسلامية والفاتيكان». ودعا دولة الفاتيكان إلى «إعادة النظر في موقفها»، وقال: «سننتظر إن كان سيتم توقيع الاتفاق أم لا، وحينها سيكون للفلسطينيين والدول العربية والإسلامية موقف منه». وقال عضو اللجنة المركزية ل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، مسؤول فرعها في قطاع غزة كايد الغول ل»الحياة»، انه «في حال توقيع الاتفاق، فإن ذلك يعني تحولاً نوعياً في موقف الفاتيكان من حقوق الشعب الفلسطيني». ورأى أن «خطورة الاتفاق، في حال توقيعه، تكمن ليس فقط في تراجع الفاتيكان عن رفضها احتلال إسرائيل القدس والأراضي الفلسطينية، بل سيعطي اعترافها بإجراءات الاحتلال في القدس بعداً دينياً نظراً لمكانة الفاتيكان في العالم». وقال إن «دولاً أخرى ستتكئ على موقف الفاتيكان في الانتقال بموقفها إلى العلن، بما في ذلك بسط السيادة الإسرائيلية غير الشرعية على القدس». وأضاف أن «هذا الموقف قد يقود هيئات دينية أخرى إلى أن تحذو حذو الفاتيكان، وربما تسريب أراض فلسطينية لإسرائيل». وشدد على أن «موقف الفاتيكان يُضعف المواقف الدولية التي تؤكد عدم شرعية الاحتلال في القدس والأراضي الفلسطينية، وبموجبها رفضت كل دول العالم نقل سفاراتها إلى القدس تعبيراً عن رفضها الإقرار بشرعية الاحتلال». واعتبر أن «موقف الفاتيكان يتناقض مع القانون الدولي واتفاقات جنيف الأربعة وقرارات الشرعية الدولية، بما فيها الأممالمتحدة، ويتناقض مع اتفاقاتها السابقة مع إسرائيل، ويشجع الأخيرة على التنصل من الالتزامات المترتبة عليها، سواء بفعل القرارات الدولية أو الاتفاقات التي وقعتها»، في إشارة إلى اتفاقاتها مع منظمة التحرير الفلسطينية. ودعا الفاتيكان إلى «عدم توقيع الاتفاق واستمرار التمسك بموقفها الرافض الاحتلال من جهة والداعم حقوق الشعب الفلسطيني وكفاحه من أجل حريته وحرية وطنه». وشدد عضو المكتب السياسي ل «الجبهة الديموقراطية» صالح ناصر على أن «من المفترض أن تدعم الفاتيكان حقوق الشعب الفلسطيني، وتمكنه من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية والأممالمتحدة، واستخدام كل الوسائل لطرد الاحتلال، وعدم تكريس شرعية الاحتلال وتهويد القدس». وقال ل «الحياة» إنه في حال تم توقيع الاتفاق، فإن ذلك سيمثل «سابقة خطيرة ومرفوضة في انتهاك حق الشعب الفلسطيني في أرضه ودولته وعاصمتها القدس». وطالب الفاتيكان ب «التراجع عن مثل هذه الاتفاقات الضارة بقضية الشعب الفلسطيني». وأضاف: «إذا كانت القدس محتلة بالأمر الواقع، فإن الاعتراف بشرعية الاحتلال في القدس والأراضي الفلسطينية مرفوض»، مشدداً على أن «الشعب الفلسطيني يناضل من أجل تحرير أرضه، وعلى الفاتيكان والدول المحبة للسلام والعدل في العالم مساندته على تحريرها».