قفزت أسعار النفط العالمية منذ فبراير الماضي بنسبة تصل إلى 30% سواء للخام برنت الخفيف أو خام القياس الأمريكي «غرب تكساس الوسيط» للعقود الآجلة وذلك لعدة أسباب، ولعل أبرز هذه العوامل هي تزايد احتمالات الحرب الأمريكيةالعراقية يوماً بعد يومٍ وتزايد الحشود العسكرية الأمريكية والبريطانية، والسبب الآخر لارتفاع الأسعار هو استمرار الأزمة الفنزويلية (خامس أكبر مصدر للنفط في العالم) وإضراب عمال النفط لديها ودعم المعارضة لها للإطاحة بالرئيس هوجو شافيز وما زالت مستمرة، وسبب ذلك إيقاف تصدير النفط الفنزويلي منذ مطلع شهر ديسمبر الماضي بما لايقل عن مليوني برميل كذلك انخفاض المخزون النفطي الاستراتيجي الأمريكي لتزايد احتمالات البرد القارس المتوقع وارتفاع الأسعار في الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذه الزيادة في الأسعار للنفط دفعت منظمة «الأوبك» إلى التأكيد على استعدادها لتغطية أي نقص في الإمدادات ولعل اجتماع يوم الأحد القادم في أبوظبي سيبحث زيادة الانتاج من مليون ونصف المليون إلى مليوني برميل في محاولة لكبح الأسعار المرتفعة والتي هي ليست مفيدة للمنظمة في الأمد الطويل ولكن هذا الارتفاع يرحب به كثيرا دول الصقور المنتجة في المنظمة التي تعمل على ان يكون السعر بأعلى مستوياته وبعكس الدول الأخرى ومنها المملكة التي تعمل على أن يكون سعر النفط متوازناً ويلبي حاجة المصدرين والمستهلكين في وقت واحد وتستهدف المنظمة وبشكل معلن سياسية سعرية محددة وهي ما بين 22 و28 دولاراً للبرميل الواحد. إن استمرار السعر بأكثر من 30 دولاراً مؤشر إلى ان هناك نقصاً بالمعروض بالسوق النفطي اما لأسباب الأزمة الحالية العراقية أو معوقات انتاجية كما هي الحالة في فنزويلا وغيرها واستمرار السعر مرتفعاً يعني استمرار التضخم المتزايد في أوروبا وزيادة تكلفة الإنتاج واستمرار الانكماش الاقتصادي الأمريكي والذي يحاول البنك الفيدرالي الأمريكي الخروج من هذا الانكماش بخفض سعر الفائدة والذي أصبح غير فاعل التأثير حيث وصل سعره الآن لأدنى مستويات منذ عقود طويلة وهو سعر 25 ،1%.. والآن هناك خطة أمريكية أخرى أعلنها الرئيس بوش في شيكاغو والتي تعمل على ضخ 670 بليون دولار على مدى 10 سنوات (هذه السنة يصل الخفض إلى 100 بليون دولار فقط) وذلك من خلال خفض الضرائب على الشركات والمؤسسات كذلك خفض الضرائب على الأفراد والتي يسددها 92 مليون أمريكي بمعدل 1083 دولاراً سنوياً للتشجيع على مزيد من الانفاق والاستثمار. ان استمرار السعر في الارتفاع كما هو حالة السوق الآن يُعتبر مضراً للدول النفطية الغنية انتاجا واحتياطا حيث ان ارتفاع السعر يحفز الشركات النفطية العالمية للتنقيب عن النفط كذلك يشجع كثيراً من الدول خارج «الأوبك» كروسيا إلى زيادة الانتاج لأعلى مستوى كما هي الحالة الآن فهي تنتج ما يقارب 6 ،7 ملايين برميل وكل هذا الضخ في السوق النفطية سينعكس على المعروض والسعر وعند انتهاء الأزمة العراقية والتي يتوقع لها ألا تطول وعودة العراق للسوق النفطية بطاقة انتاجية لن تقل في المراحل الأولى عن مليوني برميل وكذلك انتهاء الأزمة الفنزويلية واضراب عمال النفط ستعود السوق بعدها إلى حالتها الطبيعية وبالتالي عودة الاسعار إلى ماقبل الأزمة وأقل. إن ارتفاع السعر الحالي هو مؤقت ولن يطول كثيراً فهي أيام معدودة محددة بأيام الأزمة بشكل رئيسي وهي ليست مجدية للمنتجين الكبار ولا للاقتصاد العالمي الذي يعاني من انكماش طويل وخانق فارتفاع النفط يعني ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم وثبات الانكماش وهناك علاقة طردية بين أسعار النفط والتضخم والانكماش أو الركود الاقتصادي والذي أنهك كثيراً من الدول ان السياسة النفطية التي تقوم بها «الأوبك» هي الأفضل وهي متوازنة ويجب العمل على توازن سعري يحقق أهداف المنتجين ويرضي المستهلكين في آن واحد وان يكون هناك تركيز على «بكم» سعر برميل النفط وليس القياس كم ننتج فهناك وفرة في الانتاج واحتياطيات ضخمة لدى كثير من الدول فيكون الخيار الأجدى هو السعر على المدى الطويل وبنطاق ما حددته أوبك وهو ما بين 22 إلى 28 دولاراً.